أخبار رئيسيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلاتمحلياتومضات

في الحلقة الثانية من “هذه شهادتي”: الشيخ رائد صلاح يواصل حديثه عن شخصيات ساهمت في تكوينه المعرفي والثقافي وعزّزت شغفه باللغة العربية.. دور المرحوم الأستاذ جميل السالم مدير الثانوية في التحاقه بكلية الشريعة في جامعة الخليل

في الحلقة الثانية من “هذه شهادتي”:

 

الشيخ رائد صلاح يواصل حديثه عن شخصيات ساهمت في تكوينه المعرفي والثقافي وعزّزت شغفه باللغة العربية.. دور المرحوم الأستاذ جميل السالم مدير الثانوية في التحاقه بكلية الشريعة في جامعة الخليل

 

  • المرحوم الأستاذ أحمد حسين (أبو شادي) من قرية مصمص، لم يكن معلما للغة العربية فقط، بل كان عالما في العربية، ولا أبالغ إذا قلت إنه وحتى وفاته، ما كان في الداخل الفلسطيني من هو أعلم منه بالعربية
  • بدأنا نستفيد من ثروتنا الفكرية التي بدأت تزداد بشكل تدريجي، وهذا دفعنا أن نعطي دورا جماعيا لتحركاتنا، انطلاقا من فهمنا كطلاب، وجاءت فكرة انشاء حزب اسمه “حزب الإصلاح”

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

 

في الحلقة الثانية من برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، يواصل الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا في العام 2015، ورئيس لجان إفشاء السلام المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، استدعاء محطات في حياته مع شخصيات تربوية وتعليمية كان لها الأثر الكبير في تكوينه المعرفي وصولا إلى انخراطه في الصحوة الإسلامية والعمل الإسلامي وقيادة المشروع الإسلامي في الداخل وتحوله إلى أحد أبرز رموز العمل الإسلامي، في الداخل والخارج.

هذا وتبث حلقات البرنامج تباعا، كل يوم خميس/ الساعة الثامنة مساء، على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب” وصفحة موقع “موطني 48” على “فيسبوك”.

 

معلمون تركوا أثرا كبيرا

بعدما ثمَّن في الحلقة الأولى دور المربي ماجد سعد من أم الفحم بصقل شخصيته في مرحلة مبكرة من تعليمه الابتدائي، استأنف الشيخ رائد صلاح شهادته لشخصيات تربوية وتعليمية ذوّتت لديه شغفه باللغة العربية وأصولها، وآدابها، والتاريخ العربي الإسلامي.

اعتبر أنَّ المرحوم الأستاذ أحمد حسين (أبو شادي) من قرية مصمص، أستاذه في اللغة العربية من الصف الرابع حتى الصف التاسع “لم يكن رحمة الله عليه، معلما للّغة العربية فقط، بل كان عالما في العربية، ولا أبالغ إذا قلت إنه وحتى وفاته، ما كان في الداخل الفلسطيني من هو أعلم منه باللغة العربية، مع كامل احترامي لكل الأسماء اللامعة أصحاب الشهادات العليا في اللغة العربية. هذا إلى جانب أنه كان شاعرا بكل معنى الكلمة، رغم أنني قد أخالفه في جوانب من شعره”.

وأضاف: “من رحمة ربنا وكرمه علينا، أنه (الأستاذ أحمد حسين) هو من علَّمنا اللغة العربية من الصف الرابع حتى الصف التاسع، بعد انتقالنا من حضانة الأستاذ ماجد سعد إلى حضانته. علًّمنا القواعد والإنشاء والأدب وأصول الخط العربي. تميّز أسلوبه بخلاصة مفادها أننا بدأنا نحب اللغة العربية، بل نتعصب لها. شعرتُ أنَّ اللغة العربية بالنسبة لي جذور لا تقل عن جذور تاريخي وجذور تواصلي مع اللجون، وجذور تواصلي مع تديني الذي بدأ ينمو في داخلي، حيث شعرت أنَّ كل هذه المكوِّنات تلتقي في وحدة واحدة، وهي يجب أن تلتقي في كل واحد فينا”.

يتابع الشيخ رائد: “حبَّب إلينا الأستاذ أحمد حسين اللغة العربية، بسبب علمه الغزير، فلم تفته أية معلومة في دقائق الأمور التي قد لا تجدها إلا في كتب النحو العربي القديمة. في مجال الشعر، كان الأستاذ أحمد حسين أحد المتعصبين للمتنبي، كان يعطينا القصيدة ويطلب منّا حفظها غيبا وكنا نحفظها، وحين كان يشرحها لنا كان يضعنا في جو رائع جدا من حيث الفصاحة والخيال اللغوي والإبداع في التحليل. كذلك حرص رحمة الله عليه أن يزرع فينا حب المطالعة، وطالبنا أن نقرأ خلال العطلة الصيفية ثمّ يسأل كل واحد فينا بعد العودة إلى مقاعد الدراسة، ماذا قرأتَ خلال العطلة؟ هذا كله، عزّز في داخلي حب اللغة العربية إلى حد التعصب ودفعني إلى حب المطالعة بشغف لدرجة القراءة الدائمة بما يناسب جيلي وفوق جيلي، وقد ساعدني في ذلك أن أخي عايد وأخي محمد كانا يحبان المطالعة ويحضران الكتب إلى البيت. أذكر أنني كنت لا أزال في بدايات المرحلة الثانوية وكنت بدأت اقرأ عن ابن سينا، والفارابي، وعلم الكلام والفلسفة…”.

شخصيات أخرى ساهمت في بناء شخصيته وترسيخ معاني الانتماء الإسلامي العروبي الفلسطيني لديه؟ يقول الشيخ رائد: “أسماء كثيرة ساهمت بذلك، وكأنها عناية ربانية أن اختار لنا كل معلم ليكمل جهود المعلمين الآخرين، فكان الأستاذ يوسف أبو حسين- رحمه الله- معلمنا للغة العبرية، وكان يحب اللغة العربية، فوضع بصماته أيضا على تعليمنا وحبنا للعربية، لم تخل دروسه من لطائف تتعلق باللغة العربية، كأن يحدثنا عن أديب معين أو يعلمنا أصول الإملاء، وكان يعجب كثيرا بأصحاب الخط العربي الجميل، حبَّبنا في حفظ الشعر فكان يطلب أن نردد خلفه أبيات بعض القصائد حتى يخرج البعض منا وقد حفظ القصيدة كاملة”.

وأضاف: “في تلك الفترة كنَّا نعتقد أنَّ المعلم يعرف كل شيء، حتى لو كان معلم رياضة. وفعلا، الكثير من المعلمين كانوا يتمتعون بثقافة واسعة إلى جانب اختصاصاتهم، كان للمعلم هيبة كبيرة جعلتنا نتوارى منه إن رأيناه في الشارع، وكان الآباء في تلك الأيام يدعمون هيبة المعلم بتفويضهم الكامل له بخصوص أبنائهم. نحن بحاجة اليوم إلى هذا التكامل في العلاقة بين الأهل من جهة والمعلمين من جهة ثانية”.

كذلك أشاد الشيخ رائد صلاح بمعلمه في المرحلة الثانوية الأستاذ محمد فريد- معلم مادة التاريخ، وقال عنه “كانت أول مرة نصطدم فيها بمعلم يدرّسنا التاريخ بأسلوب جديد وليس مجرد سرد أحداث، فمثلا حين درًّسنا (الأستاذ محمد فريد) عن معركة بدر، كان يهمه ما نستنتج كطلاب من المعركة، وكذلك حين درَّسنا عن شخصية سيدنا هارون الرشيد والبرامكة. أذكر في إحدى المرات، أنني كتبت تحليلا عن تلك المرحلة وحاولت بأسلوب إنشائي كان ينمو عندي أن أردّ على ما أثاره المستشرقون حول شخصية هارون الرشيد وعلاقته بالبرامكة، وقد اعجب الأستاذ محمد فريد بما كتبتُ وهذا شجّعني أن استمر في هذا المضمار. كذلك أتذكر الأستاذ “أبو الرائد” معلمنا للعربية في الثانوية وكان من الضفة الغربية،  وأكثر ما حرص عليها تعليمنا كتابة الانشاء والأدب والبلاغة مما زاد في حبنا للغة العربية. كنا نتنافس فيمن يريد أن يكتب أفضل موضوع انشاء، ومرة كتبت قصة قصيرة أظنّها أول محاولة لي، وحين انتهيت من قراءتها أمام الطلاب قال “الأستاذ أبو الرائد”: ما شاء الله صاحب خيال مُحلّق”.

 

“حزب الإصلاح”!!

إلى ذلك، تطرق الشيخ رائد صلاح إلى قراءاته الفكرية الأولى في بدايات المرحلة الثانوية، من بينها كتاب “حوار مع صديقي الملحد” للدكتور مصطفى محمود، مشيرا إلى أن مادة الكتاب جعلته يواجه بالحجج موجة من ادّعاء الإلحاد ظهرت لدى بعض الطلاب في تلك المرحلة.

في تفصيل بعض مشاهد تلك المرحلة، يكمل شهادته: “ظهرت موجة الإلحاد كتقليد وفي ظني لم تكن حقيقية والدليل أنَّ الأسماء التي ادّعت الإلحاد حينها وتصدرت الجدل، يصلون في معظمهم اليوم. مع هذه الموجة كان لا بد من مواجهة أسئلة من تظاهروا بالإلحاد بالمزيد من الاطّلاع والثقافة، فوقعت بين أيدينا كتب الدكتور مصطفى محمود، مثل كتاب “حوار مع صديقي الملحد” وكتاب “القرآن.. محاولة لفهم عصري”. مثل هذه الكتب كانت بالنسبة لنا ترياقا ومنقذا لمواجهة ادعاءات من تظاهروا بالإلحاد، فقمنا بتوزيع تلك الكتب على الطلاب الذين كانوا على مقربة من أفكارنا من حيث الفهم الديني مثل: الطالب هاشم عبد الرحمن والطالب خالد مهنا والطالب أحمد محمود والطالب محمد عبد صادق وغيرهم. كنّا وكأننا  نكوّن حزبا إسلاميا في المرحلة الثانوية!! بالتالي مثل هذه الكتب أثرتنا فكريا في الرد على الجدل الذي كان حاصلا وموجة الإلحاد”.

وتابع: “كما أسلفت بدأنا نستفيد من ثروتنا الفكرية التي بدأت تزداد بشكل تدريجي، وهذا دفعنا أن نعطي دورا جماعيا لتحركاتنا، انطلاقا من فهمنا كطلاب، وجاءت فكرة انشاء حزب اسمه “حزب الإصلاح”، حيث كانت هناك أجواء تمرّ فيها المدرسة جعلتنا نشعر أن علينا واجب أن نقول كلمة في تلك الأجواء وندعو إلى الحفاظ على استقرار المدرسة والجو التعليمي ومسيرة الطلاب. أعددنا منشورا بهذا الخصوص باسم “حزب الإصلاح” قمنا بتوزيعه على الطلاب، وفي أعقاب المنشور دعانا المرحوم الأستاذ جميل السالم مدير المدرسة إلى مكتبه، وسألنا عن هذا الحزب وما هدفه؟! نحن كطلاب- بدون فهم سياسي وتجربة ورؤية بعيدة-، قلنا له إننا اضطررنا لكتابة المنشور بسبب الأجواء في المدرسة، وطمعنا أن نحافظ على الأجواء التعليمية والاستقرار، وأظنُّ أنَّ المرحوم الأستاذ جميل تفهمنا دون أن يقول ذلك صراحة”.

وأردف: “بعد هذه المرحلة، بدأنا نعمل كحزب- بكل تواضع- وقمنا بالاستناد إلى تفسير “الجلالين”- وكان حينها أعظم كتب التفسير في الداخل- بنسخ عدد من الأحاديث النبوية وصرنا نجلس مع الطلاب ونقرأ عليهم الاحاديث ونحاول من خلال هذا الأسلوب تشجيعهم على الصلاة والانضمام إلينا في “حزب الإصلاح”. هذه كانت بدايات عملنا وهذه كانت ما قبل ظهور الصحوة الإسلامية”.

 

 التَّوجّه لدراسة الشريعة في الخليل

على مشارف إنهاء المرحلة الثانوية كان الشيخ رائد صلاح محتارا- كمال يقول- في وجهته بخصوص التعليم الجامعي، فقد كان يحب الرسم ويطمح أن يكون رساما، وكان يحب الهندسة. غير أنَّ سفر الأستاذ جميل السالم مدير المدرسة الثانوية إلى الخليل واجتماعه مع رئيس كلية الشريعة في الجامعة ومعرفته بإمكانية استقطاب طلاب من الداخل للدراسة في الخليل، أحدث تحوّلا في حياة الشيخ رائد صلاح ووضع حدا لحيرته بخصوص وجهته الجامعية.

يقول “عاد الأستاذ جميل من الخليل بانطباع ممتاز، وكنا على وشك انهاء الدراسة الثانوية، فدعانا إلى مكتبه أنا والشيخ هاشم والشيخ خالد مهنا وغيرنا وكان هناك بعض الطالبات، وأخبرنا بما جرى معه في جامعة الخليل وقال إن الجامعة ترحّب بكم إن أحببتم التعلم فيها، فأخبرته أنني أريد تعلم العربية، فقال وهل تريد أن تتعلم العربية في جامعة عبرية؟! يمكنك ان تتعلم في الخليل الشريعة والعربية!! فعلا ملت إلى الاقتناع بكلام الأستاذ جميل السالم- رحمه الله-، ولكن في البداية كانت هناك معارضة من والدي رحمه الله لولا أنَّ الشيخ سليمان أبو شقرة رحمه الله- زوج اختي ناهدة- اقنع الوالد وكان المرحوم الشيح سليمان في بدايات مشواره مع الصحوة الإسلامية وما عُرف بـ “الشباب المسلم”. بعدها، كانت عملية التسجيل لكلية الشريعة في جامعة الخليل”.

 

شاهد الحلقة هنا..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى