أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

بعض النقاط حول التنمر

عائشة حجار

ربما هي من أبشع الظواهر الاجتماعية التي تعزى الى الجيل الصغير والمدارس، على الرغم من انتشارها بين جميع أنواع الناس في مختلف الأجيال، فالتنمر ظاهرة بشرية عالمية لا تقتصر على سن أو مجتمع، ببساطة هي تصرف بشري سيء تقوم فيه مجموعة بإيذاء شخص يعتقدون أنّه أضعف منهم. وبما أننا عدنا إلى المدارس هذا الأسبوع، فلا بد من تفنيد بعض المعتقدات الشائعة حول التنمر والتي قد تجعلنا نتعامل معه بشكل خاطئ.

1- على عكس ما نعتقد، أطفالنا في الكثير من الأحيان لا يشاركوننا حقًا تجاربهم الاجتماعية وخاصة السلبية منها، كما أنّ الأبناء يعتقدون أن الانترنت والمدرسة ليسا ضمن المساحة التي يسمح للوالدين التواجد فيها، لذلك يمكن أن يعرف كل رواد “التيك توك” أن طفلنا أهين في المدرسة ونحن لا ندري. عدا عن تأسيس حوار صحي ومفتوح مع أبنائنا، لا بد من حمايتهم عبر تطبيقات الرقابة الوالدية حتى لا نكون آخر من يعلم بمعاناتهم.

2- بعض الاطفال يسلّمون بالتنمر! خاصة أولئك الذين يتعرضون له في سن صغيرة ويقتنعون أنّ هذا هو الوضع الطبيعي وأنّهم ربما يستحقون السخرية. هذا الأمر قد يسحق ثقة الطفل بنفسه وبالآخرين، ولذلك فأحد المؤشرات على التنمر هو أن يبدأ الطفل نفسه بنسب صفات سلبية إلى نفسه.

3- أحيانًا يكون الحل في نقل الطفل إلى صف أو حتى مدرسة أخرى، البعض يعتبر ذلك ضعفًا وهروبًا بينما هو في الواقع درس في قطع العلاقات المسمومة، حتى لو كلفنا الأمر الافتراق عن بعض الأصدقاء أو المعلمين المحبوبين. الأمر مشابه في الواقع الإنترنتي، إلغاء الصداقات وحجب بعض الأشخاص ضروري لإشعار الطفل بأنه محمي.

4- هناك شائعة أن المتنمر شخص قوي أو مميز يستغل قوته لإيذاء الآخرين. في الواقع المتنمر هو شخص يعرّف نفسه عبر السخرية وإيجاد العيوب في غيره بدلًا من تحسين صفاته. هو يرى أنّ تميزه في عدم كونه قصيرًا/ طويلًا/ سمينًا/ نحيفًا مثل فلان. المتنمر شخص يعاني من ضعف وقلق يغطيه بإيجاد نقاط ضعف غيره، في الكثير من الحالات يكون الحديث عن قلق اجتماعي من أن يكتشف الآخرون ضعفه ويتحول هو إلى ضحية للتنمر.

5- في الانترنت نجد ظاهرة خاصة فيها يتحول ضحايا التنمر إلى متنمرين وكذلك تجد الابحاث أنّ الإناث يتنمرن أكثر بكثير في الانترنت، الأمر يعود إلى قدرة المتنمر على إخفاء شخصيته، من المهم ألا يتعامل الأهل والطواقم التربوية مع تنمر الانترنت بنفس معايير وصفات التنمر في الحيز الملموس لأن قوانين الانترنت تختلف عن قوانين الصف والساحة.

6- من المهم التعامل مع التنمر الانترنتي خاصة، بحساسية خاصة ومراعاة إبقاء المشكلة في أصغر إطار ممكن. بعض الأهالي يحاولون تعويض أبنائهم باحتفال كبير أو المطالبة بمعاملة خاصة يتلقونها مثل استضافة كل أبناء الصف لتعزية الطفل. هذا الحل خطر كونه قد يوصم الطفل بأنه “الولد الذي لم يتحدث إليه أحد” ويظهره بمظهر المسكين فيضر أكثر مما يفيد على الرغم من النوايا الطيبة. طبعًا من الممنوع نشر “قصة التنمر” في الشبكات الاجتماعية من قبل الأهل، حتى لو شعروا بالضيق الشديد فهذا الفعل قد يسبب ضررًا غير قابل للإصلاح.

7- كما أن الانترنت هو ساحة للتنمر بين الأطفال، فقد بات مكانًا يتبادل فيه الاهالي والطواقم التدريسية التنمر وفي الغالب نجد المعلمين في موضع الضحية. إذا لم ترتدع عن مهاجمة المعلم في الانترنت، مكان يمكن لطفلك أن يراه، فأنت لا تظهر له فقط أنّ التنمر مسموح، بل تنتزع من المعلم الاحترام الذي يستحقه بين طلابه. لذلك ببساطة إذا لم ترد أن يتعرض طفلك للتنمر لا تكن متنمرًا.

8- بسبب وجود احتمال أن يتعرض طفلك للتنمر دون أن تعلم، لا بد أن تحصر “شبكة أمان” لمثل هذه الحالة. كل شخص يحتاج الى مكان أو شخص يستخلص أفضل ما فيه ويشعره بتحقيق الذات، يمكن أن يكون هذا المكان دورة تعليمية مع أطفال من خارج المدرسة، ممارسة الرياضة، الفنون، ويمكن أن يكون بناء علاقة مع أبناء الجيران والاصدقاء، باختصار أن يكون لديه حياة كاملة خارج الانترنت.

9- ذكّر نفسك وأبنائك أنّ العالم لا يقتصر على الشبكات الاجتماعية، على الرغم من أهميتها، وأن ما يعرض فيها ليس إلا صورة جزئية ومشوهة من الحياة الحقيقية. اجعلهم يعتادون على التفكير النقدي وعدم إعطاء الأمور أكثر من حجمها ومصداقيتها.

10- نقطة أخيرة، حان الوقت لتأخذ الطواقم التربوية على عاتقها بناء وتنفيذ برامج للتنور الإعلامي وفهم الطرق الصحيحة للتعامل مع الانترنت بشكل ممنهج ومع أهداف واضحة قصيرة وبعيدة المدى، مبادرات كهذه يمكن أن تمنع موت طفل، حرفيًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى