أخبار عاجلةمقالاتومضات

غلاء الكتب ومعاناة الناس

مروان بيادسة
هل تعلم عزيزي المُواطِن في بلادِ السَرِقةِ والنهب، أنّ ثمَنَ الكتُبِ لأبنائي في الصفّ الرابع والأول فقط، قد تجاوزَ الألف شيقل بالتَمامِ والكمال؟ وأقصدُ الكتُبَ الرسميّة لوحدِها دونَ أي قرطاسٍ واحد.
أنتُم الآن أمامَ أكبر عمليّة استغلالٍ تحدُثُ تحت رعاية وبدعمٍ مِن وزارة المعارف: تخيّلوا أنّ الكتابَ الذي يُطبَع بنُسَخٍ تتجاوز عشرات الآلاف، والمَفروض على تلاميذ الدولة شرائه، وبالتالي تنخفض قيمته لِأقلّ من عشرين شيقل (ثمن الورق بالجُملة!)- يُباع بسعرِ الستّين والسبعين والتسعين شيقل دون أيّ مُبرّرٍ واحد؟!! تخيّلوا معي شعور الأب صاحب الأربعة أو الخمسة أولاد، بل شعور الأب الذي بالكادِ يُحَصّل معاشه، كم من العذابات والمعاناة والسخط على كل هذه المنظومة.
قد أكون من المُقتدِرين والحمد لله دومًا على نعمائه، وقد يقول قائل إنّ هذه العائلات التي تُسافر وتُنفِق وتأكل، حريٌّ بها أن تبذل على العلم والكتُب. هذا هُراء وذُلٌّ واستعلاء!
الذي يحدث أنّ الدولة لا تُراقب، وأنّ دور النشر لا ترحم، وأنّ كل هذه المؤسسات المسؤولة فاسدة مُفسِدة. ولا أحد!، لا أحد من المسؤولين يضرب على الطاولة ليقول: ارحموا الفقراء البُسطاء من الناس، وارحموا العِلم الذي جعلتم الناس يكرهونه دون أيّ سبب.
تحدّثوا واصرخوا وعارِضوا وامتعِضوا، حتّى لو كنتم مُقتدَرِين، فأقلّ الحيلةِ أن تستنكروا وتبصقوا في وجوه السارقين المفسدين، بدءًا من الحكومة، مرورًا بالوزارة التّي تعقد الصفقات المشبوهة، وانتهاءً بدورِ النشر وكل مُتواطِئ مع هذه المهزلة!

الفرح في ظل السلطة والاحتلال
مظاهر الفرح والسعادة التي تملأُ صفحات التواصُل على إثرِ إعلان نتائج التوجيهي عند إخواننا في غزة والضفة، هي مُستحَقّة مفهومة جدًّا. هذا الشعب البسيط المُكافِح، المُتشبّث دومًا بالأملِ دون سبب، الحالِمُ بالتغيير دون أن يرى شيئًا في الأُفُق، يفهم جيّدًا أنّ النجاحَ صار غايةً وليس وسيلة.
في ظِلّ فساد السُلطة والنظام المتعفّن، وفي ظِلّ القبضة الإسرائيليّة بالحديد والنار والحصار، يُصبحُ النجاح في التوجيهي سببًا مُقنِعًا للفرَح والطرب والنشوة والاعتزاز، ولا عتاب في ذلك. هُم يعلمون تمامًا أنّ الظروف أقسى مّما تبدو، ويعلمون أنّ الطريق أطول وأظلم ممّا يظهر، لكنّهم يختارون ولو كَذِبًا، البصق على الظروف والتعلّق بكُلّ ما يُنسي والانتشاء بعلامةِ التوجيهي، فنرى الأمّ تصرخ فرَحًا، ونرى الأب ينهال على الأرض ساجدًا في هستيريّة مفهومة.
لا أستطيع أن أنسى أحد عُمّال البِناء في بيتي قبل سنين طويلة، ليُخبرني أنّه كان من الأوائل ويطمح بمهنةِ الطِب، ثمّ ساقتهُ الظروف حيث هو الآن، وبعد أن لعَنَ السُلطة مرّتين والاحتلال ثلاثًا قال لي: “لا يهم، عالأقلّ ذقتُ وقتها طعم الفرح ولا يزال الطعم في فمي”. مُبارَك، ألف مُبارَك لكلّ الناجحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى