أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

فلسطينيون في أرض آبائهم وأجدادهم… واللص الوقح

ساهر غزاوي

إن كان ثمة شيء ينبغي أن نقف عنده في زيارة الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية المحتلة في أيام عيد الأضحى المبارك لمدن وبلدات فلسطين التاريخية، لا سيّما المدن الساحلية يافا وعكا وحيفا، للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط والاستجمام على شاطئه، فهو عملية اللصوصية الممنهجة الوقحة كاملة الأوصاف التي تمارسها دولة اغتصبت أرضًا ليست لها منذ أكثر من سبعة عقود ونهبت ما عليها وتحتها وشردت أصحابها الأصليين. ومنذئذ وهي ترفض تنفيذ القرارات الدولية التي تدعو إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين، لديارهم التي هُجّروا منها قسرًا، على يد المنظمات والعصابات الصهيونية المسلحة عام 1948.

الكثير من أهالي الضفة الغربية المحتلة القابعين خلف جدار الفصل العنصري الذي يتحكم في حركة الفلسطينيين من خلال مجموعة كبيرة من الحواجز الأمنية والأبراج العسكرية وكاميرات المراقبة، ممنوعون من الوصول إلى أرض آبائهم وأجدادهم في فلسطين التاريخية عام 48 التي هجروا منها قسرًا، إلا بعد الحصول على تصاريح خاصة. ومحرومون من الاستمتاع برؤية البحر ولو لمرة واحدة في السنة، وعندما سنحت لهم الفرصة المؤقتة تجاوزوا هذا الجدار العنصري مشيًا على الأقدام عبر ثغرات وفتحات موجودة فيه للتوجه نحو مدن الداخل الفلسطيني للتنزه السريع بأيام العيد والابتهاج الخاطف بالبحر، بصرف النظر عن تغاضي جنود الاحتلال عمدًا عنهم لنوايا وأهداف تعود لمصلحة دولتهم قبل كل شيء.

ما يثير السخرية أن هذه الدولة التي تمارس عملية اللصوصية الممنهجة وجدت زيارة فلسطينيي الضفة المحتلة فرصة لها لتزيين لصوصيتها الوقحة بإنسانية مصطنعة مكذوبة، حتى راحت وسائل الإعلام العبرية المرئية والمقروءة منها تنشر مراسليها بين عائلات وأفراد الفلسطينيين من أهالي الضفة لإعداد التقارير الصحافية التي ظاهرها “إنسانية” وباطنها نوايا خبيثة لا تخفى على أحد عايش الاحتلال الإسرائيلي وعايش لصوصيته الممنهجة لأكثر من سبعة عقود.

على سبيل المثال لا الحصر، نشر موقع “محادثة محلية” (سيحاه مكوميت) تقريرًا أعدّه المصور الصحفي “أورن زيف” تحت عنوان: “عيد الأضحى: فرصة نادرة لفلسطينيي الضفة الغربية لقضاء بعض الوقت في البحر في يافا” يحاول فيه أن يعرض للقارئ وجه الشرطة الإنساني المتسامح في أيام عيد الأضحى فيقول: في الأيام “الروتينية” تعتقل الشرطة شبانًا فلسطينيين لوجودهم في منطقة يافا دون تصاريح، أما يوم الأربعاء (ثاني أيام العيد) مرّت سيارة شرطة واحدة بجانب الشاطئ ولم تفحص أحدا. وينتقل بعدها إلى محادثة أجراها مع أحد سائقي سيارات الأجرة الذي ينقل العائلات الفلسطينية من بعد دخولهم من ثغرات جدران الفصل العنصري إلى مدن الداخل الفلسطيني ويقول على لسانه: “لإسرائيل أيضًا مصلحة في السماح للناس بالتنفس قليلًا والخروج من السجن الذي يعيشون فيه. وأيضًا لإنفاق الأموال في إسرائيل، ليس فقط على المواصلات، ولكن أيضًا على التسوق والطعام”. ثم يضيف قائلًا: “تحدثت إلى الكثير من شباب الضفة الغربية على شاطئ بحر يافا وجميعهم رسالتهم واحدة “أتمنى أن نأتي كل يوم إلى هنا” ثم يقول مُعد التقرير على لسان شاب من قلقيلية (20 عامًا): “أنا أستمتع حقًا بالبحر، وآمل أن أتمكن من العودة إلى هنا مرة أخرى”. ثم ينتقل مباشرة إلى شاب من نابلس ويقول على لسانه: “نحن نريد عربًا ويهودًا أن نعيش معًا بسلام في دولة واحدة مع حرية التحرك. نحن لا نريد مشاكل”!! ألم أقل إنها نوايا خبيثة لا تخفى على أحد.

غير أن التزيُن المصطنع المكذوب بالإنسانية لم يصمد كثيرًا وسرعان ما انكشف زيفه، فعلى بُعد كيلومترات قليلة أغلقت بعض المتنزهات في مركز البلاد أبوابها كل أيام العيد بذريعة عدم وجود عمال!! معقول في أيام عيد الأضحى أن تغلق المتنزهات والملاهي أبوابها؟؟ مثلما أغلق متنزه ميماديون المائي في “رامات جان” أبوابه والسبب فقط لا غير حتى لا يدخل إليه العرب في العيد. أيضًا على بُعد عشرات الكيلومترات شمالًا من مدينة يافا، قامت قوات من الشرطة والوحدات الخاصة “يسام” باقتحام شاطئ الطنطورة وطردت عائلات فلسطينية من الضفة الغربية لم يمر دقائق قليلة على وصولها إلى الشاطئ!! وتبين لاحقًا أن من قام بالإبلاغ عنهم وطالب بطرد هذه العائلات هو صاحب المطعم (يهودي) ويهود تواجدوا في المنطقة في نفس الوقت حتى لا يروا أحدًا من هذه العائلات يقضي بعضًا من الوقت على شاطئ القرية الفلسطينية المهجرة!! ما الذي تغير هنا؟ ولماذا لم يُسلط الإعلام الإسرائيلي الضوء على هذه الحادثة؟ ألا يريدون أن يعيشوا عربًا ويهودًا معًا بسلام في دولة واحدة مع حرية التحرك في الطنطورة مثل ما ادّعت تقاريرهم الصحافية في يافا؟

اللصوصية الممنهجة الوقحة هذه في حادثة طرد العائلات الفلسطينية من شاطئ الطنطورة تذكرنا بالمثل “الدار دار أبونا وأجو الغرب يطحونا” وتذكرنا أيضًا باللص الوقح الذي تداولت وسائل الإعلام الأجنبية قصته بولاية أوريغون الأميركية، حيث نجح في سرقة سيارة دفع رباعية لسيدة كانت تقف أمام أحد المتاجر قبل أن يعود إليها ذلك اللص ليوبخها ويهددها بالاتصال بالشرطة بعد أن وجد طفلها في المقعد الخلفي للسيارة. ثم طلب منها أن تأخذ طفلها، قبل أن ينطلق بسيارتها مرة أخرى.

ختامًا، عملية اللصوصية الممنهجة الوقحة كاملة الأوصاف التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي يعيها الفلسطينيون جيدًا كما ويعرفون ظاهر النوايا الإسرائيلية وباطنها التي تهدف إلى إحداث تغيير في الوعي الجمعي الفلسطيني، خصوصًا فئة الشباب، من خلال تعريف الجيل الفلسطيني على ما سمّته الخطة، الإسرائيلي الآخر، لكن الذي يهمهم أكثر أن هذه الأراضي التي هُجّر منها آباؤهم وأجدادهم، عام 1948 هي أرضهم ومن حقهم زيارتها وقتما شاءوا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى