أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

حصار نابلس.. سياسة صهيونية تفشل في كسر إرادة المقاومة

لليوم العاشر تواليًا تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصار مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، دون أن تنجح في كسر إرادة أهاليها، الأمر الذي عزّز لدى المواطنين روح مقاومة الاحتلال والخروج بمسيرات ليلية منددة بالحصار والإغلاق المتواصل.

الحصار الصهيوني على مدينة نابلس لأكثر من 425 ألف فلسطيني، يكشف عن معاناة حقيقية يعيشها الفلسطينيون في المدينة المحاصرة، وينذر بمفاقمة الأوضاع الصحية والبيئية إذا ما استمر.

ويؤكّد غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، أنّ الحصار يشكل عقابًا جماعيًّا للفلسطينيين القاطنين في مدينة نابلس، مبينًا أنّها سياسة صهيونية مجربة وفاشلة.

ويوضح دغلس أنّ تلك السياسة لم تنجح في كسر شوكة المقاومة، ولكنها تؤثر بوضوح على العجلة الاقتصادية والصحية والتعليمية، لكن في النهاية لا أحد في شعب فلسطين يرفع الراية البيضاء.

وشهدت مدينة نابلس حراكًا ميدانيًّا، ودعوات وطنية، للتحرك باتجاه الحواجز الإسرائيلية للضغط على الاحتلال لتخفيف الحصار، في ظل دعوات متزامنة لتعزيز صمود الأهالي في نابلس وتوفير الاحتياجات اللازمة لهم.

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها لمدينة نابلس منذ الثاني عشر من الشهر الجاري، بعد يوم من تنفيذ مجموعة “عرين الأسود” عملية إطلاق نار قتل فيها جندي إسرائيلي قرب مستوطنة “شافي شمرون” المقامة على أراضي شمال غرب نابلس.

وبدأ الحصار بإغلاق قوات الاحتلال مدخل قرية دير شرف شمال غرب نابلس بالسواتر الترابية، وإغلاق حاجزي حوارة وعورتا جنوب نابلس، وحاجز بيت فوريك شرق نابلس، وحاجزي صرة والمربعة غرب نابلس، بالتوازي مع تشديد الإجراءات أو تخفيفها، بل وربما إغلاق كامل لبعض الحواجز، وهو ما يضطر الأهالي إلى سلوك طرق بديلة تكبدهم معاناة أخرى وتكاليف أكبر في أجرة المواصلات.

 

حصار شعفاط وعناتا

وبالتزامن مع حصار نابلس، فرضت قوات الاحتلال حصارًا على مخيم شعفاط  في القدس المحتلة وأحياء وبلدات مقدسية، أبرزها بلدة عناتا، بعد مقتل مجندة وإصابة عنصريْ أمن بإطلاق نار استهدف حاجزًا عسكريًّا على مدخل المخيم.

ويعد شعفاط المخيم الوحيد للاجئين في القدس المحتلة، واحدًا من التجمعات الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المدينة، وتقول الشرطة الإسرائيلية: إن مطلق النار ما يزال في المخيم، وإنها تقوم بعمليات بحث واسعة عنه.

ويؤكّد السكان المقدسيون أنّ حصار المنطقة التي يقطنها نحو 130 ألف فلسطيني، ومنعهم من الدخول أو الخروج منها هو بمنزلة عقاب جماعي.

وتغلق قوات الشرطة وجيش الاحتلال مداخل مخيم شعفاط ومخارجه والأحياء الفلسطينية المجاورة؛ ما بات يلقي بظلال صعبة على السكان، وقال شهود عيان: إن الشرطة الإسرائيلية كثيرًا ما تقتحم المخيم والأحياء القريبة، يتخلل ذلك إطلاق لقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.

وأضاف الشهود أن القوات الإسرائيلية تقوم بعمليات اعتقال في المخيم والأحياء المجاورة، في حين يرد الفلسطينيون على الاقتحامات برشق القوات الإسرائيلية بالحجارة والزجاجات الحارقة (مولوتوف).

وأشار الشهود إلى أن شرطة الاحتلال تستخدم أيضًا المياه العادمة داخل الأزقة الضيقة للمخيم المكتظ بعشرات آلاف السكان.

إجراء انتقامي

وبعد 5 أيام متواصلة من حصار مخيم شعفاط شمال شرق القدس المحتلة، وإغلاق الحاجز الذي يفصل بين المخيم وشرق المدينة المقدسة، فتح الاحتلال الإسرائيلي -الخميس الماضي- الحاجز أمام الأهالي الذين خاضوا عصيانًا مدنيًّا ضد الإجراء الانتقامي بحقهم.

وجاء إعلان عشرات الآلاف من سكان المخيم ومحيطه العصيان المدني، بعد تنفيذ شاب من المخيم، حسب إعلان الاحتلال، عملية إطلاق نار على الحاجز مساء السبت (8 أكتوبر/تشرين الأول) أدت إلى مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة آخر بجروح بليغة.

وأقيم مخيم شعفاط على جزء من أراضي بلدة، بالاسم نفسه لإيواء لاجئين فلسطينيين عام 1965، لكن الاحتلال فصله عن البلدة بجدار الفصل العنصري وحاجز عسكري، رغم امتلاك معظم سكانه بطاقة الهوية المقدسية كبقية المقدسيين داخل المدينة.

وبعد إغلاق الحاجز بكامله، حوصر أهالي المخيم بأحيائه الخمسة التي يسكنها 130 ألف نسمة، وهي: رأس خميس، ورأس شحادة، وضاحية الأوقاف، وضاحية السلام، وضاحية الحرش، إلى جانب بلدة عناتا المجاورة في امتداد جغرافي واحد يصل حتى الطريق القديم الرابط بين القدس وأريحا؛ حيث أغلق الاحتلال مداخل متفرقه أيضًا.

عصيان مدني

وردًّا على حصارهم، أعلن أهالي مخيم شعفاط في مقر اللجنة الشعبية -مساء الثلاثاء الماضي- العصيان المدني ضد الاحتلال حتى فك الحصار عنهم تمامًا، وتضمن تعطيل مدارس المخيم، وإضراب العمال لدى مؤسسات الاحتلال، وإغلاق المحلات التجارية، باستثناء المخابز والصيدليات ومحال المواد التموينية، بالإضافة إلى منع استخدام المركبات بعد العاشرة ليلًا إلا للحالات الطارئة.

وساندت مناطق الضفة الغربية وأحياء القدس المحتلة أهالي المخيم في خطوتهم؛ عبر إضراب شامل الأربعاء، تزامنًا مع مواجهات شديدة في الأحياء المقدسية كافة، وحملة اعتقالات مكثّفة طالت قرابة 60 مقدسيًّا منذ السبت الماضي.

ويعني العصيان المدني؛ تعمّد مخالفة ورفض قوانين وطلبات قوة محتلة سلميًّا؛ حيث تفرض هذه القوة أدوارًا إلزامية على السكان، منها دفع الضرائب، والإنتاج الاقتصادي، والعمل في مؤسسات التعليم، ومن شأن العصيان أن يعطل عجلة الاقتصاد وينزع الشرعية عن القوة المحتلة.

وتؤكّد شواهد ميدانية وإعلامية متطابقة، أنّ خلو المخيم من المستشفيات، أثّر مع الحصار على 3 آلاف حالة مرضية مزمنة، و65 حالة فشل كلوي تحتاج إلى غسل يومي، كما عطّل وصول 1540 طفلًا من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مؤسساتهم التأهيلية.

عقاب جماعي

ويقول محامي مخيم شعفاط مدحت ديبة، إن هذه المناطق مأهولة بالسكان ومعظمهم من الهوية المقدسية، ولا يستطيعون الوصول إلى أماكن عملهم، وهناك 10 آلاف تلميذ منعوا على مدار ثلاثة أيام من الوصول إلى مدارسهم، و15 ألف عامل منعوا من الذهاب إلى أعمالهم.

وأوضح ديبة، أنّه تقدم باسم أهالي المناطق الـخمس باستئناف لما يسمى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي لوضعه في صورة الأوضاع المأساوية للأهالي التي نجمت عن الحصار والإغلاق، مبينًا أنّ حملة نُصرة مخيم شعفاط والأهالي في المناطق المحاصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هدفت إلى منع تواصل الحصار، وعدم تكريس هذه الحالة من العقاب الجماعي.

وأشار إلى أن الحصار المحكم المتواصل على مخيم شعفاط، وعدد من أحياء القدس أدى إلى إفراغ المسجد الأقصى من رواده؛ حيث إن معظمهم كانوا يأتون من مخيم شعفاط والضواحي الخمس المحاصرة.

وأشار إلى أنّ الاحتلال منع دخول مركبات وكالة غوث اللاجئين (أونروا) إلى المخيم لإزالة النفايات، ما أدى إلى تكدسها في مساحة تشهد اكتظاظًا سكانيًّا (كيلومترين مربعين فقط) وزادت الحال سوءًا، القنابل الغازية والمياه العادمة التي يطلقها الاحتلال نحو الأهالي ومنازلهم بين حين وآخر.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى