أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

إحراق الأقصى: ذكرى غابت عن الداخل الفلسطيني هذا العام!!

ساهر غزاوي

لو أردنا أن نحدد قضية من القضايا الساخنة وحدثًا من الأحداث البارزة لنسلط الضوء عليها هذا الأسبوع، لربما تحيرنا من كثرة القضايا والأحداث، لكن، وبحسب اعتقادي، لا يمكن أن نمر مرّ الكرام على ذكرى إحراق المسجد الأقصى الـ 52 التي غابت فعالياتها ونشاطاتها وحتى بياناتها “اليتيمة” عن أجنّدات العمل السياسي والوطني والديني والإعلامي على مستوى الداخل الفلسطيني، وحتى غابت هذه الذكرى الأليمة والتذكير فيها عن منابر خطب الجمعة في معظم مساجد الداخل الفلسطيني، إلا ما ندر منها وهي قليلة جدا!!

باستثناء حزب الوفاء والإصلاح الذي أصدر بيانًا بين يدي الذكرى الـ 52 لحريق الأقصى السبت الأخير، لنا أن نسأل لجنة المتابعة وكافة مركباتها الإسلامية والوطنية: أليست إحياء فعاليات هذه الذكرى الأليمة تعتبر من صميم العمل السياسي والتذكير بها، ولو من خلال بيان “يتيم” واجب وطني وديني وأخلاقي من الدرجة الأولى مثلها مثل باقي المناسبات الوطنية؟؟ ولماذا سقطت هذه المناسبة من قائمة أولوياتكم ومن على رأس أجنداتكم السياسية إن كانت حقا مهمة بالنسبة لكم؟

نقول هذا الكلام ونحن تابعنا باهتمام، على مستوى شعبنا الفلسطيني وعلى مستوى عالمنا العربي والإسلامي، كيف حلّت عليهم ذكرى إحراق المسجد الأقصى الـ 52 هذا العام، بسلسلة نشاطات وندوات تثقيفية وتوزيع نشرات إلكترونية توعوية ومسيرات ميدانية حاشدة، وذلك كله من أجل تعزيز حضور قضية القدس والمسجد الأقصى خاصة والقضية الفلسطينية عامة في وجدان شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية. ومن أجل الشد على أيدي الفلسطينيين في القدس المحتلة ومناطق الـ 48 على وجه الخصوص بدوام الصمود والرباط ومواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي في الأقصى والقدس، والعمل على إفشالها كما أفشلوها في السنوات الأخيرة في عدة جولات من صراع الإرادات والعزيمة والتحديات والإصرار على الحق مع الاحتلال الإسرائيلي حول قضية المسجد الأقصى المبارك.

على مستوى شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967، فقد أحيّت غزة ذكرى حريق المسجد الأقصى بمسيرات شعبية حاشدة. ونظمت “رابطة علماء فلسطين” الملتقى العلمائي الدولي وسط حضور عدد كبير من العلماء وأساتذة الجامعات ونواب المجلس التشريعي، وعدد من طلبة العلم الشرعي والدعاة والخطباء، ومخاتير العائلات ووجهائها ورجالات الإصلاح، وبمشاركة نخبة من أبرز العلماء في الداخل والخارج، وفي مقدمتهم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، د. علي محيي الدين القره داغي. الذين أكدوا خلال كلماتهم على قدسية القضية الفلسطينية وفي القلب منها مدينة القدس عاصمة فلسطين الأبدية والمسجد الأقصى المبارك وضرورة توحيد جهود الأمة العربية والإسلامية من أجل تحريرها. كما وأصدرت عدة جهات فلسطينية في الضفة وغزة بيانات تحذر فيها من المخاطر التي ما تزال تحيط بالمسجد الأقصى وتدعو إلى تكثيف الجهود لدعم قضية القدس الأقصى. وحتى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله عممت بيانها على أئمة وخطباء المساجد في الضفة بضرورة تناول ذكرى إحراق المسجد الأقصى في خطبة الجمعة تحت عنوان (واجب الأمة تجاه أقصاها ومقدساتها).

أما على مستوى عالمنا العربي والإسلامي، فقد تناولت منظمة التعاون الإسلامي في بيانها الذكرى الـ 52 الأليمة لإحراق المسجد الأقصى المبارك، التي تحل في ظل استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين في أحياء القدس، خاصة بحق الأقصى، بحسب ما جاء في بيانها. وأصدرت مؤسسة “الأزهر” في مصر بيانا تحت عنوان (ذكرى حريق الأقصى شاهد على إرهاب الصهاينة) جددت فيه رفضها لأية “محاولات لسرقة الأراضي الفلسطينية، وتغيير الهوية التاريخية للمدينة المقدسة”. هذا كله إلى جانب الاهتمام الإعلامي الكبير الذي أولته وسائل اعلام دولية، عربية وإسلامية، لهذه الذكرى وحاولت التركيز على إبراز القضية الفلسطينية ودرتها المسجد الاقصى المبارك، وحاضنتها مدينة القدس، باعتبارها القضية المركزية للأمة.

نقول هذا الكلام والجميع يعلم أن لأهل الداخل الفلسطيني الدور المركزي في نصرة القدس والأقصى وهم جزء أصيل من معركة صراع الإرادات والعزيمة والتحديات والإصرار على الحق مع الاحتلال الإسرائيلي حول قضية المسجد الأقصى المبارك، وعاشوا وما يزالون همّ هذه القضية وقدموا في سبيلها التضحيات على مختلف أشكالها عبر مسيرة طويلة، فكيف تغيب عن أجنداتهم وعن قائمة أولوياتهم مثل هذه المناسبة، ولا سيّما الهيئات الدينية؟

نعي أن هناك تغييرًا طرأ على الحالة السياسية في الداخل الفلسطيني في السنوات الأخيرة، أبرزه حظر الحركة الإسلامية في نهاية العام 2015، لكن هذا كله لم يمنع الشيخ كمال خطيب عشية هذه الذكرى في كل عام من إيصال رسالة المسجد الأقصى وتذكير الناس في واجبهم لنصرة قضية القدس والأقصى عبر تخصيص كلمة متلفزة وتخصيص خطبة جمعة كاملة وكتابة مقال في الصحف والمواقع حول هذه الذكرى، إلا أن القيود المفروضة عليه هذا العام حالت بينه وبين تقديم هذا الواجب.

ختاما، صحيح أن استعراض إحياء ذكرى إحراق الأقصى عبر البيانات والخطب المنبرية وحده لا يكفي، لكنها خطوة توعوية مهمة وداعمة في عملية الإحياء الهادفة لدعوة الجميع للقيام بواجبهم والوقوف عند مسئولياتهم في توعية الشعوب العربية والإسلامية بوجوب نصرة الاقصى وفلسطين بكل الوسائل الممكنة. وهذا جهد المقل وجهد مبارك لمن يرى لنفسه دورًا مهما كان صغيرًا في الحفاظ على إحياء الذكرى حتى لا تخمد نيرانها، وهذا جهد من يحيي الذكرى ويرفضها ويعترف بالواقع بهدف تغييره، لا من أجل القبول به والقبول بما هو قائم وكأن هذه الذكرى أصبحت من خلفنا وأنه لا ضرورة لاجترار الآلام وإحياء مثل هذه المناسبات.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى