أخبار عاجلةمقالات

فرق تسد نظرية الطغاة المتوارثة

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

من منّا لم يسمع عن نظرية “فرق تسد” تلك النظرية التي تُعتبر سلاح الاستعمار والطغاة على مرّ الأزمان، وهي بمثابة ترياق بقائها وأثير ديمومتها للسيطرة على مدخرات الشعوب المٌسْتَعمرة؟! ويعتبر هذا المصطلح “فرق تسد”، مصطلحا سياسيا عسكريا بامتياز، وهو يعني: إذا أردت السيطرة والهيمنة على الخصم فعليك العمل على تفكيك قوته ووحدته وبالتالي يصبح من السهل التعامل معه. وقد عبّر عن ذلك غاندي حينما قال: كلما اتّحد الشعب ضد الاستعمار تُذبح بقرة، وذلك لكي ينشغلوا فيما بينهم عن هوية من ذبح البقرة وتثار نار الصراع الطائفي فيما بينهم ويتركوا الاستعمار يلهو ويعيث بمقدراتهم!! وهذا المثل الذي طبقه الاستعمار البريطاني قديما في الهند، يُطبق الآن في جميع الدول المُحتلة من أي استعمار كان.

وقد عبّرت عن هذه السياسة (فرق تسد) رئيسة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس، بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر عام 2005 حينما تبنّت سياسة الفوضى الخلاقة التي يسعون من خلالها إلى إحداث وخلق نزاعات طائفية وعرقية ودينية في المنطقة الإسلامية (الشرق الأوسط) بهدف إعادة رسم الخريطة السياسية والديموغرافية لتلك المنطقة، وتطبيق ما تسمى “صفقة القرن”، وكذلك أكد على استخدام هذه القاعدة “فرق تسد” مايكل شويهر الضابط السابق في سي إي إيه عام 2004 وبعد أن تأكدت أمريكا من خسارتها عسكريا في حربها مع العراق، فتحت المجال أمام ما تُسمى ب “داعش” في العراق للظهور إلى السطح وتأجيج الصراعات التي استنفذت كل ما هو عراقي وقس على ذلك ما يحدث بسوريا، وليبيا، وغيرها من البلدان.

أراد الاستعمار تمزيق الممزق حتى يضمن استقراره واستحواذه على هذه المنطقة!! وهذه السياسة استخدمها كذلك الطاغية الأكبر “فرعون”.

لذلك أؤكد أن الاستعمار وعلى مر الأزمان قديما وحديثا متمثلا بالثالوث الإسرائيلي والغربي، يخطط دون كلل أو ملل في الليل والنهار من أجل إذكاء نار الفتنة والنعرات الطائفية والعرقية بين أبناء أمتنا المسلمة حتى يبقى هو المسيطر على أوطاننا ومدخراتنا وحكامنا الذين أصبحوا أدوات مكشوفة في تنفيذ مخططات الاستعمار الأجنبي. نعم باعوا ضمائرهم ودينهم في سبيل شهوة السلطة لعنهم الله.

ولو أمعنا النظر في مجتمعنا الفلسطيني لوجدنا أن المؤسسة الاسرائيلية تستخدم هذه السياسة معنا كذلك، وبالذات بعد هبة الأقصى في عام 2000 حيث وقف جميع فلسطينيي الداخل وقفة رجل واحد بوجه المؤسسة الإسرائيلية التي ظنت أنها قد نجحت في اقتلاع الهوية الفلسطينية والثوابت من قلب الجيل الناشئ من فلسطينيي الداخل وكانت المفاجأة والصفعة القوية التي وجهها أبناء مجتمعنا الفلسطيني للمؤسسة الإسرائيلية، لذلك ومنذ ذلك التاريخ بدأت السلطات بالتخطيط والعمل على زرع الفتن والخلافات بين أبناء المجتمع الفلسطيني، من خلال السماح بانتشار فوضى السلاح والسوق السوداء التي اجتاحت كافة بلداتنا الفلسطينية بشكل كبير حيث بلغ عدد القتلى منذ العام 2000 أكثر من 1700 ضحية دمهم مرهون و معلق برقبة المؤسسة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية.

والملفت للنظر أنه لم يُكتشف القاتل إلا في بضع جرائم خلال هذه السنوات من أجل الإبقاء على نار الفتنة مشتعلة بين أبناء البلد الواحد.

ومن أساليب السلطات الإسرائيلية كذلك ما قامت به في الأيام الماضية القليلة -وبعد الإمساك ببعض الأسرى الذين فرّوا من خلال نفق الحرية في سجن جلبوع – بإذكاء نار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، عبر إشاعة أن من كان السبب في إلقاء القبض على الأسرى هو عائلة عربية من مدينة الناصرة الشماء المعروفة بوطنية أهلها الكرام، فقد صدق البعض من أبناء مجتمعنا الفلسطيني بشقيه هذه الرواية التي أرادت المؤسسة ترويجها، وأخذوا يتراشقون الاتهامات، ونسوا وجعهم وهمهم الأكبر وقضيتهم الأساسية.

من يروج لشائعات تصب في مصلحة المستعمر أو المحتل فهو إما عميل للاستعمار أو شخص جاهل لا يعلم أبعاد ترويجه لدعايات المحتل. فالحذر الحذر أيها الأعزاء، خاصة وأننا مقبلون على أيام صعاب وظروف قاسية، فلا تجعلوا من أنفسكم أهدافا سهلة وأبواقا تصرخ بما يريد الاحتلال ووالله لو وقفنا وقفة رجل واحد ووحدتنا قوتنا لحققنا المعجزات لأننا أصحاب حق وصاحب الحق أقوى وأبقى. اللهم اجعلنا وإياكم ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى