أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

“أم الكبيش”.. يزرع الفلسطيني الأشجار نهارًا ويقتلعها المستوطنون ليلًا

يسلك المزارع عبد الله بني عودة طرقاً وعرة يحمل فيها جالونات المياه على أكتافه ليسقي أشجار أرضه بقرية “أم الكبيش” إلى الجنوب الشرقي من مدينة طوباس.

وبالكاد يمر يوم هادئ على أهل القرية، فقد أصبح الوصول لأراضيهم بعد معاناة فرٍ وكرٍ مع الاحتلال ومستوطنيه الذين يضعون أعينهم عليها، ويمنعون المزارعين من مد خطوط مياه إلى أراضيهم.

وعلى الرغم من الشقاء والعناء اللذين يواجههما بني عودة فإنه مصممٌ على التمسك بأرضه التي يريد الاحتلال طرده منها بزعم “كونها محمية طبيعية” تقع في الأراضي المصنفة (ج).

يقول: “منذ عام 2012م ونحن نزرع الأرض وهم يقتلعون الأشجار، يحاربنا المستوطنون والجيش والإدارة المدنية التي يديرها”.

وفي شهر مايو/ أيار الفائت هاجمني المستوطنون أنا وابني الصغير “10 سنوات” ونحن نحرث الأرض، وصادروا “تراكتور” وآليات زراعية أخرى، حاولتُ أن أصدهم لكنهم فوراً جاؤوا لي بقوات انتزعت الآليات مني.

ويضيف: “لم يكتفوا بذلك، بل فرضوا عليّ غرامة مقدراها 3300 شيقل لاستخدام تراكتور زراعي، وعلى الرغم من أنني دفعتها فإنهم لم يفرجوا عن المركبة”.

وجرفت سلطات الاحتلال أرض بني عودة مراراً، منها مرتان في عام 2019 وثالثة في عام 2021، لكنه لم يرضخ لذلك، فكلما اقتلعت الأشجار أعاد زراعتها، “يحاربوننا على الأرض وفي المحاكم التي ندور فيها منذ سنوات”.

وتسلم جميع أصحاب الأراضي في “أم الكبيش” في عام 2012م إخطارات بإخلاء أراضيهم، ومنذ ذلك الحين يضيق عليهم المستوطنون بشتى السبل لدفعهم لترك تلك الأراضي، فلا يمر أسبوع إلا ويتعرض مزارعون القرية لاعتداءات المستوطنين المحميين من جيش الاحتلال.

إصرار على البقاء

أما المزارع جهاد بني عودة فيبين أن “أم الكبيش” منطقة جبلية مرتفعة قريبة من مدينة طمون على بعد قرابة كيلومتريْن، والمنطقة تنقسم أراضيها لسهلية وجبلية، والمساحة تبلغ قرابة 400 دونم.

ويمتلك جهاد قرابة 24 دونماً مزروعة بالزيتون يعتمد في سقيها على آبار الجمع بسبب منعه من مد خطوط مياه للأرض، “لذلك أعتمد على موسم الأمطار، فأجمع المياه في الآبار، وأستخدمها وقت الزراعة”.

وفي عام 2012م سلمت قوات الاحتلال جهاد قراراً بإخلاء أرضه، ومنذ ذلك اليوم وهو يدور في أروقة محاكم الاحتلال دون جدوى، في حين تعمل جرافات الإدارة المدنية التابعة للجيش على قلع الأشجار وحرمانها منها مرارًا.

ووثق جهاد بالصور عملية تجريف واقتلاع أشجار الزيتون من أرضه في عام 2019م، ورغم إعادة زراعتها عاودت جرافات الاحتلال اقتلاعها بعد خمسين يوماً، “طمروا الآبار بالطين والأشجار المقتلعة.

ويقول إن ضابطاً في جيش الاحتلال أخبره يومًا بأنه يُتعب نفسه بلا جدوى لأنه كلما أعاد زراعة أرضه سيعيدون اقتلاع الأشجار، لكنني رددتُ عليه بأنني لن أتوقف عن زراعة أرضي مهما كان الثمن”.

وفي شهر يونيو الماضي تفاجأ جهاد باعتداء المستوطنين عليه في أثناء وجوده في الأرض وسرقة التراكتور الزراعي، مشيرًا إلى محكمة الاحتلال أوقعت بحقه غرامة قدرها 5260 شيكلا، دون السماح باسترداد الآلية الزراعية.

وورث جهاد بني عودة أرضه عن جده، ويؤكد أنه لن يتخلى هو وجميع أصحاب أراضي “أم الكبيش” عن القرية.

الوضع القانوني للقرية

من جانبه يقول مسؤول ملف الأغوار في طوباس والأغوار الشمالية معتز بشارات، إن تاريخ “أم الكبيش” يعود إلى ما قبل الرومان، ففيها آثار وشواهد تؤكد أنها كانت معمورة ومأهولة بالسكان منذ الرومان ومن قبلهم.

ويبين أنها ظلت مأهولة بالسكان حتى سنوات الحكم الأردني للأراضي الفلسطينية، حيث توقف السكان عن العيش هناك، وبقيت علاقة المواطنين في المكان إما للزراعة وإما الرعي.

ويمتلك أصحاب الأراضي في القرية سندات ملكية تعود إلى العهد العثماني أو الاحتلال البريطاني، ومعظم أصحاب الأراضي لديهم سندات تسوية غير مكتملة منذ العهد الأردني، وفق بشارات.

ويشير إلى أن ما يعادل نصف مساحة “أم الكبيش” مصنفة أراضي خزينة المملكة الأردنية، والبقية مسجلة بأسماء أهالي القرية، “وبعد إعلان الحكم الذاتي الفلسطيني شهدت أم الكبيش نشاطاً زراعياً مكثفاً، وعمل الأهالي على تأهيل آبار الجمع، واخضرت الأراضي التي تمت زراعتها وريها، وتحولت لمحمية رعوية”.

ويوضح أن سلطة حماية الطبيعة الإسرائيلية أصدرت قراراً في ثمانينيات القرن الماضي يصنف “أم الكبيش” كمحمية طبيعية، ما قيد حرية المواطنين في زراعة أراضيهم والعيش فيها، وقطع علاقة المواطن بأرضه لعشرات السنين، حتى أصبحت القرية ركاماً لمبانٍ تاريخية، وأصدر الاحتلال أوامر إزالة الأشجار، وهدم الآبار، بزعم أن الأراضي ممتلكات دولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى