أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

كل عام ونحن أكثر عقلانية ووعيًا

الإعلامي أحمد حازم

 

تمرُّ الأيام والأسابيع والشهور، وتذهب سنة وتأتي غيرها، على أمل أن تكون أحسن من التي سبقتها. لكن ما نعيشه (على الأقل خلال العشرين سنة الماضية) يعطينا صورة عكسية على جميع الأصعدة وعلى جميع المستويات، محليا، وعربيا، ودوليا.

في كل عام، وبالتحديد في اليوم الأول من كل عام تتردَّد جملة “سنة جديدة سعيدة” مئات الملايين من المرات، فمن الشعوب (وهم قلة نسبيًا) من يشعرون بالسعادة أو على الأقل لا يعانون من ضيق، ومن الشعوب من تزداد عليهم صعوبة الحياة ولا يعرفون “السعادة” إلا كتابة ولفظًا. وبشكل عام الشعوب العربية تنتمي في هذه المعادلة إلى الفئة الثانية عمليا، لكنها وتمسكًا بالأمل يرددون جملة سنة جديدة سعيدة.

اليوم الجمعة، هو اليوم ما قبل الأخير من العام. ويوم الأحد القادم يكون أول أيام العام الجديد. هذه سنَّة الحياة، عام يمضي وسنة تأتي والتي مضت نعرف ما جلبته لنا، والتي ستأتي لا يعلم سوى الله ما ستحمله إلينا، إن كان ذلك من أخبار سارة أو مصائب تزيد من مصائبنا. وبما أننا شعوب تعودت على المصائب فلن تكون المصائب الجديدة مفاجأة لنا، بل السعادة (إن وصلت إلينا) هي التي ستكون مفاجأة.

المضحك المبكي، أنًّ المواطنين العرب يقولون لبعضهم كل عام وأنتم بخير في مناسبات عديدة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الميلاد، وفي رأسي السنتين الهجرية والميلادية. ولكن، عن أي خير يتحدثون؟ سياسيا لم يلمس المواطن أي خير، وسيكون الوضع في ظل حكومة نتنياهو المقبلة، أسوأ بكثير عمَّا سبقه، واجتماعيا فالإجحاف مستمر بحق العربي والتمييز العنصري هو العنوان الرئيس للمرحلة القادمة. فمن أين يأتي الخير يا ناس؟

حكومات إسرائيل السابقة، كرَّست سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كمنهج ثابت مستخدمة سلاح القتل والترهيب والتهويد، وسط غياب الجامعة العربية وغياب موقف عربي داعم لحقهم ورافض لتهويد فلسطين. فعن أي خير يتكلمون؟

في العالم العربي، لا يزال الوضع يسير من سيء إلى أسوأ، (لبنان، سوريا، فلسطين، العراق، ليبيا، السودان، اليمن وتونس). وعالميا، فإن العام الماضي كاد أن يبدأ بكارثة نووية لسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي شنَّها الرئيس الروسي بوتين على أوكرانيا في شهر شباط/ فبراير الماضي، وكان العالم يتوقع أن يستخدم بوتين السلاح النووي، ما يعني انتهاء البشرية. أمَّا نهاية العام، فكانت مخيِّبة للآمال ومصدر قلق كبير بسبب تطورات الأوضاع على الساحة الأوكرانية التي يلوح في أفقها السلاح النووي كخيار ستكون تكلفته أضعاف ما شهدته الحرب العالمية الثانية، كما يقول المحللون.

يوجد نازحون ومشردون ولاجئون من دول عر بية نزحوا الى دول مجاورة وعددهم بالملايين. ألا تكفينا النكبات الفلسطينية لتساهم أنظمة الجامعة العربية بتشتيت المواطن العربي؟ كنَّا نتحدث عن اللاجئين الفلسطينيين واليوم نتحدث عن لاجئين سوريين وعراقيين وليبيين وغيرهم. ملايين العرب تشتتوا وليس الفلسطينيين فقط. ثمَّ يقولون: كل عام وأنتم بخير، لكن الأعوام التي مضت لم تحمل معها سوى الخراب والدمار. ويقولون سنة جديدة سعيدة.

يقول كاتب عراقي قي مقال له: “إن محنة النازحين جرَّاء الحروب والأزمات شكلت التحدي الأكبر والمعضلة لهذه القضية وسط صمت عربي ودولي للبحث الحقيقي لمخارج لهذه المحنة من خلال البحث الجدي عن مصير هؤلاء، وعودتهم إلى ديارهم بكرامة واحترام”. ومع احترامي للصديق الكاتب، لا يوجد أي أفق سياسي لعودة هؤلاء وكل عام وهم ينتقلون من محنة الى أخرى. فكيف سيقتنع هؤلاء- من تشردوا- بأنَّ السنة الجديدة ستكون سعيدة وهم في هذا الوضع؟

وأخيرًا، المجتمعات الحضارية تستعيد ما أنجزته خلال العام المنصرم، ونحن الذين يطلقون علينا اسم “عرب إسرائيل” نتذكر عدد قتلانا. كل عام ونحن أكثر عقلانية ووعيًا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى