أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

ميزان الربح والخسارة في لعبة الكنيست

عبد الإله معلواني

 

لنفترض- حتى نكون موضوعيين مائة بالمائة- أن لأعضاء الكنيست العرب بعامة إنجازات ملموسة دفعتهم لمواصلة الانخراط في الكنيست الصهيوني، ولنفترض- جدلا حتى لا نظلم أحدا- أنَّ لأعضاء الكنيست العرب عن القائمة الموحدة بخاصة إنجازات معتبرة دفعتهم للانخراط في ائتلاف حكومة بينت- لبيد، ولا تزال تدفعهم لإبداء الاستعداد للانخراط في أي ائتلاف حكومي صهيوني من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، ولنفترض أن كل ما تحدث عنه أعضاء الكنيست العرب ساردين قائمة انجازاتهم في الكنيست أو عبر حكومة بينت- لبيد هو كما حدثونا عنه، فكان هناك تخصيص ميزانيات للسلطات المحلية العربية، وكان هناك اعتراف ببلدات عربية مسلوبة الاعتراف في النقب، وكان هناك اعتراف ببعض القوانين الاجتماعية التي اقترحها بعض أعضاء الكنيست العرب!! ولكن في المقابل ألم يكن هناك خسائر فادحة وقع فيها أعضاء الكنيست مقابل هذه الإنجازات؟! وكمثال على ذلك أتساءل:

1- ألم توصي القائمة المشتركة- عندما كانت تضم الجبهة والتغيير والتجمع والموحدة- بغانتس ولبيد لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، وكان في ذلك هدم لحصانة ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، وفتح الباب نحو انحراف أشد كما قامت بذلك (الموحدة)؟! فيما بعد.

2- ألم تغرق القائمة المشتركة- عندما كانت تضم الجبهة والتغيير والتجمع والموحدة- كل مجتمعنا بالمال السياسي الذي يسميه البعض (المال القذر)، والذي كان مصدره من صناديق دعم صهيونية أمريكية، ومن الإمارات والسلطة الفلسطينية، وكان الهدف من وراء ذلك فك الارتباط بين مجتمعنا وثوابتنا، ثمَّ تدجين هذا المجتمع، وإلزامه بالمواقف السياسية المستوردة المشوهة التي تحقق مصالح كل الأطراف إلا مصالح مجتمعنا وشعبنا الفلسطيني.

3- ألم تحاول القائمة المشتركة- عندما كانت تضم الجبهة والتغيير والتجمع والموحدة- إذلال مجتمعنا وجرّه للقبول بالرشاوي السياسية المالية، والبرطيل المالي الانتخابي، وبيع صوته في لعبة الكنيست بالمزاد العلني لمن يدفع له أكثر، والقرائن على ذلك لا تعد ولا تحصى، وازدادت هذه القرائن، في انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة رقم 25 التي كانت بتاريخ 1/11/2022.

4- ألم يكن د. منصور عباس رئيس القائمة الموحدة هو الذي اعترف بإسرائيل (دولة الشعب اليهودي قامت لتبقى).

5- ألم يكن هو د. منصور الذي صادق على تخصيص ميزانيات كافية لإحياء ميراث بن غوريون.

6- ألم يكن هو د. منصور الذي صوّت لصالح إقرار ميزانية الأمن والجيش والأجهزة التي لا تزال تقتل شعبنا الفلسطيني وتنتهك حرمة القدس والمسجد الأقصى المباركين.

7- ألم يكن هو د. منصور الذي صوّت لصالح قانون يعزز سطوة إدارة السجون الإسرائيلية وتعزيزها بوحدات قمع من الجيش وحرس الحدود لتمكينها من إحكام قبضتها على الأسرى السياسيين من أبناء شعبنا الفلسطيني.

8- ألم يكن هو د. منصور صاحب مقولة (ليس كل المستوطنين أشرار).

9- ألم يكن هو د. منصور الذي اعترض على تقرير منظمة (أمنستي) الذي وصف المؤسسة الإسرائيلية أنها دولة فصل عنصري، ولم يتردد أن يقول: إن المؤسسة الإسرائيلية ليست كذلك وإن كانت تمارس بعض السياسات العنصرية.

10- ألم يكن هو د. منصور الذي عاد وبارك اتفاقيات التطبيع (إبراهيم) بين المؤسسة الإسرائيلية من جهة وبين كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب من جهة أخرى، رغم أن هذه الاتفاقيات تعترف بحق مزعوم لليهود في المسجد الأقصى.

11- ألم يكن هو د. منصور الذي سمَّى المسجد الأقصى باسم (جبل الهيكل)، والذي سمَّى حائط البراق باسم (حائط المبكى)، وهي كما نعلم تسميات الاحتلال الإسرائيلي.

12- ألم يكن هو د. منصور الذي وصف الأسرى السياسيين من أبناء شعبنا الفلسطيني أنهم (مخربون)!!

13- ألم يكن هو د. منصور الذي طالب كل من يقاطع لعبة الكنيست أن يسلم بطاقته الشخصية للمؤسسة الإسرائيلية، بمعنى أن هذا المقاطع يجب أن يكون لا وجود له في الأرض المباركة في حسابات د. منصور.

14- ألم يكن هو د. منصور الذي منح حقا لليهود لأداء صلواتهم التلمودية عند حائط البراق (الذي هو جزء من المسجد الأقصى)، عندما قال: (المسجد الأقصى مكان لصلاة المسلمين، و (هكوتل معرافي)- أي الحائط الغربي- مكان لصلاة اليهود!! أعتقد أن هذه تسوية مناسبة في هذه المرحلة)!!

والآن تعالوا بنا لنقارن بين الإنجازات التي ادَّعى أعضاء الكنيست العرب أنهم أنجزوها عبر الكنيست أو عبر حكومة بينت- لبيد، وبين الخسائر الفادحة التي ارتكبوها كما جدولتها في القائمة السابقة أعلاه التي استعرضت فيها 14 خسارة قاتلة!! ولا أبالغ بهذا الوصف، فهي خسائر قاتلة تتسبب مع الأيام بنسف ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، وتفريغ مجتمعنا من قواه الذاتية وقدرته على العطاء، فيوم أن تجرأت القائمة المشتركة (في بداية تشكيلها ثم بعد تفككها) بإشاعة ظاهرة الرشوة الانتخابية والبرطيل السياسي، فهذا يعني أنها قد رضيت لمجتمعنا أن يكون مجتمعا أجوف منفوخا يقوم على البرطيل السياسي!! ولذلك لا أقول إن استباحة القائمة المشتركة (منذ عام 2015 حتى الانتخابات الأخيرة بتاريخ 1/11/2022) تحويل مجتمعنا إلى مجتمع البرطيل السياسي هو أخطر من نكبة فلسطين!! ويوم أن تجرأ د. منصور عباس معترفا على الملأ بيهودية الدولة فقد تنازل بذلك عن حق العودة وحوَّل وجودنا في الداخل الفلسطيني إلى وجود مؤقت قابل للترحيل في كل لحظة!! وهل هناك أشد فداحة من هذه الخسارة!!

ويوم أن أعطى لليهود الحق للصلاة التلمودية عند حائط البراق، فقد قام بموقف لم يتجرأ عليه أي مسؤول مسلم أو عربي أو فلسطيني في كل تاريخ القدس والمسجد الأقصى المباركين، وهو طعن القدس والمسجد الأقصى في خاصرتهما!!

ثمَّ لو أمعنَّا النَّظر في سائر الخسائر الـ 14 التي أوردتها لوجدنا أن لها اسقاطات مدمرة على مجتمعنا وعلى ثوابتنا!! وهذا يعني أن الربح الموهوم الذي تحدث عنه أعضاء الكنيست العرب، حتى لو تحقق فهو ربح زهيد شحيح مقابل هذه الخسائر المدمرة!! ويبقى السؤال المصيري: أيهما نقدّم في فهمنا الوطني والديني على الآخر؟! هل نقدّم هذا الربح الزهيد الشحيح على هذه الخسائر المدمرة أم العكس هو الذي يوجبه علينا فهمنا الوطني والديني!! فإذا كان مما لا شك فيه أن فهمنا الوطني والقومي والديني يوجب علينا تقديم عدم الوقوع في هذه الخسائر المدمرة على هذا الربح الزهيد الشحيح، فهذا يلزم كل القوائم العربية (الجبهة والتغيير والموحدة والتجمع) أن تخرج من لعبة الكنيست فور!! وهو المطلوب فورا!!

ففهمنا الوطني يقول لنا: بئس أي ربح إذا كان على حساب الثوابت. وفهمنا الديني يقول لنا: دفع المفسدة يقدم على جلب المصلحة!! وهل هناك أفسد من هذه الخسائر المدمرة؟! وفهمنا القومي يقول لنا: تموت الحرَّة ولا تأكل بثدييها!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى