أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

أوريان 21: لبنان يسابق الزمن للخروج من أزمته المالية

يتخبط لبنان في أزمة اقتصادية منذ سنوات أدت إلى تدهور جودة حياة شعبه، لكن تقدم المفاوضات التي يجريها مع صندوق النقد الدولي تبشر بإمكانية انفراج الوضع.

وقال هنري مامارباتشي، في تقرير نشرته مجلة “أوريان 21” (orientxxi) الفرنسية، إنه في السابع من أبريل/نيسان الجاري أعلن صندوق النقد الدولي جنبًا إلى جنب  السلطات اللبنانية توقيع اتفاق يقضي بمنح بيروت مساعدة مالية تقدر بـ3 مليارات دولار، من أجل إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة.

وأوضح الكاتب أن حجم المساعدات التي يحتاجها لبنان يقدر بعشرات المليارات من الدولارات، غير أن المساعدة التي يعتزم صندوق النقد الدولي تقديمها تعد خطوة تمهد الطريق أمام الدول الصديقة لتقديم المزيد من الدعم المالي للبنان. مع العلم بأن تنفيذ الاتفاق يعتمد على تنفيذ جملة من الإصلاحات الأساسية واعتمادها من قبل الطبقة السياسية.

وتزامنا مع ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية والكويت عودة سفرائهم إلى بيروت بعد انقطاع عمل البعثات الدبلوماسية لمدة 5 أشهر على التوالي، احتجاجًا على النفوذ الذي تمارسه إيران عبر حزب الله.

وحسب الكاتب، لم يخفِ سعادة الشامي، نائب رئيس مجلس الوزراء الذي يترأس الوفد اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حقيقة إفلاس لبنان وبنكه المركزي، ففي مارس/آذار 2020، تخلف لبنان عن تسديد حجم الديون التي عليه والمقدرة بـ92 مليار دولار.

صندوق النقد يشترط الإصلاحات

وذكر الكاتب أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حظي بترحيب كل من رئيس الدولة ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي.

في المقابل، يشكك السكان الذين يعيشون في الفقر المدقع بسبب الأزمة -فضلًا عن القادة والطبقة السياسية- في إمكانية تنفيذ الاتفاق، بسبب تورط وجوه داخل النظام اللبناني في عرقلة مسار الإصلاح، مما أدى إلى إفلاس لبنان.

ونقل الكاتب تعليق الخبير المصرفي اللبناني شادي كرم، الذي قال “قد تتعدى التكلفة الاجتماعية التي يفرضها صندوق النقد الدولي حدود طاقة الشعب على التحمل”.

وأشار الكاتب إلى أنه في مؤتمر المانحين الدولي “باريس الثالث” الذي عقد يناير/كانون الثاني 2007، تعهد المجتمع الدولي بتقديم مساعدات تقدر بـ7.6 مليارات دولار للبنان. لكن، حال انعدام الإرادة السياسية دون التمتع بهذه المساعدات، ولكن على عكس ما مضى، سوف يشرف على المساعدات والإصلاحات صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي الذي أبدى استعدادًا لتقديم الدعم هذه المرة.

مشروع ميزانية سريع

ويكشف الكاتب أنه من أجل إظهار قوة الإرادة، سارع مجلس الوزراء في اعتماد قانون المالية ومشروع الميزانية لعام 2022، ويتعين على البرلمان المصادقة عليهما قبل الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها يوم 15 مايو/أيار المقبل.

وفي بيان صحفي مشترك عقب الاتفاق، قال ميشال عون ونجيب ميقاتي “سوف نبذل الجهود اللازمة من أجل ضمان تنفيذ جميع الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق في الوقت المناسب، بما في ذلك اعتماد التشريعات اللازمة بالتعاون مع البرلمان. نجدد التزامنا الكامل بمواصلة التعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل انتشال لبنان من أزمته الراهنة والسير به نحو طريق الازدهار”، وتابع البيان “يعاني لبنان من مشاكل خلفت أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة وعجز كبير وتزايد مستمر في الدين العام”.

وخلال تأكيده على ضرورة مراعاة الجدول الزمني المحدد للإصلاحات، قال سعادة الشامي “كلما تأخرنا في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، تدهور الاقتصاد الوطني وأثر ذلك سلبًا على نوعية حياة المواطن. من أجل تفادي سيناريو مماثل، ينبغي تضافر الجهود”.

وأشار الكاتب إلى أن التحقيقات التي أجرتها السلطات في سويسرا وفرنسا وليختنشتاين ولوكسمبورغ أثبتت تورط مدير مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، في جرائم اختلاس ومخالفات مالية وغسل الأموال، في حين تمت محاكمته في لبنان بتهمة “الإثراء غير المشروع”، ولهذا منع صندوق النقد الدولي حضور الجهات التي تمثل مصرف لبنان خلال المفاوضات، معتمدًا على تحديد الحكومة إستراتيجية لإعادة هيكلة النظام المصرفي، وهو ما علق عليه الخبير المالي اللبناني مايك عازار بقوله “جميع الجهات الفاعلة مستعدة لإعادة الهيكلة”.

تشريعات معطلة

ولفت الكاتب إلى سيطرة الأحزاب السياسية المعروفة على البرلمان، مما يجعل صوت المعارضة التي تتكون من المجتمع المدني والنواب المستقلين ضعيفًا وغير مسموع، حيث تهدف الانتخابات المقرر عقدها في 15 مايو/أيار المقبل إلى انتخاب 128 نائبًا لولاية نيابية مدتها 4 سنوات، بموجبها يستطيع -ولأول مرة- أكثر من 225 ألف لبناني خارج التراب اللبناني الإدلاء بأصواتهم في مكاتب السفارات، كما تضم القوائم الانتخابية لأول مرة أيضا 155 مرشحة من أصل 1043 مرشحا.

ووفقًا للكاتب، فإن المعارضة التي أفرزتها انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019 انتشرت في قوائم مختلفة في دائرة جبل لبنان. في المقابل، أعلنت 6 أحزاب وتجمعات للمعارضة اللبنانية مؤخرًا عزمها توحيد صفوفها في ضوء الانتخابات التشريعية.

ورغم الشجاعة التي تتحلى بها صفوف المعارضة، فإن تشتتها وافتقارها إلى برنامج انتخابي واضح يجعلها في موقف ضعف أمام حزب الله المتحالف مع حركة أمل الشيعية اللبنانية والتيار الوطني الحر.

وفي النهاية، أكد الكاتب أنه رغم النفوذ الذي يمتلكه حزب الله، فإنه لم يستطع حماية نفسه من سهام النقد التي توجهها إليه أصوات المعارضة.

في هذا الصدد، يقول أمين عام حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” شربل نحاس “يفتقد حزب الله لمشروع سياسي واضح، ويشارك فقط في الانتخابات للطعن في شرعية السلطة الحاكمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى