أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

أربعينية مهسا أميني.. ما الذي يميز الاحتجاجات الإيرانية عن مثيلاتها السابقة؟

بعد مرور 40 يوما على وفاة مهسا أميني (22 عاما)، إثر توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق” في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم؛ ما تزال الحركة الاحتجاجية تحافظ على زخمها بشكل أو بآخر؛ تارة في الشوارع وساحات المدن، وتارة أخرى في الجامعات ومدارس البنات.

وتلبية للدعوات التي أطلقها ناشطون في الحركة الاحتجاجية عشية أربعينية مهسا أميني، شهدت عدة مدن إيرانية منذ صباح اليوم الأربعاء تجمعات احتجاجية تخللتها هتافات مناوئة للنظام ومواجهات بين قوات الأمن والمحتجين، في حين خرج آلاف الإيرانيين في مسيرات حاشدة لإحياء الأربعينية عند مرقد مهسا بمدينة سقز (غربي البلاد).

وتداول مغردون إيرانيون مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر حشودا كثيفة متوجهة إلى قبر الشابة أميني تهتف “بالمرأة والحياة والحرية”، وسط حضور لافت لقوات الشرطة. كما تداول ناشطون على تويتر صورا لإضراب أصحاب المحلات التجارية في مدن طهران وسقز وأردبيل في إطار الاحتجاجات التي اندلعت في 16 سبتمبر/أيلول الماضي.

ايران
السلطات في طهران تتهم دولا أجنبية وإقليمية بالتحريض على الاحتجاجات

حراك المطرودين

ورغم أن تاريخ الجمهورية الإسلامية حافل بالاحتجاجات والمظاهرات طوال العقود الأربعة الماضية، فإن الحركة الاحتجاجية الراهنة تتميز عن سابقاتها؛ إذ أضحت أكثرها استمرارية رغم فقدانها القيادة والتنظيم، وتلعب المرأة فيها دورا محوريا.

وإذا كانت “الحركة الخضراء” عام 2009 نزلت إلى الشوارع من منطلق سياسي للاحتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أفرزت إعادة انتخاب الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وحظيت بدعم التيار الإصلاحي، فإن الاحتجاجات الراهنة لا تحمل شعارا سياسيا محددا، وتوجّه انتقادات لاذعة إلى التيارين الإصلاحي والمحافظ على حد سواء.

كما أنها تختلف عن احتجاجات 2019 التي اندلعت عقب رفع الحكومة أسعار البنزين وحملت شعارات اقتصادية تطالب بتحسين الوضع المعيشي، وفق مراقبين إيرانيين.

ويصف عالم الاجتماع الإيراني البارز عماد أفروغ المظاهرات الراهنة بأنها “حراك المطرودين” على شتى الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، محذّرا من تكرارها في حال عدم إيجاد حلول جذرية تنهي “ظاهرة الطرد”.

ونقلت وكالة أنباء “إسنا” عن أفروغ انتقاده عدم تطبيق العدالة في توزيع الثروات الوطنية على المستوى الاقتصادي، مضيفا أن استطلاعات الرأي أظهرت قبل نحو عامين أن 74% من المجتمع الإيراني لا يميل إلى الإصلاحيين ولا إلى المحافظين، مما يؤكد طرده اقتصاديا وثقافيا إلى جانب الطرد السياسي.

مشكلات متراكمة

من جانبه، يعتقد الباحث السياسي يوسف آكنده أن عدم حلحلة الأزمات المتراكمة منذ أعوام بث اليأس في نفوس الأجيال الحديثة، مضيفا أن حضور المرأة في الاحتجاجات المتواصلة يعطيها زخما لاستمراريتها.

وقال آكنده إن ما يميز المظاهرات الأخيرة عن مثيلاتها السابقة هو دخول الجيل الجديد على خط الاحتجاج، مؤكدا أن مواليد ما بعد منتصف التسعينيات أكثر جرأة وشجاعة على كسر القيود، ولا يمكن ردعهم بالقوة، وهو ما يقلق الحكومة من اشتداد وتيرة المواجهة.

وأشار إلى أن الأجيال الحديثة اعتادت على قضاء أكبر قدر من وقتها في تصفح المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل، ولا تستوعب البيروقراطية المعهودة لدى الأجيال السابقة. مضيفا أن اضطهاد المرأة طوال العقود الماضية شكّل حافزا للنساء في الحراك الراهن للمطالبة بحقوقهن التي يعدونها مهدورة.

وخلص إلى أن الجيل الإيراني الجديد لا يرى أفقا مغريا في المستقبل الذي ينتظره في حال استمر وضع بلاده على ما هو عليه، مؤكدا أن الحراك الاحتجاجي المتواصل وحّد شرائح المجتمع الإيراني وقومياته، وهذا لم يعد خبرا سارا للأوساط الأمنية التي لا تفكر سوى في القبضة الحديدية لمواجهة أي اعتراض.

تدخل أجنبي

في المقابل، يتهم السفير الإيراني الأسبق في ليبيا جعفر قناد باشي بعض “الدول الإقليمية والغربية الراعية لعشرات المحطات الناطقة بالفارسية بالتحريض على استمرار الاحتجاجات”، مؤكدا أن السلطات الإيرانية لا تريد استخدام القوة لاحتواء أعمال الشغب إيمانا منها بأن المحتجين الشباب قد “تعرضوا لغسل الأدمغة وخُدعوا بالحرب النفسية التي يشنها العدو”.

وأضاف قناد باشي -في حديثه للجزيرة نت- أن الاحتجاجات الأخيرة تختلف جوهريا عن المظاهرات السابقة من حيث قلة عدد المحتجين وتفرقهم وعدم رفعهم الشعارات السياسية والاقتصادية السابقة.

ورأى الدبلوماسي الإيراني الأسبق أن الاحتجاجات في بلاده حلقة من “سيناريو المحور الغربي والعبري والعربي الذي أطاح بحكومة محمد مرسي في مصر وزعزع الاستقرار في العراق ولبنان خلال الأعوام القليلة الماضية”، على حد قوله.

ونفى أن تكون بلاده قلقه من الاحتجاجات المتواصلة، مستدركا أن قلق الجمهورية الإسلامية الوحيد هو “أن يستغل الأعداء هذه التطورات من أجل إراقة الدماء”.

وأكد قناد باشي أن أجهزة الأمن الإيرانية سبق أن ألقت القبض على عدد من العناصر الأجنبية التي دخلت البلاد “لصب الزيت على نار الاحتجاجات”.

وكان المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية مسعود ستايشي أعلن أمس الثلاثاء اعتقال مواطنين إيرانيين لارتباطهم بـ”الجاسوسيْن الفرنسييْن”، مؤكدا في مؤتمره الصحفي الأسبوعي أنهم يواجهون تهم التواطؤ ضد الأمن القومي والتجسس.

وفي الأيام الأخيرة، أعلنت السلطات الإيرانية اعتقال شخصيْن فرنسيين بالتزامن مع مظاهرات لمعلمين كانوا يطالبون بإصلاحات متعلقة بالأجور، وطالبوا بالإفراج عن زملاء لهم أوقفوا في مظاهرات سابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى