أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

بعد المواد الغذائية.. اضطرابات التزود بالوقود تشغل التونسيين وتثير الغضب والسخرية

“تحلّوا بالصبر”، هكذا نصحت مذيعة في أحد البرامج الإذاعية الصباحية اليوم الجمعة التونسيين الذين باتوا يعيشون على وقع أزمات معيشية يبدو أنها لا تنتهي، فبعد نقص عدد من المواد الغذائية الأساسية، تشهد البلاد اضطرابات في التزّود بالوقود.

ومنذ أيام يواصل سائقو السيارات الوقوف في طوابير طويلة خارج محطات البنزين، أملا في ملء خزانات سياراتهم خوفا من أن تتقطع بهم السبل مع تواصل الاضطرابات ونقص توزيع الوقود.

ويحظى الموضوع بمتابعة واهتمام التونسيين، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أصبح موضوع الوقود هو المتصدر. وبينما يتشارك البعض معلومات عن أماكن توفّر الوقود، سادت موجة من السخرية السوداء أغلب المنصات، وسط حالة من السخط والإحباط مما آلت إليه الأمور.

ومنذ أسبوع بدأ شح الوقود في العديد من محطات التزود، مع تباطؤ الواردات وتراجع الإمدادات الوطنية، مما أدى إلى تكدس السيارات في صفوف امتدت على كيلومترات في بعض الأماكن، وهو ما خلق اكتظاظا مروريا في مناطق عدة.

تصريحات وتضارب

وتشهد التصريحات بشأن هذه الأزمة بعض التضارب، إذ قال الكاتب العام للجامعة العامّة للنفط (نقابة) سلوان السميري، في تصريحات صحفية، إن كميات الوقود المتوفرة في السوق تكفي 10 أيام في انتظار وصول باخرة يوم الاثنين المقبل محمّلة بكميات إضافية.

في المقابل، قال المسؤول في محطة التزود في حيّ العُمران في العاصمة توفيق الدغري -لوكالة الصحافة الفرنسية- إن هناك تذبذبا في جلب الوقود، وإن الإمدادات لم تصل منذ الأربعاء، مطالبا الحكومة بإيجاد حلول للأزمة.

وفي تصريحات للتلفزيون الحكومي، قالت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي إنه “على الرغم من أن هناك مشاكل في التزود على مستوى البواخر.. فإن الوقود متوفر”.

وأضافت “المزودون كانوا يمهلوننا مدة شهر أو شهرين لتسديد الثمن.. لكن ما تغير هو أن كل مزود لا يفرغ شحنته اليوم إلا بعد دفع ثمن الشحنة السابقة”، مؤكدة في الوقت نفسه أن “هناك مشاكل مالية” تواجهها الحكومة.

طوابير وانتظار

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات وصور تظهر طوابير الانتظار في العديد من المناطق والأحياء في العاصمة، وعبّر بعض المواطنين عن غضب شديد إزاء سياسة الحكومة، غير أن الولايات (محافظات) الأخرى في البلاد تشهد ازدحاما أقل وتيرة في محطات التزود.

ونشر عدد من التونسيين تجاربهم مع طوابير الانتظار، وأكد بعض منهم أنه عقب الانتظار ساعات طويلة، يتمّ إعلامهم بنفاد الوقود من المحطات، وذلك يضطرهم إلى البحث عن مكان قد يكون أبعد من منطقتهم، ومن ثم يتعرضون لإمكانية نفاد الوقود من مركباتهم.

وبينما فضّل عدد منهم طرح أسئلتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن المحطات التي يمكن التزود منها، لجأ آخرون إلى حمل عبوات بلاستيكية وقوارير كبيرة والاصطفاف في طوابير للتزود ببضعة لترات من الوقود.

وحسب تصريحات وتدوينات متعددة، فقد أثرت هذه الأزمة على عدد من الموظفين الذين اضطروا إما إلى التأخر لساعات عن وظائفهم أو للتغيب.

استياء وسخط

وبينما عمّت مشاعر الاستياء والسخط أغلب التدوينات، انتشرت النكات والصور الساخرة للأزمة، حيث رأى عديدون أن هذه الأزمة ستمكّن الراغبين في الزواج من إيجاد شريك حياتهم خلال الانتظار في محطات الوقود، ورأى آخرون أن الهدايا الأكثر تعبيرا عن الحب في هذه الفترة عبوة بلاستيكية من البنزين.

وفي تعبير أكثر اختزالا للأزمة التي تشهدها البلاد، قايض البعض مادة السكر المفقودة من الأسواق التونسية بلترات من البنزين.

وانتقدت الكاتبة والباحثة التونسية ألفة يوسف، في تدوينة على موقع فيسبوك، التبريرات التي يطلقها أنصار الرئيس، مشبيهن الأزمة بمشكلة البنزين في فرنسا، مشيرة إلى أن الفرق يكمن في أن المسؤولين في فرنسا يفسرون للناس الأسباب ويحاولون إيجاد الحلول، أما في تونس فالأمر مختلف والتفاسير ينطبق عليها “رب عذر أقبح من ذنب”. ورأت أن أتباع الرئيس قد يكونون “جهلة أو كاذبين”.

 

 

تصريحات وجدل

ومن التصريحات التي أثارت كثيرا من الجدل تصريح المديرة العامة لشركة صناعات التكرير، التي قالت في مداخلة إذاعية إن الطقس الجميل قد دفع التونسيين إلى الخروج أكثر والإقبال على الوقود.

وقد اعتقد كثيرون أن هذا التصريح مفبرك وغير حقيقي.

وللمساعدة في إيجاد حل، دعا الكاتب الصحفي كمال الشارني الناشطين إلى التطوع لنشر خريطة تفاعلية يتم تحيينها بالمعاينة الميدانية لتوفر الوقود في المحطات، مع منح كل محطة معدل انتظار من صفر في حالة عدم التوفر أصلا، ثم من 10 دقائق إلى ساعة ونصف.

وأشار إلى أنه اضطر إلى الوقوف في 6 محطات وقود مع “صفر” انتظار، أي من دون بنزين

أزمة ونقص

ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا بدأت تونس تشهد نقصا في العديد من المنتجات على غرار الطحين والسكر وغيرها.

وتخوض الحكومة مفاوضات متقدمة مع صندوق النقد الدولي لنيل قرض بنحو ملياري دولار، لمواجهة أزمة اقتصادية حادة مع ارتفاع نسبة التضخم والبطالة.

وفضلا عن ذلك، تمر البلاد بأزمة سياسية منذ أن أعلن الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو 2021 تركيز السلطات في يده وعدّل الدستور وأقرّ إجراء انتخابات تشريعية مع نهاية العام الجاري لانتخاب برلمان جديد محدود الصلاحيات خلفا للبرلمان السابق الذي جمده.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى