أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

استعدادات أمنية غير عادية.. ترقُّب قلِق لاحتجاجات 30 يونيو في السودان

-ترفع لجان المقاومة والأحزاب التي تساندها شعارات “إسقاط الانقلاب”، في إشارة لإجراءات قائد الجيش الذي أطاح بالحكومة المدنية في 25 أكتوبر/شرين الأول الماضي، وعودة الحكومة المدنية، ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين، وتفكيك بنية النظام السابق.

تحت شعار “الطريق إلى 30 يونيو” تتصاعد استعدادات لجان المقاومة السودانية لمواكب (مظاهرات) شعبية مقررة غدا الخميس في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن البلاد، وتنذر بيوم طويل ربما لن تخلو ساعاته من تطورات مهمة.

وللـ30 من يونيو/حزيران وقع خاص لدى السودانيين الذين اعتادوا أن تحيي ذكراه حكومة الرئيس المعزول عمر البشير سنويا منذ عام 1989 احتفاءً بوصولها السلطة مطيحة بحكومة رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي.

وفي عام 2019، بعد نحو 6 أسابيع من إزاحة البشير، تأزّمت الساحة السياسية مع تعثر الاتفاق بين اللجنة العسكرية وائتلاف الحرية والتغيير (قوى الثورة التي أطاحت بالبشير) خاصة بعد المجزرة التي أحدثها فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش بالخرطوم.

وعلى إثر ذلك، تداعت القوى المدنية للخروج في 30 يونيو/حزيران للتنديد بالمجزرة التي خلّفت عشرات القتلى ومئات الجرحى، والمطالبة بتسليم السلطة لحكومة مدنية. وعمّت الاحتجاجات وقتها 28 مدينة بالسودان.

واليوم تعيش القوى المدنية في السودان الأجواء ذاتها، فالعلاقة المأزومة مع العسكر تبدو أكثر تعقيدا ومحاطة بتداعيات الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفت بـ”الانقلاب العسكري”، حين قرر إقصاء تحالف الحرية والتغيير عن السلطة وإنهاء الشراكة معه بعد عامين من التقارب.

وتمتزج الأجواء هذه المرة أيضا بغضب عارم جرّاء العنف الأمني البالغ تجاه المتظاهرين الرافضين “للانقلاب” لحد إيقاع أكثر من 100 قتيل ونحو 4 آلاف مصاب أحصتهم لجان طبية غير رسمية.

ندوات وحشود.. وأهداف

تؤشر الوقائع والتحضيرات الدقيقة على الأرض من كل الأطراف بما فيها القوى الأمنية إلى أن السودان موعود بيوم طويل وصعب ومنفتح على كل الاحتمالات وفقا لمراقبين قالوا كذلك إن إعلان “قوى ذات أجندة متناقضة” حشد مؤيديها للخروج في مواكب الخميس أمرٌ يبعث على القلق ويربك المشهد كليا.

وترفع لجان المقاومة التي تسوّق لهذه المواكب، والأحزاب التي تساندها شعارات “إسقاط الانقلاب”، في إشارة لإجراءات قائد الجيش الذي أطاح بالحكومة المدنية في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- وعودة الحكومة المدنية، وتحقيق العدالة بمحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين، وتفكيك بنية النظام السابق.

وأطلقت القوى الحزبية الرئيسية دعوات لكوادرها بالمشاركة في المليونية المرتقبة، كما نظمت ندوات سياسية وحشودا دعائية بمشاركة أمهات عدد من ضحايا الاحتجاجات اللواتي رددن شعارات تطالب بالقصاص و”إسقاط حكم العسكر”.

لكن المفاجئ كان إعلان تحالف ميثاق التوافق الوطني، الذي أيد إجراءات العسكر ضد الحكومة المدنية، حشد أنصاره للمشاركة في مليونية 30 يونيو/حزيران “للحفاظ على مكاسب الثورة ولحمايتها من الاختطاف والاتفاقات الثنائية”، وفقا للمتحدث باسم التحالف محمد زكريا.

وهو ما من شأنه إرباك المشهد كما يقول المحلل السياسي الجميل الفاضل للجزيرة نت، مؤكدا أن القصد من تصريحات تيار التوافق ليس المشاركة الجدية في المواكب وإنما تشتيت الجهود، خاصة أن الاستعدادات التي تجريها لجان المقاومة وتحالف التغيير والحزب الشيوعي تؤكد أن المشاركة ستكون كبيرة وتفوق التوقعات.

وفي دوائر كيان “غاضبون بلا حدود”، (جماعة شبابية غاضبة من الأحزاب السياسية ومن العسكر) يعمل مئات الشباب لحشد الدعم وترغيب الشارع في المشاركة حيث بدأت الاستعدادات لـ”30 يونيو” باكرا كما يقول أمين نكست المتحدث باسم التنظيم للجزيرة نت.

ويشبّه الأجواء التي تحيط بالتحضير لمواكب الخميس بتلك التي شهدها عام 2019 حيث بات التظاهر حديث الشارع لكل مكان، بما يعني وفق تأكيده أن المشاركة ستكون ضخمة، ويقلل المسؤول في التنظيم من تأثير مشاركة “مؤيدي الانقلاب” قائلا إنهم “فئة معزولة”.

استعداد أمني

وقالت أنها الجزيرة رصدت تحركات مكثفة للقوات الأمنية منذ مطلع هذا الأسبوع؛ حيث تجوب سيارات بلا لوحات الشوارع الرئيسية بكل من الخرطوم وأم درمان وبحري وهي محمّلة بجنود يرتدون زيا عسكريا في تحركات أشبه باستعراض القوة.

ومنذ ليل الثلاثاء، بدأت حملات تفتيش للسيارات على نحو غير معتاد، صحبتها تحضيرات جدية لإغلاق الجسور الرئيسية التي تربط مدن العاصمة الثلاث بإنزال حاويات ضخمة ووضعها جانبا، وسط توقعات بأن يتم الإغلاق في أي لحظة لمنع تدفق المتظاهرين الذين أعلنوا أن وجهة المواكب ستكون القصر الرئاسي، كما تحدث ناشطون عن احتمال قطع خدمات الاتصالات والإنترنت.

وفي غضون ذلك، كشفت مصادر قانونية عن حملات اعتقال تطال قيادات لجان المقاومة، بينما يشهد حي بري شرقي الخرطوم توترا شديدا منذ أيام إذ تحتدم فيه المواجهات بين الشرطة والناشطين في تنظيم مواكب دعائية لتحفيز الأهالي على المشاركة في المليونية المرتقبة.

تحذير أممي

ويؤكد كل من محمد آدم الجاك وخالد حسين، عضوي لجان المقاومة في مناطق وسط وشرقي العاصمة، اكتمال التحضيرات لمواكب الخميس بمستوى عالٍ وبوسائل مختلفة أدت لتعبئة واسعة في الشارع العام.

ويقول الجاك إن تنظيم ندوات سياسية عن وحدة قوى الثورة أعطى دفعة كبرى للاستعدادات وخلق اصطفافا جماهيريا نادرا، “ومن شأن المواكب أن تعكس للعالم صورة ثورية مشرفة يتمسك أصحابها بالعهد مع الشهداء ويمضون في طريق المطالبة بمدنية الدولة”.

ويضيف حسين أن هدف “30 يونيو” الكبير هو إخراج المؤسسة العسكرية من السياسة، وإلغاء الاعتراف بالمليشيات، وتقديم الانقلابيين ومؤيديهم للمحاسبة.

ويتوقع عضو لجان مقاومة الخرطوم شمال عبد المنعم القاش مواجهة المتظاهرين بقمع مفرط، غير أنه يبدي في حديثه  قناعة بأن “بسالة رفاقهم والعدد الكبير من المشاركين ستهزم آلة العنف”، كما تحدث عن عزم المحتجين البقاء في الشارع لحين الاتفاق على موقع لتنفيذ اعتصام مفتوح، و”سيتم ذلك حين تصل الحشود لأعداد لا يمكن السيطرة عليها”.

وعلى ضوء ذلك، أطلق رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس تحذيرات للسلطة بأنه لن يتم التسامح مع العنف ضد المتظاهرين في مواكب الخميس. وقال في بيان الثلاثاء، إن على السلطات ضمان الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير.

غير أن السلطات الشرطية والعسكرية تتحدث عن جنوح المتظاهرين للعنف والتعدي على منتسبيها ومراكز الشرطة خلال عدد من المواكب التي نظمت أخيرا.

وفي بيان أصدرته الاثنين، قالت رئاسة الشرطة إنها ستعمل خلال مواكب الخميس على تأمين المواطنين والممتلكات والمواقع الإستراتيجية والسيادية بالدولة، بجانب تنوير القوات والتعامل بالقوة المدنية (الغاز المسيل للدموع، والعصا، وقيود اليدين، وعربات الدفع المائي) في تفريق المحتجين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى