تقارير ومقابلاتمحلياتمرئياتومضات

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”:خطاب الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة وموقفهما من الصحوة الإسلامية اتسم بالشّدة والعدائية

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”:

 

  • خطاب التشدد وكيل الاتهامات للصحوة الإسلامية بالعمالة والرجعية من قبل المتنفذين الكبار في مسيرة الجبهة والحزب الشيوعي وإعلامهم، أنتج خسائر لنا جميعا
  • مرحلة “أبو السعيد” محمد بركة شهدت تغيرا في التعاطي ومبادرات لنشاطات مشتركة تحت سقف المتابعة واللجنة القطرية
  • حذار أن يكون دورنا الاستعلاء الأناني المجبول بنوع من الكبر والغطرسة، فهذا لا يمكن أن يتّفق مع المشروع الإسلامي، نحن مع الناس ولا نحمل مشروعًا إعلاميًا وفكريًا فقط، بل نحمل مشروعًا اصلاحيًا ومشروع حياة، فيه احتضان للآخرين

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

 

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المرئية ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (16) أكمل رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، مقاربته لخطاب الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة وموقفهما من الصحوة الإسلامية واتسامه بالشّدة والعدائية، وتحدث الشيخ رائد عن مرحلتين بخصوص موقف الشيوعيين والجبهة من المشروع الإسلامي.

 

الحزب الشيوعي والجبهة والموقف من الإسلاميين

يرى الشيخ رائد صلاح أنَّ خطاب الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة في التعاطي مع الصحوة الإسلامية ولاحقًا مع الحركة الإسلامية، ينقسم إلى مرحلتين، ويقول في التفصيل: “اتهام الصحوة الإسلامية بالعمالة لأمريكا أو بالرجعية، كان يتكرر- مع شديد الأسف- في خطاب الحزب الشيوعي والجبهة، وهي التهمة التقليدية التي اتهمت فيها الصحوة الإسلامية في كل العالم، أو اتهامنا بالولاء لإيران واتّباع الثورة الخمينية. كانت هذه التهم تعود على نفسها في تلك الأيام. وللإنصاف فإنه في التعامل معنا من قبل صحيفة “الاتحاد” والحزب الشيوعي والجبهة مررنا في مرحلتين، المرحلة الأولى كانت مرحلة الكبار من المتنفذين في “الاتحاد” والحزب والجبهة، ثمّ لاحقًا كانت مرحلة ثانية من التعاطي، وأجزم أنه حصل تغير في التعامل، وكان الأخ محمد بركة “أبو السعيد” على رأس من مثلوا المرحلة الثانية”.

وأضاف: “ما قبل المرحلة الثانية، كان التعامل من قبل المتنفذين في الحزب والجبهة وصحيفة “الاتحاد”، يتسم بتوجيه الاتهامات، والسبب- برأيي- يعود إلى جدلية العلاقة والتي لا يزال لها بقايا. لا شك أنَّ الجيل الكبير المتنفذ في الحزب والجبهة، كان يتعامل مع الآخر بطريقة متعالية، من حيث الشعور بأنه الأول وأنه صاحب السبق، وهذا دفع لعدم احترام الآخر وأنه غير موجود على الساحة. هذا الجيل الكبير في الحزب الشيوعي والجبهة، حمل نفسية الوصاية على الآخرين وحاول فرض موقفه عليهم. ولا تزال لهذه النفسية بقايا حتى الآن. وقبلنا عانت حركة أبناء البلد من نفس هذه الأبعاد من قبل المتنفذين الكبار في مسيرة الجبهة والحزب الشيوعي وإعلامهم. هذا الشكل من التعاطي مع الآخرين أنتج خسائر لنا جميعا”.

وضرب الشيخ رائد أمثلة تُبيّن منطق الاقصاء في تعامل المتنفذين “الكبار” في الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة مع الآخرين ومنهم الصحوة الإسلامية. يتابع: “في مرة من المرات كانت هناك لجنة اسمها “لجنة الدفاع عن الأراضي”، وضمت أعضاء يفترض أنهم يمثلون كل المكونات السياسية في الداخل الفلسطيني، وقد دعيت إلى اجتماع لهذه اللجنة منتصف الثمانينيات، وكان رئيس اللجنة في تلك الفترة المرحوم فضل نعامنة “أبو ناصيف” رئيس مجلس عرابة الأسبق. في هذا الاجتماع جرى الحديث عن ضرورة تنشيط عمل اللجنة وترتيب أوراقها وضخ دماء جديدة فيها. تبنينا في الحركة الإسلامية وأبناء البلد- واعتقد أيضا الحركة التقدمية ممثلة برئيسها الأخ محمد ميعاري-، وجهة النظر القائلة بإعادة بناء اللجنة، وبعد نقاش طويل بشكل واضح أنّه لا بد من إعادة بناء اللجنة مرة ثانية وإتاحة المجال لمن يرغب بالدخول إليها- وقد كتبنا ملخصًا حول هذا الأمر. وانتهى ذلك الاجتماع بناء على الاتفاق المذكور. ولكن تفاجأنا أنَّ الجيل المتنفذ في الحزب الشيوعي والجبهة رفضوا إعادة بناء اللجنة وكأن لسان حالهم يقول لنا “هذه شجرة نحن زرعناها وأنتم تريدون أن تأخذوها منّا”. هذه كانت نظرتهم- للأسف- ما أدّى فيما بعد إلى توقف دور “لجنة الدفاع عن الأراضي” إلى هذه اللحظات. مثال آخر: الاعتداء على المقدسات في حينه كان حديث الساعة، وصحيفة “الاتحاد” كانت تكتب عن الموضوع. ثمّ أُقيم نشاط لتأسيس مؤتمر للدفاع عن المقدسات، فماذا حدث؟ تمّ تجاهل كل الصحوة الإسلامية من الدعوة لهذا المؤتمر. فلما رأينا هذا التجاهل بدأت تتبلور لدينا فكرة إقامة مؤسسة لرعاية المقدسات والدفاع عنها. مثال ثالث: بعد الانتفاضة الأولى والتي تحولت إلى حديث كل العالم، تقرر في لجنة المتابعة- والتي كان يرأسها في تلك الفترة المرحوم إبراهيم نمر حسين “أبو حاتم”- أنَّه لا بد من تشكيل لجنة عامة قُطرية للإغاثة، وجرى دعوة مكونات اللجنة إلى اجتماع بهذا الخصوص- مع الإشارة إلى أننا في الحركة الإسلامية كنا على صعيد البلدات العربية قد بدأنا بحراك إغاثي. شاركنا في هذا الاجتماع الذي دعت إليه المتابعة وعُقد في مبنى بلدية شفاعمرو الحالي، ثمّ وقف أحد الإخوة- دون ذكر اسمه- خلال الاجتماع ملخصًا، وقال إنه اتفق على تشكيل لجنة إغاثة عامة، وقرأ عدة أسماء لتكون في عضوية اللجنة دون أن يذكر اسم أي شخص من أبناء الحركة الإسلامية، فتساءلنا عن أسباب هذا التجاهل، وتحدثتّ أنا عن نشاطاتنا التي كانت قد انطلقت في كل البلدات لجمع التبرعات وإغاثة أهلنا في الضفة وقطاع غزة، ثمّ قلت: “مبروك عليكم اللجنة” ولكن اسمحوا لنا  أن يكون لنا اجتهادنا كلجنة إغاثة تمثل الحركة الإسلامية، وبدأت فعلًا الاستعدادات لقيام لجنة إغاثة إسلامية استلم مهامها الدكتور سليمان أحمد وقد أبدع في مهمته حتى أصبح للجنة الإغاثة الإسلامية، اسمها وحضورها العالمي”.

 

الحفاظ على مساعي العمل المشترك

يؤكد الشيخ رائد صلاح أنَّ الصدام الفكري بين المشروع الإسلامي والحزب الشيوعي والجبهة كان واضحًا ولا يمكن تجاهله، مضيفًا أنَّه “لم تكن هناك إمكانية للجمع بين الفكر الإسلامي والفكر الشيوعي، لأن لكل فكر كانت خصائصه المعروفة، ولكن طمعنا رغم هذا الاختلاف الفكري والبون الشاسع بيننا، أن نحافظ على مساعي العمل المشترك الممكن لحمل هموم مجتمعنا في الداخل. هذا الأمر (السعي لعمل مشترك) تبلور- نوعًا ما- بشكل أفضل في مرحلة قيادة “أبو السعيد” الأخ محمد بركة. والذي ساعد في تليين هذا الموقف، هو العمل من خلال اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية والعمل من خلال لجنة المتابعة، وبالفعل بدأت مرحلة مهمة من العمل داخل الدائرة الشاملة العامة لكل مجتمعنا بكل قياداته وأحزابه ومشاربه. ومن أهم المبادرات المشتركة التي تمَّت تحت سقف المتابعة واللجنة القطرية، كانت إقامة خيام اعتصام للضغط على السلطات الإسرائيلية في مسألة تمرير ميزانيات للسلطات المحلية العربية. كذلك كانت مبادرة مشتركة عبر إقامة خيمة اعتصام- ضمت الجميع- احتجاجًا على إبعاد المئات من أبناء شعبنا إلى منطقة “مرج الزهور” في لبنان عام 1992″.

 

“نحن دعاة لا قضاة”

في مقاربته لخطاب الجيل الكبير من أبناء الصحوة الإسلامية والجيل الأصغر والذي وقف على رأسه، يقول الشيخ رائد صلاح: “اعتمدنا في الجيل الثاني من الصحوة الإسلامية، خطابًا مبشرًا، أبعدنا عن أنفسنا خطاب التنفير، والغلظة والاتهام والتجريح من خلال القاعدة النبوية التي تحثّ على طيب المعاملة، لأنَّ تأثيرها أقوى من الكلام وخطب الجمعة والدروس والمقالات، فالمعاملة الحسنة هي صاحبة التأثير الأول الذي جمع إلينا قلوب العديد من الكبار والصغار. مثال على ذلك: كنت ومجموعة من أقراني من نفس الجيل نصلي في مسجد المحاجنة، وكان المرحوم “أبو حمدان” قيمًا على المسجد، وكان صوفيًا من أتباع “الجيلانية”، ومع حسن المعاملة بيننا وبينه، احترمنا جدًا واستقبلنا بترحاب ووجه بشوش. كذلك اجتمعت بيننا وبين “سيدي أمين طميش” علاقة مودة ومعاملة طيبة، وقد وافقنا على أي توجه بادرنا إليه. ما أريد قوله إن أسلوب التنفير مرفوض، فنحن دعاة لا قضاة ولسنا بغاة، نحن أصحاب فكر نؤمن بكسب القلوب لا بكسب المواقف، نحن أصحاب فكر قائم على النصيحة وليس الاتهام، ويجب أن نحافظ على هذه الخصائص إلى جانب قاعدة الدين النصيحة”.

وأضاف: “على الصحوة وأبناء المشروع الإسلامي أن يعتبروا أنفسهم خدمًا لهموم مجتمعنا، وأن يجتهدوا بحملها، ويخالطوا الناس بآمالهم وآلامهم، وأن يكونوا كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ”، فهذه القيم أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة- رضوان الله عليهم- بها وطاف الأسواق وهو يرددها. لذلك يجب على الصحوة الإسلامية أن تجدد العهد مع هذه القيم في كل مكان. وحذار أن يكون دورنا الاستعلاء الأناني المجبول بنوع من الكبر والغطرسة، فهذا لا يمكن أن يتّفق مع المشروع الإسلامي، نحن مع الناس ولا نحمل مشروعًا إعلاميًا وفكريًا فقط، بل نحمل مشروعًا اصلاحيًا ومشروع حياة، فيه احتضان للآخرين”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى