أخبار عاجلةمقالاتومضات

ما بين غضّ البصر وإطلاق البصر..  مصائب البشر

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

باتت المصائب والبلايا تنهش بمجتمعاتنا المسلمة نهش الوحوش، سواء من حيث ارتفاع نسبة الطلاق، وكثرة الخيانات الزوجية، والانحلال الأخلاقي وتقبل الشواذ عند البعض من الشباب في مجتمعنا المسلم.

والجميع يتساءل ما السبب الذي أوصلنا إلى هذا الدرك من الانحطاط والتحلل؟! ولو أمعنا النظر جيدا ووقفنا مع أنفسنا وقفة صدق لوجدنا أن السبب الأول والأهم فيما وصلنا إليه هو: عدم الامتثال لقوله تعالى: (قل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ () وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ……) حيث أطلقنا العنان لأبصارنا في ظل هذه الظروف المهيأة من كل النواحي للنظر إلى المحرمات، ولا يخفى على عاقل أنه من أعظم الفتن المنشرة في زماننا هذا فتنة النظر، لكثرة التبرج المنتشر بين صفوف النساء، وكثرة القنوات الإباحية المنتشرة على مواقع السوشيال ميديا وسهولة الدخول إليها وغياب الوازع الديني والتساهل بإطلاق العنان للبصر. كل تلك العوامل تلعب دورا في ما نعايشه من مصائب وويلات أسرية ومجتمعية، فالزوج يريد زوجته تفصيل على نمط الممثلة الفلانية أو المغنية العلانية، والمرأة كذلك الأمر والفتيات تتفنن في التبرج والعُري لإغراء وإغواء الشباب وأصبح الزنا الإلكتروني منتشرا في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم، وأصبحنا نعيش علامات آخر الزمان حيث.

باتت أسوار الأسرة المسلمة الحصينة تنهار أمام أعيننا بسب التفلت والتحلل الأخلاقي وقد يدّعي البعض أنه لا مفر من النظر إلى المحرمات في ظل ظروف الحياة التي نعيشها بسبب الانفتاح على الغرب والاختلاط في كل مكان وهنا نقول نعم، هذا أمر وارد أن ينظر الواحد منا دون قصد إلى المحرمات ولكن علينا أن نعي ونفهم أن من حقنا نظرة واحدة عابرة وليست نظرات وتمعن بالمفاتن ومواقع الجمال في الشخص المقابل فكما أخبرنا الهادي عليه أفضل الصلاة والتسليم: (النظرة الأولى لك والثانية عليك) وإن انتشار الفتنة بين الناس ليس عذرا للإنسان أن يقع فيها أو يشارك بها كما يفعل الكثيرون من الشباب ممن غاب عن قلوبهم الوازع الإيماني والأخلاقي والذين لم يكتفوا بإطلاق النظر للمحرمات بأنفسهم فقط ولكنهم جعلوا من أنفسهم جنودا لنشر صور النساء العارية عبر مجموعات التواصل!! فأخذوا وزرهم ووزر من يشاهد تلك الصور بسببهم فانطبق عليهم قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وهم من جعلوا من أنفسهم “صنارة” للشيطان يتصيّد بها ضعاف النفوس وينشر الفحشاء والرذيلة بين الشباب.

لذلك يُعتبر غض البصر مطلب أساسي في حياة المؤمن وهو مصدر السعادة التي تتنامى كلما غض المؤمن بصره لأنه يستشعر امتثاله لأوامر الله عز وجل ورقابته له، لأن الإنسان ضعيف الإيمان يستطيع النظر إلى المحرمات والمشاهد الإباحية في أي وقت يكون بمفرده أو مع قرناء السوء، ولكن عند استحضار رقابة الله عز وجل له، يأبى النظر ويغض طرفه عن تلك النظرات المحرمة. ومن يغض طرفه خوفا من الله يجازيه الله في الدنيا قبل الآخرة بذلك بعدة أمور منها:

  1. من غضّ بصره أطلق الله له بصيرته وأنبت الحكمة على لسانه، فهذا الإمام الشافعي أنشد هذه الأبيات بعد أن نظر لكَعْبِ رجل امرأة بالسوق رغما عنه وكان الشافعي يشتهر بحفظه السريع: “شكوت إلى وكيع سوء حفظي، فأرشدني إلى ترك المعاصي… وقال اعلم بأن العلم نور، ونور الله لا يعطى لعاصي”، فما بالنا اليوم ونحن ننظر إلى كل هذه المحرّمات؟!
  2. الاستمتاع بالعبادة: (من نظر إلى محاسن امرأة ثم غض طرفه أورثه الله عبادة يجد حلاوتها في صدره).
  3. الاكتفاء والرضا بالمتاح، فإذا كان الشخص متزوجا رضي بزوجته/ زوجها وأعطاه حبا بينه وبين زوجته متناميا وعاش عيشة السعداء القانعين، وإن كان أعزبا يسر الله له سعادة ورضا في مجالات حياته إلى أن يرزقه الزوجة الصالحة، ومن يطلق بصره في محارم الله، يدفع الثمن باهظا في حياته الزوجية كما نرى ونشاهد بأم أعيننا.
  4. من يغض بصره ويحفظ نفسه من نار الشهوة في الدنيا، يحفظه الله من نار جهنم.

هذه أهم فوائد غض البصر على المؤمن، سعادة في الدنيا، وفوز بالآخرة، فلا تستصغروا النظر إلى المحرمات، فكما قال الشاعر: كل الحوادث مبدأها من النظر… ومعظم النار من مستصغر الشرر. فإطلاق النظر بداية الشرر والانتكاس لدى أي إنسان مهما كان إيمانه قويا، وكما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما تركت فتنة بعدي هي أضر على الرجال من النساء”. وهو من أخبرنا كذلك: “العينان تزنيان وزناهما النظر” والعياذ بالله. فاتقوا الله يا عباد الله وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى