أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

زيارة الأسرى في سجون الاحتلال رحلة عذاب تخففها رؤية فلذات الأكباد

تتعدد أوجه معاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت ويلات الاحتلال الإسرائيلي أزيد من 75 عاما، ومن بينها تلك التي تعيشها عائلات الأسرى في سجون الاحتلال، حيث الإجراءات المشددة والمعقدة، والذرائع الأمنية التي تعكر صفو زيارات العائلات لذويهم داخل المعتقلات.

رغم شوقها لرؤية أحبتها ومهجة قلبها، ومع قرب موعد زيارة زوجها وابنها الأسيرين داخل سجون الاحتلال، تدخل السيدة منال البرغوثي “أم عبيدة” (43 عاما) من قرية “كوبر” برام الله، في حالة من القلق الشديد من صعوبة الطريق وسلوك سلطات الاحتلال “غير المتوقع” بالتزامن مع شوق متصاعد للجلوس من خلف الزجاج مقابل من حالت قضبان السجون بينها وبينهم.

 

حواجز وتفتيش

رحلة زيارة عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مليئة بالتوتر وعذابات الطريق، إضافة لإجراءات سلطات الاحتلال التي تفاقم تلك المعاناة، وأوضحت البرغوثي، أنها “منذ 10 أعوام وهي تعاني بسبب زيارة السجون، لكنها واحدة من بين آلاف عائلات الأسرى في عدة سجون؛ “هداريم”، و”عوفر”، و”الدامون”، و”بئر السبع”، و”مجدو” و”النقب الصحراوي”.

وعن رحلة الزيارة، أفادت البرغوثي بأنها تعمل على التحضير لها قبل موعدها، وفي يوم الزيارة تغادر منزلها بعد صلاة الفجر، حيث تتجمع عائلات الأسرى في رام الله، ومن ثم ينطلقون في الباصات التي توفرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعند السابعة صباحا يقفون عند حاجز “نعلين”، حيث يحتاج العبور منه لعدة مراحل وإجراءات تفتيش دقيقة.

وأضافت: “من هذه النقطة تبدأ معاناة أهالي الأسرى حتى الرجوع إلى المنزل في وقت متأخر ليلا”، منوهة إلى أنها في هذه الأيام تقوم في بعض الأحيان برفقة بعض أطفالها بزيارة زوجها خلدون ونجلها عبيدة اللذين يقبعان في ذات المعتقل في سجن “النقب”.

وأفادت أم عبيدة بأن الطريق إلى النقب يحتاج لنحو 3 ساعات ذهابا ومثلها في العودة، موضحة أن “أكبر لحظات المعاناة حينما نقف ننتظر عند بوابة السجن، لحظات صعبة جدا، يتم إدخال عائلات الأسرى للزيارة على دفعات، بعد إجراءات مرهقة وتفتيش دقيق على مرحلتين؛ بالأجهزة ومن ثم يدويا”.

ومن بين فقرات المعاناة التي لا تحصى خلال رحلة الزيارة، تعطل الباص أو المكيف في ظل أجواء الحر في الصيف أو البرد في الشتاء، وفي بعض الأوقات تكون الباصات غير مريحة بحسب البرغوثي التي أكدت أن “الناس وخاصة كبار السن والأطفال يعانون كثيرا خلال الزيارة”.

وذكرت أن “أجواء اللقاء عبر الحاجز تكون جميلة جدا ومؤلمة أيضا، والأسير يسعد بأي زيارة وأي لقاء له مع أفراد عائلته، حتى إنه يتشوق لرؤية ابتسامة من يزوره”، معربة عن أملها في تحرر كافة الأسرى قريبا.

 

“أول فرحتي”

والدة الأسير الأردني من أصل فلسطيني ثائر خلف اللوزي، الذي اعتقل بتاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، وحكم عليه الاحتلال بالسجن 19 عاما، تعيش في الأردن، وهي تمر بحياة صعبة عقب اعتقال نجلها، حيث أكدت، أنها لم تتمكن من زيارته منذ اعتقاله.

وعن شعورها في ظل غياب نجلها قالت الأم بألم وحزن: “ثائر هو ابني الكبير، هو عندي بالدنيا كلها، هو كل حياتي، ما في مثل حنانه ولا طيبته”، مخاطبة مراسل “عربي21” بقولها: “إذا كنت متزوجا ولديك أبناء، تعرف جيدا ماذا يعني الابن، وحنان الأم ليس كحنان الأب، وكيف حينما يكون معتقلا لدى الاحتلال، وأنت في بلد وهو في أخرى ولا تستطيع أن تراه”.

وأعربت أم ثائر عن أملها الكبير في أن يتحرر نجلها قريبا أو أن تتمكن من زيارته، مضيفة أن “ثائر أول فرحتي، هو عمري وروحي وحياتي”.

وعن واقع تلك الزيارات وتنظيمها، أوضح رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، أن “أول مظهر من مظاهر التنكيل بحق الأسرى وعائلاتهم، أن القسم الأكبر من أقارب الأسير من الدرجة الأولى؛ الأب، والأم، والأشقاء، والزوجة والأبناء، يبلغون من قبل سلطات الاحتلال بأنهم ممنوعون من الزيارة لأسباب أمنية”.

 

تنكيل متعمد

وأضاف: “كما أن العملية الإجرائية فيها الكثير من المعاناة، حيث تبدأ بالتوجه للصليب الأحمر للحصول على تصاريح الزيارة، ومن ثم خط سير رحلة الزيارة التي هي رحلة عذاب، حيث يتم نقلهم إلى الباصات ومن ثم إلى الحواجز ونزولهم أكثر من مرة للتفتيش، وبعض الحواجز تستغرق عملية عبور الباصات منها ساعات”.

ومن بين مظاهر التنكيل أن “مصلحة السجون الإسرائيلية لا تلجأ إلى إدارة الأمر بشكل ميسر على عائلات الأسرى في تلك الزيارة، حيث إنها تشترط  على من ينتهي من الزيارة أن ينتظر ساعات طويلة مع باقي العائلات من أجل المغادرة دفعة واحدة”، وفق فارس.

وأفاد بأن “زيارة العائلات للأسرى داخل السجون الإسرائيلية المختلفة منذ الخروج من المنزل في ساعات الصباح الأولى وحتى العودة، تستغرق في بعض الأحيان نحو 16 ساعة مع المشقة والمعاناة في أجواء شديدة البرودة أو شديدة الحرارة في الصيف”، منوها إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد التعامل مع أفراد العائلات بطريقة فظة ووقحة، وتقوم بتفتيشهم بطريقة دقيقة دون مراعاة الخصوصية، فالزيارة هي رحلة معاناة وعذاب وذل وهوان”.

ونوه رئيس نادي الأسير إلى أن “هناك العديد من الأسرى منعوا من الزيارة، أو منعت عائلاتهم؛ أي لم يتبق أي شخص من أقاربهم من الدرجة الأولى إلا وصنف أنه ممنوع لأسباب أمنية، لذلك فإن هناك أسرى مكثوا سنوات، وصلت في بعض الأوقات إلى 10 سنوات، دون أن يتمكن من زيارتهم أحد، كما أن هناك بعض الأسرى الذين لا تقيم عائلاتهم في فلسطين المحتلة، وغير مسموح لهم بالزيارة”.

وبين أن “سلطات الاحتلال أحيانا تفرض عقوبات على الأسرى بمنع الزيارة، علما بأن الزيارات تتم عبر حاجز زجاجي ولا يستطيع الأسير أن يتواصل مباشره مع أقاربه إلا في حالات نادرة جدا وبعد إجراءات معقدة، على أن يكون الطلب مثلا مرتبط بظرف صحي، حينها يمكن السماح بلقاء مباشر مدة 5 دقائق”.

وعن عدد الزيارات المسموحة، فلفت إلى أنه “بحسب القانون يسمح بالزيارة مرتين في الشهر ولمدة 45 دقيقة لكل زيارة، ولكن في السنوات الأخيرة توقف الصليب الأحمر عن تمويل وتغطية الزيارة الثانية، حتى إنه رفض الاستمرار في تنظيم الزيارة الثانية رغم أننا تكفلنا بتغطية تكاليفها، لذلك فقد تقلصت الزيارة إلى مرة واحدة في الشهر”.

ويبلغ إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 4700، بينهم 170 أسيرا من قطاع غزة، لديهم برنامج مختلف للزيارة، حيث يمكن السماح لكبار السن أو الأطفال من الأقارب من الدرجة الأولى بزيارة أسيرهم مرة كل 45 يوما، وسط إجراءات مشددة واستثنائية، مع الإشارة إلى منع أسرى “حماس” على الأغلب من الزيارة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى