أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةعرب ودوليومضات

لماذا وكيف وقفت واشنطن بجانب إسرائيل بعد اغتيال شيرين أبو عاقلة؟

منذ نشأتها تنال إسرائيل دعما أميركيا غير محدود، سياسيا وماليا وعسكريا ودبلوماسيا، ولم يكن رد الفعل الأميركي الرسمي على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة استثناء، وتأرجح هذا الموقف بين محاولات إخفاء حقيقة ما جرى ومجرد الإشارة الخجولة بالاتهام لإسرائيل.

ولم تشفع جنسية شيرين الأميركية عند إدارة بايدن للضغط على إسرائيل وتحميلها مسؤولية قتلها، في وقت تبنى البيت الأبيض بصورة كاملة الرواية الإسرائيلية للجريمة.

تحقيقات أميركية ودولية تدين الاحتلال

في 12 يونيو/حزيران الماضي نشرت صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) نتائج تحقيقها الخاص الذي يشير إلى أن جنديا إسرائيليا “أطلق النار على الأرجح على شيرين أبو عاقلة وقتلها”.

وفي 20 من الشهر ذاته نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) ما وصفته بأنه “تحقيق استمر شهرا” خلص إلى أن “الرصاصة التي قتلت شيرين أطلقت من موقع قريب للتجمع العسكري الإسرائيلي على الأرجح من قبل جندي من وحدة النخبة”.

ووجدت صحيفة “تايمز” (The Times) الأميركية كذلك أنه لم يكن هناك مقاتلون فلسطينيون في المكان الذي كانت تعمل فيه شيرين أبو عاقلة عندما أطلقت النار عليها، مما يدحض ادعاءات الجيش الإسرائيلي بوجود اشتباكات مع مسلحين فلسطينيين في المنطقة في ذلك الوقت، وخلصت إلى نفس النتائج تحقيقات مستقلة قامت بها وكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press) وشبكة “سي إن إن” (CNN).

وفي 24 يونيو/حزيران الماضي خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن شيرين أبو عاقلة قتلت برصاصة أطلقها الجيش الإسرائيلي، وذلك بناء على معلومات قدمها الجيش الإسرائيلي والنائب العام الفلسطيني، فضلا عن مراجعة الصور ومقاطع الفيديو والمواد الصوتية وزيارة مكان الحادث واستشارة الخبراء ومراجعة الاتصالات الرسمية وإجراء مقابلات مع الشهود.

بايدن يتستر ويحمي إسرائيل

قبل وصوله إلى الشرق الأوسط منتصف يوليو/تموز الماضي لم يتطرق الرئيس جو بايدن إلى اغتيال شيرين أبو عاقلة على يد جنود الجيش الإسرائيلي منذ الجريمة يوم 11 مايو/أيار الماضي.

وعلى الرغم من الضغوط المختلفة على البيت الأبيض أيضا فإن بايدن لم يشر إلى مقتل شيرين أثناء وجوده في إسرائيل، وبدلا من ذلك أعاد الرئيس الأميركي التأكيد على التزامه تجاه إسرائيل كحليف و”دولة يهودية مستقلة”، ودعا إلى “سلام تفاوضي دائم بين دولة إسرائيل والشعب الفلسطيني”.

وفي وقت لاحق، زار بايدن مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، حيث اضطر للحديث عن شيرين أبو عاقلة، ودعا إلى إجراء تحقيق، وتعهد بمحاسبة المسؤولين عن مقتلها، وقال “ستواصل الولايات المتحدة الإصرار على سرد كامل وشفاف لوفاتها، وسنواصل الدفاع عن حرية الإعلام في كل مكان بالعالم”.

وأثار قرار بايدن الدعوة إلى إجراء تحقيق فقط اتهامات بأن الرئيس يحاول حماية إسرائيل من مسؤولية قتل شيرين.

وعلى العكس من التحقيقات المستقلة خلص الموقف الرسمي الأميركي إلى أن إطلاق النار من جانب الجيش الإسرائيلي كان “مسؤولا على الأرجح” عن مقتل شيرين أبو عاقلة، لكن “لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا كان متعمدا”.

وأعلنت واشنطن أن منسق الأمن الأميركي الخاص بين الفلسطينيين والإسرائيليين الجنرال مايكل فينزل خلص بعد الاطلاع على تحقيقين منفصلين أجراهما الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية بالإضافة إلى التحليل الجنائي إلى أن الصحفية شيرين أبو عاقلة قتلت على الأرجح بإطلاق نار من موقع الجيش الإسرائيلي.

وفي الوقت ذاته، تشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض نسبة شعبية الرئيس بايدن بين الأميركيين لتصل إلى ما دون الـ40% خلال يوليو/تموز الماضي، وسط تزايد التحديات الداخلية انطلاقا من قضية الإجهاض إلى ارتفاع نسب جرائم عنف الأسلحة، وصولا إلى التدهور الاقتصادي.

ويساور الديمقراطيين قلق كبير من احتمال خسارة أغلبيتهم في مجلسي الكونغرس خلال انتخابات التجديد بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ويرى بعض الخبراء أن بايدن يؤمن بأن الوقت غير مناسب لمواجهة دبلوماسية مع إسرائيل قد تكلفه خسارة الأغلبية في الكونغرس.

حدود الضغط الأميركي على إسرائيل

من ناحية أخرى، فشلت محاولة عائلة الشهيدة في لقاء الرئيس جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية منتصف يوليو/تموز الماضي، وبدلا من ذلك تمت دعوة العائلة إلى واشنطن من قبل وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وعقب اللقاء بين عائلة شيرين وبلينكن كتبت لينا ابنة شقيق شيرين تقول في سلسلة تغريدات “بلينكن أخبرنا أن عليه واجب حماية كل مواطن أميركي”.

بدوره، ضغط بلينكن على وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لنشر النتائج النهائية للتحقيق العسكري الإسرائيلي في مقتل شيرين أبو عاقلة، وهو ما تعهد به الجانب الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن.

ودخل الكونغرس على خط الضغط على البيت الأبيض للتدخل في تحقيقات مقتل أبو عاقلة، وقدم المشرعون التقدميون تعديلا على ميزانية وزارة الدفاع لإجبار وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفدرالي -الذي يحقق بانتظام في الجرائم الخطيرة المرتكبة ضد المواطنين الأميركيين في الخارج- على التحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة.

وطالب نحو نصف الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بتدخل الولايات المتحدة في التحقيق في اغتيال مراسلة الجزيرة، وقاد المبادرة السيناتور كريس فان هولن من ولاية ميريلاند، ووقعها 22 ديمقراطيا إلى جانب السيناتور بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت، وهو مستقل يمثل 24 من أصل 50 عضوا من مجلس الشيوخ في التجمع الديمقراطي.

وتعهد النائب أندريه كارسون (ديمقراطي من إنديانا) بتقديم مشروع قانون باسم “العدالة من أجل شيرين” إلى الكونغرس.

وأوضح أن هذا مشروع مستقل يتطلب تقريرا عن “وفاة” شيرين من قبل وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفدرالي بالتشاور مع وزارة الدفاع والمدير الوطني للاستخبارات.

وأشار كارسون إلى أن 81 عضوا في الكونغرس وقعوا بالفعل على رسالة تدعو إلى إجراء تحقيق جنائي بقيادة الولايات المتحدة.

هجمات أيباك المضادة

وتضغط منظمة “أيباك” (AIPAC) (أكبر جماعات اللوبي المؤيد لإسرائيل) ضد جهود الكونغرس للانضمام إلى التحقيق في مقتل شيرين، ومنذ الساعات الأولى للجريمة بادرت أيباك بمهاجمة السلطة الفلسطينية وإلقاء اللوم عليها في منع اجراء تحقيق مستقل وشفاف.

وغردت المنظمة على صفحتها الرسمية قائلة إنه “من دواعي الغضب أن ترفض السلطة الفلسطينية تبادل الأدلة على وفاة شيرين أبو عاقلة، إن إلقاء اللوم على إسرائيل قبل إجراء تحقيق شامل وموضوعي هو محض دعاية، يجب على قادة الولايات المتحدة إدانة ذلك ومطالبة الفلسطينيين بالتعاون لكشف الحقيقة”.

لا مساس بالمساعدات السخية لإسرائيل

دفع الكونغرس ورحب بتقديم مساعدات سخية لإسرائيل منذ تأسيسها، وتشير دراسات مركز خدمة أبحاث الكونغرس إلى أن تل أبيب تلقت ما قيمته 105.5 مليارات دولار مساعدات أميركية بين عامي 1848 و2020.

وإضافة إلى ذلك تحظى إسرائيل بمساعدات استثنائية تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا لدعم برامج محددة، كتمويل منظومة الدفاع الجوي “القبة الحديدية”، وبرامج لمواجهة أنفاق حركة حماس والكشف عنها، ولتمويل البحث العلمي والتكنولوجي الإسرائيلي.

وعلى الرغم من مسؤولية إسرائيل عن مقتل مواطنة أميركية فإن أيا من أعضاء الكونغرس لم يجرؤ على طلب فرض عقوبات على إسرائيل من أي نوع.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى