أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودوليومضات

تزايد التطوع لقتال الروس في أوكرانيا: الدنمارك نموذجًا

تتشكّل في مختلف أنحاء أوروبا ظاهرة “التطوع” للانخراط في مواجهة الجيش الروسي في أوكرانيا، مع ما يشبه التسامح من الحكومات، إذا لم يكن تشجيعاً مبطناً، لتتجاوز ظاهرة عشرات المقاتلين الأجانب التي عرفتها الحرب في سورية.

ولا تبدي دول في الاتحاد الأوروبي ممانعة في سفر مواطنيها إلى أوكرانيا، وخصوصاً الذين يُطلق عليهم “قدامى المحاربين”، أي ممن يملكون خبرة قتالية وأنهوا خدمتهم العسكرية في جيوشهم.

ومن بين الدول المتحمسة في شمال أوروبا لمواجهة ما يوصف بـ”الاحتلال الروسي لأوكرانيا”، تبدو الدنمارك متساهلة مع توالي أخبار سفر المواطنين من أصول أوكرانية أو الأوكرانيين المقيمين على أراضيها دفاعاً عن بلدهم. ليس ذلك فحسب، بل تتعالى نبرة تستعيد شيئاً من تاريخ انخراط الأوروبيين في فيالق القتال الأممية في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939).

ويساجل بعض الأوروبيين، وخصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن الأمر يختلف عما كان عليه في انخراط شبان أوروبيين من أصول مسلمة في القتال بسورية بين 2013 و2019. ويرى هؤلاء المؤيدون للتطوع في أوكرانيا أن الأمر يتعلق هذه المرة بحرب على أرض أوروبا، فيما الشباب الذين توجهوا إلى سورية، ويقضي بعضهم سنوات في السجن حالياً، “قاتلوا إلى جانب تنظيم داعش ضد التحالف الدولي الذي كانت الدنمارك جزءاً منه، أي قاتلوا ضد بلدهم”.

آلاف الاسكندنافيين نحو القتال ضد الروس

وبعد أن أطلق الأوكرانيون بأنفسهم ما يشبه نداء أو دعوة لكل من يريد مقاتلة الروس للحضور إلى أوكرانيا، كما فعل الأحد الماضي الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بدأت المعلومات ترشح عن توجه فعلي للآلاف نحو الانخراط في القتال ضد الروس.

وعدا عن أن الأخبار تتحدث عن وصول نحو 80 ألف مهاجر أوكراني أعمارهم بين 18 و60 سنة إلى بلدهم، من بينهم مئات المقيمين في الدول الإسكندنافية، فإن آلافاً آخرين من الاسكندنافيين باتوا يتوجهون فعلاً إلى أوكرانيا.

وكشفت مصادر صحافية في كوبنهاغن اليوم عن أن قدامى المحاربين نسقوا جهودهم لضم مقاتلين سابقين لتشكيل كتيبة متخصصة في قتال الشوارع، بهدف الانضمام إلى “صفوف المقاومة الأوكرانية”. وأشارت صحيفة “بوليتيكن” الدنماركية إلى أنها تحدثت مع قائد الكتيبة وعدد من العسكريين السابقين، الذين أخفوا هوياتهم، وهم في طريقهم إلى أوكرانيا. وجزم القائمون على التشكيل بأن “الاهتمام كبير بين الرجال الراغبين بالتطوع في المقاومة الأوكرانية التي تنشأ الآن”.

وتأتي هذه الجهود الأوروبية، ومن بينها سويدية ودنماركية ونرويجية وفنلندية، في سياق انتشار مفهوم يعتبر أن قتال أوكرانيا ضد الغزو الروسي هو “بمثابة دفاع عن أوروبا”.

رفع كلفة الغزو الروسي

هذه التحركات المتزايدة للانخراط في التشكيل العسكري، الذي أعلنت عنه كييف بنفسها، تحت مسمى “الفيلق الدولي”، ترفع التوقعات العسكرية الأوروبية المتخصصة بأن الوجود العسكري الروسي في أوكرانيا “سيكون مكلفاً للغاية”.

ومع تساهل الحكومات الغربية مع “المتطوعين”، واستمرار الحرب في أوكرانيا لوقت أطول مما هو مخطط له، وفقاً للتحليلات، فإن “لا الوقت ولا الحسابات في مصلحة موسكو”، على ما نقلت وسائل إعلام أوروبية عن متابعين للأوضاع.

ولفت موقع “أوكرانيا فورم” (Ukrinform) خلال الساعات الأخيرة إلى أن تدفقاً للمتطوعين بدأ باتجاه الأراضي الأوكرانية. ويرفض موظفو السفارات الأوكرانية في الدول الاسكندنافية الإدلاء بمعلومات عن مدى الاستجابة لدعوة كييف للمتطوعين الأجانب.

وعلى ما يبدو فإن السفر للتطوع في أوكرانيا لا يجري من دون تنظيم، بل بحسب ما يرشح فإن تنسيقاً يجري بين سفارات كييف ومسؤولين في الجيش الأوكراني. ويتم تقييم الخبرات العسكرية للراغبين في التطوع، بعد مقابلات شخصية في السفارات في أوروبا، وبعد وقت قصير يحضر المتطوع شخصياً إلى مكان ما في أوكرانيا حيث يتم استقباله من مسؤولين عسكريين عن المتطوعين الأجانب والأوكرانيين.

وبحسب “أوكرانيا فورم”، فإن المتطوعين يُحضرون لباسهم العسكري وبعض المستلزمات، قبل أن يجري توزيعهم على “الفيلق الدولي”. وبالنسبة للذين لا يملكون خبرة عسكرية، يجري توزيعهم على العمل الإنساني والإغاثي. هذا عدا عن أن الأجهزة الأمنية الأوروبية تطلع على ما يحدث بشكل دقيق، وخصوصاً من خلال وحدات أنشأتها خصيصا لمثل تلك الحالات، وإن كانت تستهدف بصورة رئيسة الشبان من أصول مسلمة، خشية انضمامهم إلى تنظيمات متشددة خارج القارة.

تراجع التصريحات العلنية المشجعة، على طريقة وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، للانخراط في صفوف الأوكرانيين، لا يعني فرملة السماح بسفرهم، خصوصاً أن الحديث يجري عن أشخاص ذوي خبرة عسكرية اكتسبوها أثناء انخراطهم في جيوش بلادهم.

وتستفيد أوكرانيا عملياً من تدفق “قدامى المحاربين”، وبعضهم ليس بالضرورة أن يكون قد تجاوز عقده الثالث أو الرابع، لامتلاكهم خبرة في السلاح الغربي الذي يتدفق من المخازن الغربية، كما هو الحال مع الأسلحة المصنعة في السويد وتلك الخارجة من مخازن الجيش الدنماركي، وغيره من الجيوش الغربية.

وإذا صحت التقارير الأوروبية عن توسع نطاق التطوع، والبعض منهم آتٍ من قوات النخبة، فإن مقارعة الروس في أوكرانيا تبدو أحد خيارات النفس الطويل التي أثارتها العديد من مراكز الأبحاث وأكاديميات الدفاع في أوروبا الشمالية، في سياق سيناريوهات عدة من بينها تحويل الأراضي الأوكرانية إلى مستنقع حرب عصابات طويلة الأمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى