أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

“طنطورة”.. وثائقي إسرائيلي يفضح الكذب في قلب الأسطورة الإسرائيلية

تقول أليس سبري (صحفية تكتب في السياسة الخارجية الأميركية وانتهاكات القوات العسكرية والأمنية في أماكن شتى بينها فلسطين) إن إسرائيل تى من تاريخها لدرجة أنها أصدرت قانونا عام 2011 يعاقب كل من يحيي ذكرى تأسيسها بوصفه يوم حداد وليس احتفالا.

ويجسد القانون -الملقب بقانون “النكبة”؛ تلك الكلمة التي استخدمها الفلسطينيون دائما للإشارة إلى إقامة دولة إسرائيل وتشريدهم- القلق الوجودي لدولة لم تعترف أبدا بماضيها، حتى وهي تواصل التصارع مع تداعياته.

وأشارت سبري في مقال لها بموقع “إنترسبت” (Intercept) الأميركي إلى أن رواية إسرائيل عن نشأتها منسقة وتحت السيطرة الكاملة؛ فقبل أن يفتح الجيش أرشيفه الخاص بحرب 1948 أصدر سياسة تمنع الإفراج عن أي وثائق تفصّل الترحيل القسري للفلسطينيين؛ وأي انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم الحرب التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، أو أي شيء قد يضر بصورة الجيش الإسرائيلي أو يفضحها بوصفها “خالية من المعايير الأخلاقية”.

إسرائيل تكذب على نفسها

ولفتت سبري الانتباه إلى أن قلة في إسرائيل مهتمون بمعرفة ذلك، وبما حدث في الأيام التي سبقت قيام إسرائيل وبعدها، وتكلفة نشأة دولتهم، وهي أسئلة رفضت أجيال من الإسرائيليين طرحها. وذكرت في ذلك ما قاله لها المخرج الإسرائيلي ألون شوارتز مؤخرا “بالنسبة للإسرائيليين، فإن الأسطورة التأسيسية هي أن الفلسطينيين فروا بمفردهم”، مضيفا “إسرائيل تكذب على نفسها”.

والنتيجة هي الفيلم الوثائقي “طنطورة”، نتاج أكثر من عامين من البحث والمقابلات مع العشرات من هؤلاء الرجال والنساء، الآن هم في التسعينيات من العمر، حول أحداث لم يتحدث معظمهم عنها مطلقا، ونفى كثير منهم ذلك بشكل صريح.

وبدأ شوارتز في فيلمه الوثائقي -الذي سُمي باسم قرية فلسطينية شاطئية بالقرب من حيفا مُحيت من الخريطة خلال النكبة- التحقيق في مذبحة عدد غير معروف من القرويين التي نُفذت بعد أسبوع واحد فقط من إقامة إسرائيل.

قصة لا يريدون سماعها

وذكرت الكاتبة أن الفيلم -الذي سيُعرض في دور العرض في الولايات المتحدة الشهر المقبل- يحكي قصة يريد القليل من الإسرائيليين سماعها؛ “قصة لا يعرفون ماذا يفعلون حيالها”، كما قال شوارتز.

وعلقت بأن الفيلم -الذي أصبح أكثر حيوية من خلال لقطات أرشيفية غير مرئية للنكبة وإعادة بناء الطب الشرعي في العصر الحديث لمقبرة جماعية مُحيت منذ زمن طويل وتحولت إلى موقف سيارات- تحقيق مروع وصادم في الذاكرة الفردية لأن ما يعرضه يتعارض مع السرد الذي لا يُمَس لأمة أقنعت نفسها بنقائها.

وهو محاولة لمعرفة حقيقة ما حدث في طنطورة، وهو أكثر من ذلك؛ إنه فيلم عن المجتمع الإسرائيلي والضرر المستمر لخطيئة تأسيسه، وهو أيضا قصة لم يتوقف الفلسطينيون عن سردها أبدا، لكن هناك شيئا فريدا في سماعها من الجناة أنفسهم، وهي كما قال شوارتز “هذه قصة إسرائيل التي تغض الطرف عنها”.

طريقة صناعة الأساطير الوطنية

وختمت الكاتبة مقالها بأن ما يأمل شوارتز أن يأتي من هذا الفيلم في نهاية المطاف هو الاعتراف بما فعله الإسرائيليون بالفلسطينيين، عندما قال “لقد سلبناهم تاريخهم. لم نطهرهم عرقيا وطردناهم ورفضنا عودتهم، بل سلبناهم أيضا القصة الحقيقية. لقد سلبناهم حق التذكر، وهذا أمر فظيع”.

وأضافت أن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي زيفت تاريخ تأسيسها لخدمة الرواية القومية، ولكن لأن هذا التاريخ حديث جدا ولأن بعض أولئك الذين يمكنهم مناقضة هذه الرواية ما زالوا أحياء؛ يقدم “طنطورة” نظرة ثاقبة نادرة حول طريقة صناعة الأساطير الوطنية والدفاع عنها، وبأي ثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى