أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرشؤون إسرائيليةعرب ودوليومضات

مسؤولو لبنان يلتقون الوسيط الأمريكي: ترقب لنتائج “لقاءات الترسيم” مع تنازل لبناني مسبق

يواصل الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكستين جولته على المسؤولين اللبنانيين، اليوم الإثنين، بعدما كان التقى أمس شخصيات سياسية وأمنية، وذلك في إطار اجتماعاته التي يحمل خلالها جواب الإسرائيليين على المقترح اللبناني، وطرحاً جديداً مقروناً بأجواء تفيد بإيجابية ستتضح معالمها مع ختام اللقاءات.

ويعقد رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون اجتماعاً صباح اليوم مع رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بناءً على اتصال رئاسي مسائي تمت عبره الدعوة إلى اللقاء، للبحث في الموقف من ملف ترسيم الحدود البحرية، والذي سيكون موحداً، ويتمحور بشكل أساسي على ضرورة عودة المفاوضات التقنية غير المباشرة برعاية أممية إلى الناقورة جنوب لبنان (متوقفة منذ أكثر من سنة واقتصرت على خمس جولات).

وقال وزير الطاقة والمياه اللبناني في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، الذي التقى أمس الأحد هوكستين في لبنان بعدما وصل معه على متن الطائرة نفسها من أثينا، إن الوسيط الأميركي يحمل طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين وهو إيجابي، من دون أن يتطرق إلى التفاصيل، نافياً في الوقت نفسه أي عملية تنقيب مشتركة بين لبنان والاحتلال. كما جرى التباحث بملف استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن، على أن تحصل الدولتان على استثناءات من عقوبات قانون قيصر.

ونقل مقربون من وزير الطاقة اللبناني تأكيده أن الوسيط الأميركي لم يحبّذ الفيديو الذي نشره “حزب الله”، باعتبار أنه “لا يساعد في المفاوضات” القائمة، ومن شأنه أن يجعل الجانب الإسرائيلي “أكثر تشدداً”.

ونشر حزب الله الأحد، بالتزامن مع زيارة هوكستين، فيديو اعتبر بمثابة رسالة للاحتلال الإسرائيلي، يظهر إحداثيات منصات استخراج الغاز التابعة للأخير على سواحل فلسطين المحتلة، مرفقاً إياه برسالة “تحت المرمى… اللعب بالوقت غير مفيد”.

ومساءً، تحدث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، خلال إحياء المجلس العاشورائي المركزي في الضاحية الجنوبية لبيروت، عن أنه “على ضوء نتائج المفاوضات غير المباشرة مع العدو حول ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً، نحدد كيفية التصرف في المرحلة المقبلة”، مجدداً التأكيد “أننا لسنا طرفاً في التفاوض، فهذا مسؤولية الدولة ورئيس الجمهورية”.

 

أجواء حلحلة

ويقول رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب سجيع عطية، إن هناك جو حلحلة في الملف، يستند إلى تسريبات الدبلوماسية اللبنانية بالسير بالخط 23 مع حقل قانا، علماً أن التفاصيل الدقيقة لا أحد يملكها، بانتظار جولات الوسيط الأميركي ونتائج المحادثات.

ويلفت عطية إلى أن الجميع بحاجة للحلحلة، وهذا عامل ضغط إيجابي سواء للبنان أو للعدو الإسرائيلي، من هنا أهمية الالتقاء على صيغة، فهذا الملف هو أمل لبنان الوحيد في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وحول احتمالية عدم وجود نفط أو غاز في حقل قانا، يقول عطية: “عندها يكون هناك غضب علينا. أنا أرى أن هناك غاز ونفط بكميات وافرة، ولن نكون بعيدين من الكميات الموجودة في بقية السواحل، للأسف نحن لم نجرِ التنقيب الكافي والكشف العملي الميداني للتأكد قبل التفاوض، ولكن بالمنطق يجب ألا يكون خالياً”.

ويرى عطية أنه في حال نال لبنان حقل قانا والخط 23 فهذا جيّد “والله بحبنا”، من دون أن يخبئ في المقابل انزعاجه من كثرة اللقاءات مع الوسيط الأميركي على المستوى اللبناني، سواء شخصيات أمنية أو سياسية لا لزوم لها، إذ يكفي أن يرى المكلف بالملف أي رئيس الجمهورية، إذ غير لائق بحقنا التبعثر بهذا الشكل.

من جهته، يقول الخبير في ملف ترسيم الحدود العميد المتقاعد أنطون مراد لـ”العربي الجديد” إن الغموض المستمرّ من جانب السلطات اللبنانية يثير الشكوك، وكأنهم يسيرون بمشروع يدركون سلفاً أنه غير منصف للبنان.

ويرى مراد أن لا أحد يريد حرباً سواء الحزب، أو العدو الإسرائيلي، من هنا فإن الحلول ممكنة، بيد أن العدو معروف بالمراوغة، وسيكون جوابه مبنياً بالدرجة الأولى على ترحيبه بقبول لبنان الخط 23، لكنه سيطلب مساحات مقابلة لموافقته على حصول الجانب اللبناني على حقل قانا.

وحول وضع الوفد اللبناني المفاوض في الناقورة الذي شهد انتكاسة بعد الخلافات التي طاولته، وخصوصاً رئيسه العميد المتقاعد بسام ياسين، يعتبر مراد أن الوفد، في حال العودة إلى المفاوضات، لن يكون نفسه طبعاً، وقد يجري البحث عن ضابط يكون تابعاً للسلطة، يقبل بتحمّل المسؤولية عن أي ردة فعل تحصل خصوصاً القوية، مع العلم أن الذهاب إلى الناقورة لن يحصل، أو لا لزوم له إذا ما كان هناك اتفاق شبه منجز.

تنازل “تقني”

من ناحيته، يشير الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت مارك أيوب لـ”العربي الجديد”، إلى أن الرأي التقني في الملف الذي ينطلق من القوانين الدولية ذات الصلة انتهى منذ أكثر من سنة، وحلّت مكانه المفاوضات السياسية، لافتاً إلى أن موقف لبنان كان قوياً من الناحية التقنية فيما لو أقرّ تعديل المرسوم 6433 وسار بالخط 29، لكنه اليوم أصبح ضعيفاً باعتماده الخط 23 الذي لا ينطلق من نقطة رأس الناقورة، بل من داخل البحر ويعتمد تأثيراً كلياً لصخرة تخليت. (صخرة قرب رأس الناقورة بطول 40 متراً وعرض 7 أمتار، ويستغلها الإسرائيلي للقول إنها جزيرة، بهدف دفع الخط شمالاً، بينما بحسب قانون البحار لا تتوافر فيها الشروط فهي غير مأهولة وغير قابلة للسكن).

ويرى الباحث اللبناني في مجال الطاقة أنه في الشق السياسي، ما أحدث نوعاً من التوازن في الموقف اللبناني وأعطاه جرعة قوّة كان الدور الذي لعبه “حزب الله” أخيراً، والمسيّرات التي أطلقها باتجاه حقل كاريش النفطي، ومن ثم نشره الفيديو يوم الأحد بالتزامن مع زيارة هوكستين، لذلك يضغط الأميركي والإسرائيلي لإيجاد حلٍّ قبل شهر سبتمبر/أيلول المقبل (الموعد الذي حدده الاحتلال لبدء استخراج النفط والغاز من حقل كاريش).

ويلفت أيوب إلى أن ما يطرح حتى الساعة هو الخط 23 وحقل قانا للبنان مقابل كاريش، بيد أن الأجواء توحي بأن الإسرائيلي يشترط لقبوله بذلك مساحة له في المقابل شمال الخط 23، أي أنه يريد اعتماد خط متعرج يتيح له قضم جزء من البلوك رقم 8، وهذه نقطة خلافية، خصوصاً في حال تبين أن هناك حقولاً مشتركة في البلوك المذكور، مع الإشارة إلى أن المواقف اللبنانية منها التي أعلن عنها رئيس البرلمان، ترفض تقاسم الأرباح أو الإنتاج، وأن تقوم شركة واحدة تمثل الجانبين بالتنقيب.

من جهة ثانية، يشير أيوب إلى أن مجرد طرح لبنان حقل قانا مقابل حقل كاريش فيه تنازل “تقني”، باعتبار أنه يترك حوالي 1700 كيلومتر مربع بين الخط 23 مع قانا والخط 29، وهذه كلها مساحات نعطيها للإسرائيلي، لافتاً في المقابل إلى أن هناك مسوحات ثنائية وثلاثية الأبعاد أجريت منذ أكثر من 10 سنوات، تعطي احتمالية بوجود غاز ونفط في حقل قانا، لكن هذه تبقى احتمالية ولا يمكن تأكيدها إلا عندما تبدأ عملية الحفر أي ليس قبل عام 2023 ومن ثم أقله 3 إلى خمس سنوات للتنقيب والإنتاج بينما تكون كل الدول الأخرى تجاوزتنا.

ويقول أيوب إن الضغط اليوم على لبنان في السياسة للتوقيع على الاتفاق، وتالياً التنازل من أجل الحصول بالمقابل على المال والقروض الدولية سواء من صندوق النقد الدولي أو في ملف الكهرباء وغير ذلك، في وقت مؤسسات الدولة كلها تنهار وهو حال الخدمات كلها، بينما الطبقة السياسية تريد كسب الوقت والتجديد لنفسها من خلال إدخال المال إلى البلد بأي طريقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى