أخبار رئيسية إضافيةمقالات

عندما تكون الوشاية من ذوي القربى!!

ساهر غزاوي 

 

أثناء وبعد مرحلة جمعي للمراجع والمصادر المرتبطة بكتابة وتأليف كتاب (مقاربات إسرائيلية لحظر الحركة الإسلامية) الذي صدر عن منتدى “المدينة الثقافي” في مدينة أم الفحم عام 2021، وقفت على عدد لا بأس به من المواقف والتصريحات التي تعود لذوي القربى من أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل، والتي كلها للأسف الشديد تدعم- بقصد أو بغير قصد- الموقف الإسرائيلي وتزيد من أجواء الشحن والنار الهائجة استعارًا، ليس فقط لدعم اتخاذ القرار بحظر الحركة الإسلامية، إنما من أجل مواصلة ملاحقة هذه الحركة والتضييق عليها حتى تتخلص من “خطر وجودها” نهائيًا ومن تأثيرها على الساحة السياسية والاجتماعية والدينية أيضًا.

ما كنت لأسوق هذا الكلام ولا لأتطرق إلى هذا الموضوع، وخاصّة ونحن نعيش في مرحلة تزدحم فيها الأفكار والمواضيع التي بالإمكان طرحها وتناولها يوميًا وليس فقط في المقال الأسبوعي، غير أن وشاية القاضي عبد الحكيم سمارة ضد قاضيين إلى ممثلية شكاوى الجمهور ضد القضاة بسبب مشاركتهما في مؤتمرين بحضور الشيخ رائد صلاح رئيس لجان إفشاء السلام، دفعتني- من باب اطلاع الناس على بعض المعلومات التي ربما تخفى على الكثير- للعودة إلى النبش في تلك المصادر والمراجع والعودة إلى أصحاب تلك المواقف والتصريحات التي اتخذت من الحركة الإسلامية المحظورة شماعة للتخويف منها من أجل الحفاظ على نفسها وتعزيز نفوذها في الساحة السياسية والاجتماعية والدينية ولو على حساب “الوشاية المُعيبة” التي وإن أتت في سياقات مختلفة إلا أنها كلها ترمي إلى نفس الهدف.

وحتى نُحسن التمييز بين الأمور ونُحسن وضعها في نصابها الصحيح ولا نخلطها مع بعضها البعض، فعلينا أن نُميز بين “الوشاية المُعيبة” وبين النقد البنّاء، وإن كان النقد حادًا نوعًا ما، وإن كان النقد أيضًا نابعًا من اختلاف التعددية السياسية والفكرية والحزبية، فهذا كله محمول ومحمود ومطلوب والحركة الإسلامية قبل وبعد حظرها، وبحكم أنها من تعرض للحظر الإسرائيلي الظالم، فهي أكثر من يحتاج إلى المراجعات والتقييمات واستخلاص العبر والدروس، وهذا عمل إيجابي بحد ذاته ولا يُنقص من قدرها ومكانتها شيئًا، ولا يغير ولا يؤثر على حقيقة أنها حُظرت وهي في أوج عطائها وتميّزها في مشاريعها المختلفة وكانت الأوسع انتشارًا والأكثر تأثيرًا في الشارع العربي في الداخل الفلسطيني وقد تجاوزت الطور النخبوي وتمكنت من تعميق تفاعلها الجماهيري وهذا كله دون أن تخرج عن القانون الإسرائيلي أو حتى تخالف بندًا واحدًا من بنوده.

للتأكيد مرة أخرى، فإن الحركة الإسلامية قبل وبعد حظرها ليست فوق النقد، لكن أن يكون ذلك في إطار النقد البنّاء، لا أن يكون نابعًا من حسابات شخصية وحزبية ضيقة، ولا أن يكون النقد على شكل الوشايات المُعيبة، ولا فرق إن كانت بقصد أو بغير قصد ما دامت نتيجتها واحدة وما دامت تصب في نفس هدف التحريض وتأليب الموقف الإسرائيلي على مواصلة ملاحقة وتضييق الخناق على قيادات وشخصيات معتبرة حتى تنتهي وتتخلص من “خطر وجودها” وتأثيرها على الساحة السياسية والاجتماعية والدينية، لتخلو الساحة لحميدان ليصول ويجول بمفرده وكما يشاء في الميدان!!

ولأن الحديث يطول والمجال لا يتسع، فأعرض هنا بعضًا لنماذج من الوشايات الإعلامية والسياسية الأكاديمية التي انضمت إليها مؤخرًا وشاية القاضي عبد الحكيم سمارة.

1- في ذروة أجواء الشحن الإسرائيلي التي سبقت قرار الحظر ضد الحركة الإسلامية بأيام قليلة، شارك أحد القيادات السياسية العربية والذي يمثل تيارًا ونهجًا معينًا في “مؤتمر إسرائيل للسلام” وقال من جملة ما قاله: “يوجد عندنا متطرفون كما يوجد عندكم متطرفون (يقصد العرب واليهود) لكن هؤلاء المتطرفين، لا يشكلون خطرًا على أنفسهم فقط، وهم واثقون أنهم سيبقون ويستمرون ولا أحد يتعرض لهم ويعترض عليهم، لأن السلطة والحكم هنا نوعًا ما تشجعهم على ذلك…”.

2- نقلت إحدى وسائل الإعلام العبرية في 17/11/2015 يوم قرار حظر الحركة الإسلامية، موقفًا مؤيدًا لرئيس إحدى المجالس المحلية في منطقة النقب، يؤكد فيه على مباركته لقرار الحظر ويقول بالحرف الواحد: “حان الوقت لإعادة الاتزان لمواطنينا، للأسف الشديد كمواطنين في دولة إسرائيل تدهور الوضع في السنوات الأخيرة، وأنا أعني جميع المواطنين، وكل حركة متطرفة – من اليمين أو اليسار- يجب إخراجها عن القانون”.

3- في 16/8/2020، وهو اليوم الذي دخل فيه الشيخ رائد صلاح السجن لقضاء محكوميته بالسجن الفعلي، البالغة 28 شهرًا، نشر أحد الأكاديميين العرب مقالًا له بإحدى وسائل الإعلام العبرية المشهورة، وبقصد أو بغير قصد، فإنه راح يشرق ويغرب في قراءته وتحليله لحالة الملاحقة السياسية المستمرة للشيخ رائد صلاح ومما كتبه: “بعد خمس سنوات من حظر الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، يمكن فحص ما إذا كانت أنشطته الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والدينية مستمرة.. إذا نحن علمنا ذلك، فمن المؤكد أن أجهزة الأمن والقانون والمؤسسات الإسرائيلية تعرف ذلك. فلماذا لا يمنعون الجناح الشمالي للحركة الإسلامية من العمل بشكل حقيقي؟”.

4- قبل أشهر قليلة، نشر أحد الصحافيين اليهود تقريرًا موسعًا عن نشاط لجنة إفشاء السلام، وادّعى مما ادّعاه أن نشاط هذه اللجنة لا يخلو من النوايا السياسية، وادّعى أيضًا أن هذا النشاط يهدد شعبية القائمة الموحدة في انتخابات الكنيست والنشاط الإسلامي للحركة الجنوبية خاصة في معقل قوتها بالنقب، وهذا ما أكده له أيضًا أحد قادة الجمهور العربي في النقب، كما جاء في التقرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى