أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

“أنا قائدكم، ولو على جثتي أو جثتكم”!!

الأسير محمد اغبارية- سجن جلبوع

 

إذا كان المنصب القيادي عندنا تكليفا لا تشريفا، فلماذا نرى صاحب المنصب القيادي يتشبث بمنصبه أشد التثبت؟! بالرغم مما يرافقه من استحقاقات شاقة وتكاليف مضنية.

إن صاحب المنصب القيادي إذا طال عليه أمد القيادة، وحقق بعض الإنجازات فلسوف يتشرب القناعة أن الدولة أو المؤسسة قامت بفضله وجهده هو. لأنه من الناحية النفسية من يعتقد أنه هو من بنى وأسس ونمّى وطوّر وقدم التضحيات فهو أولى بقيادتها. وسيكون خلعه من الدنيا أهون عليه من خلعه منها.

ثمَّ، مع مرور الزمن، سوف يتشكل في داخله حاجز نفسي يدفعه لمزيد من التشبث بموقعه. وهذا الحاجز هو تخوفه من نظرة قيادات القوى الأخرى له إن تنحى عن منصبه، وتوهمه أن مكانته سوف تنقص من عيونهم، ويقل له احترامهم، ويتلاشى تأثيره على محيطه، وابتعادهم عنه إلى غيره عند الحاجات والملمَّات.

ثمَّ هو لا يتخيل نفسه أن تمر المؤسسة بأزمة أو نزاع يتطلبان قرارا حاسما أو رأيا جازما، ولا يكون هو الذي يقرر ويحسم. ومن هنا توهمه أنه من الأفضل للمؤسسة أن يبقى هو في قيادتها كي يُخرج المؤسسة من أزماتها وقت الشدة إلى بر الأمان. وسيقدمها على أنه خوفا على المؤسسة من العابثين، أو الأغرار الذين لا خبرة لهم، من انهيار المؤسسة برمتها.

ثمَّ تخمينه أنه سيخسر امتيازات مادية استحقها بفضل مهاراته وجهده وعرق جبينه (وليس بفضل موقعه!!).

وإذا كان فاسدا فسيخشى أن تنكشف انحرافاته ولوثاته وفساده للآخرين، وغياب الشفافية في عمله وعمل المؤسسة.

وكذلك، فإن تركيبته السيكولوجية الداخلية قد استمرأت السلطة (فقراراته وأوامره يأخذان صفة الإلزام، وبيده سطوة العقاب)، فتتشبع نوازعه الداخلية في حب السيطرة والسلطة، فأنَّى له الانفطام منها.

فإنه وكما في كل انسان، ستتعاظم في داخله نوازع الاستفراد والاستئثار والاستبداد في كل شيء، إلا إذا توفر الكادر التنظيمي القوي واللوائح الضابطة والكابحة التي تضمن التوازن في السلطة وتحد من جموحه وطغيانه ومن استمراره في منصبه إلى ما لا نهاية.

سلبيات القيادة الدائمة


قال العلامة ابن تيميه: “سلطة دائمة مفسدة دائمة”. لذلك نرى في المجتمعات المتطورة إداريا واجتماعيا وتنظيميا رسوخ ثقافة تحديد فترات الحكم لأي قائد، ولو كان فذا، هذا قانون استخلصته هذه المجتمعات بالعرق والدم والدموع عبر تاريخها الطويل وتجاربها المريرة. فوجود القائد لفترات طويلة في سلطته ستجعله ينسى لماذا هو موجود في هذا الموقع، ولأجل من!! وسيصبح مع مرور الزمن وهو في السلطة أسير الفكرة بأنه لا مثيل له ولا بديل لقيادته. وسيعشق هذه الفكرة ويقتنع بها هو ومن حوله من رجاله. ولسوف يتصرفون عندها كجسم محتكر للقيادة، وسيغدو كل شيء متاحا لهم، وعلى الجميع تقديم ثوب الخضوع.

وفي اللحظة التي يكون فيها القائد (دائم السلطة) في أوج قوته ونجاحاته، فلسوف يقع في أفظع الأخطاء والمخالفات.

 

إيجابيات تداول السلطة

 

– ينبغي أن ندرك أنه ليس هناك قائد ليس له بديل مهما بلغت كفاءته.

– عند تداول السلطة سيشعر الكثير بمساهمتهم في عملية البناء والتطوير، ولا يبقى هذا الشعور وقفا على أحد، ولا يستفحل عند أحد.

– التداول يحدث حراكا تصاعديا متجددا ومنعشا في صفوف الحركة.

– يضخ دماء وروحا جديدة يعكسان ماهية المرحلة.

– وهذا من شأنه أن يُحدث:

1- التغيير اللازم لطبيعة المرحلة.

2- التنمية البشرية.

3- الازدهار.

4- والتحرر من البقاء أسرى مسلمات قديمة عفا عليها الزمن، والانفتاح الجديد النافع.

ثمَّ أخيرا، فإن تداول السلطة يمنع الظواهر السلبية التي ترافق من حظي بإعجاب مفرط أو غدا مفرط القوة أو مفرط المحبة بنفسه لسبب استمراره في السلطة. عافانا الله وإياكم من ادمان السلطة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى