أخبار عاجلةتكنولوجياومضات

دعوات التصويت الكاذب.. برمجيات خبيثة تخدع المستخدمين بحجة دعم فلسطين

تشهد منصات التواصل العربية حملات داعمة للقضية الفلسطينية، وتتصدر قوائم التفاعل عادة، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الأحداث في الأراضي المحتلة. وتتباين تلك الحملات ما بين مبادرات إنسانية، ومقاطعات دولية، وعرائض إلكترونية، إلى جانب دعوات للتصويت على استفتاءات تنسب غالبا إلى مؤسسات عالمية كبرى.

وكالة الرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة “سند”، رصدت حملتين من بين تلك الحملات، التي لاقت رواجا عبر منصتي “فيسبوك” (Facebook) و”تويتر” (Twitter) إلى جانب تطبيق “واتساب” (Whatsapp)؛ الأولى دعوة للتصويت لفلسطين في استفتاء يجمعها بإسرائيل، وزُعم أنه تابع لشركة “غوغل” (Google)، أما الثاني فنُسب إلى منظمة “اليونسكو” (UNESCO) التابعة للأمم المتحدة، ويطالب التصويت بنفي السيادة الإسرائيلية على القدس واعتبارها مدينة محتلة.

حاولت “سند”، تتبع الرابطين عن طريق تحليل بياناتهما، والتواصل مع المؤسسات المعنية، لمعرفة حقيقة تلك الحملات الكاذبة، وكيفية الاستفادة من الزخم العربي حولها، لخدمة أغراض أخرى بعيدة عن دعم القضية.

 

تجاوب عربي

أظهرت عمليات البحث عبر منصتي فيسبوك وتويتر، تجاوبا عربيا مع تلك الدعوات، حيث حرص المستخدمون على مشاركة رابط الاستفتاء المزعوم صلته بغوغل، ودعوا أصدقاءهم ومتابعيهم للدخول إلى الرابط، بدعوى دعم قضية الشعب الفلسطيني.

ولم يختلف محتوى التغريدات والمنشورات كثيرا، حيث جاءت معظمها لتركز على التصويت من أجل وضع اسم فلسطين على الخريطة، وهو الأمر الذي اعتبره البعض انتصارا مهما حال تحقيقه بالفعل.

ووفق ما تظهره واجهة التصويت، فقد شارك به أكثر من مليوني صوت، حصلت فلسطين على ما يقرب من مليون و700 ألف من الأصوات، بينما ذهبت بقية الأصوات لصالح إسرائيل، ولا يعبر عدد الأصوات عن العدد الفعلي للمستخدمين المشاركين، حيث يتيح الموقع خدمة مدفوعة لشراء الأصوات والتصويت أكثر من مرة.

أما الرابط الثاني، فكان تداوله أقل ظهورا عبر منصتي فيسبوك وتويتر، مقارنة بنظيره الأول، حيث تركز انتشاره عبر تطبيق المراسلات الشهير واتساب، إذ جاء نص الرسالة المتداولة “بسرعة ادعموا فلسطين والقدس من هذا التصويت لنفي السيادة الإسرائيلية على القدس أنا قمت بالتصويت، لصالح فلسطين ضروري جدا مشاركتك في التصويت”.

ولم تظهر واجهة التصويت أي أرقام تشير إلى أعداد المشاركين به منذ نشأته حتى الآن؛ لكنه اكتفى بإظهار رسالة عقب الانتهاء من الإجابة على أسئلة عن القدس والاعتراف بفلسطين، ثم يطلب من الزائر تأكيد التصويت عن طريق مشاركة الرابط لـ10 أشخاص أو 5 مجموعات عبر واتساب، مع إضافة رقم الهاتف.

 

حجم التفاعل

وكشفت “سند”، باستخدام أدوات “تتبع الاتجاهات” (Trends) في مواقع التواصل، عن حجم التفاعل، الذي أحدثته تلك الاستطلاعات عبر المنصات، حيث اُستخدم رابط الاستطلاع الأول في أكثر من 5 آلاف منشور عبر فيسبوك، وأكثر من 10 آلاف تغريدة عبر تويتر، إلى جانب 11 منشورا فقط في “إنستغرام” (Instagram).

وبلغ عدد التفاعلات مجتمعة (الإعجاب، التعليق، المشاركة) في فيسبوك، ما يقرب من 300 ألف تفاعل، من بينهم 27 ألف تعليق، وأكثر من 200 ألف مشاركة للرابط منفردا من المستخدمين.

وظهر الرابط الثاني، والذي يعد الأحدث مقارنة بنظيره الأول، في أكثر من 160 منشورا عبر فيسبوك، و38 تغريدة فقط عبر تويتر، في حين لم يُرصد في مشاركات المستخدمين عبر منصة إنستغرام.

وبلغ عدد التفاعلات مجتمعة (الإعجاب، التعليق، المشاركة) في فيسبوك، أكثر من 6 آلاف تفاعل، من بينهم 1041 تعليقا، إلى جانب 2700 مشاركة للرابط منفردا من المستخدمين.

 

أرباح مادية

وأوضح تحليل البيانات التي أجرته وكالة “سند”، لرابط التصويت الأول (https://israel-vs-palestine.com/)، أنه جزء من مشروع قديم، بدأ عام 2008، يحمل اسم “فري أوبينين” (Free-opinion)، ويعد بمثابة منصة اجتماعية لإنشاء استطلاعات الرأي، حيث يعطي الحق لزوار الموقع بتسجيل حساب خاص بهم، وإنشاء استطلاع رأي في أي قضية تشغل اهتماماتهم.

يوجد العديد من استطلاعات الرأي الموجودة على الموقع، والتي أنشأها رواده وفق مواضيع مختلفة ومتعددة؛ مثل الاستفتاءات بين أميركا وإسرائيل، وبريطانيا، وإيران، التي تظهرها الصورة التالية.

وتشير بيانات تسجيل الموقع إلى أنه سُجل لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول عام 2008، ويعتمد في تحقيق أرباحه على الدعم المادي من الزوار عبر التبرع من خلال حساب “باي بال” (PayPal) أو عبر العملات الرقمية المنتشرة حديثا.

وأشارت البيانات إلى أن صاحب الموقع، تعمد إدخال بيانات مزيفة؛ مثل رقم الهاتف، والبريد الإلكتروني، ودولة المنشأ، في حين كشفت بيانات “الدوماين” (Domain)، أن “العنوان التعريفي الجغرافي” (IP) في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأميركية.

 

برمجيات خبيثة

وأظهر تحليل “سند”، أن رابط التصويت الثاني (https://www.xn--mgbqm2dj.live/)، يندرج تحت “مواقع التصيد” (Phishing websites)، والتي تهدف إلى سرقة بيانات المستخدم، أو تحميل برمجيات خبيثة على جهازه.

فعند فتح واجهة الموقع تظهر رسالة أسفل صورة للمسجد الأقصى تقول “هذا التصويت من قبل منظمة اليونسكو بالأغلبية لصالح نفي السيادة الإسرائيلية على القدس، واعتبارها (مدينة محتلة) إذا أردت ذلك قم بالاستمرار”، بدون الإشارة إلى أي تفاصيل أخرى أو وجود لشعار الموقع أو المنظمة المنسوب لها التصويت.

وبفحص شهادة “إس إس إل” (SSL) الخاصة بالموقع، نجد أنه أُنشئ حديثا بتاريخ 17 مايو/أيار الماضي، متزامنا مع أحداث الحرب على غزة؛ مما يعني أن الموقع يهدف إلى استغلال الأحداث، لجلب المزيد من التفاعل عليه، وأكبر عدد من الزوار.

وبالتحقق من بيانات “إعلانات غوغل”، المرتبطة بالموقع، تبين أن معرف “بي يو بي” (PUB) الخاص به، موجود في عدة مواقع أخرى، تقوم بالعملية نفسها مثل (chat-whatsapp.co)، وهو موقع تصيد أيضا به برمجيات خبيثة، وتتشابه صيغة كتابته مع موقع (chat.whatsapp.com) الأصلي الخاص بتطبيق واتساب.

ويعد الـ”بي يو بي”، معرفا خاصا بحسابات غوغل يجري إنشاؤه لمتابعة دخل الإعلانات القادمة للموقع، ويعتمد الفريق المشرف على الموقع متابعة نتائج الزيارات، وعدد المشاهدات والأرباح التي يتم تحقيقها من خلاله، وتكراره بهذا الشكل يعني أن الفريق المسؤول عن موقع التصويت، يشرف على عدد آخر من المواقع التي تعمل بالكيفية نفسها في نشر البرمجيات الخبيثة.

 

ادعاءات كاذبة

ونفت شركة غوغل في رسالة بريدية لـ”سند”، علاقتها بالرابط الذي زُعم تبعيته لها، كما نفت أن يكون مرتبطا بإعلانات محرك البحث، حيث قالت “للعلم فقط، هذا ليس إعلان لغوغل. هذا الموقع لا يحقق الدخل من خلال الشركة، وليس تابعا لها أيضا”.

وتواصلت “سند” مع هلا طنوس، مسؤولة الاتصال والتواصل في مكتب اليونسكو برام الله، من أجل توضيح صحة المعلومات حول علاقة رابط التصويت الثاني بالمنظمة، والتي بدورها نفت وجود أي علاقة بهذا الاستفتاء المضلل.

وقالت طنوس في رسالة بريدية “شكرا لمراسلتكم والتي نود التأكيد من خلال الرد عليها، ونيابة عن مديرة مكتب اليونسكو الوطني في فلسطين، وممثلة اليونسكو في فلسطين السيدة نهى باوزير، بأن هذا الخبر هو معلومات مضللة وليس لها أي صحة، فإن اليونسكو لم تقم بنشر أو تعميم هذا اللينك”.

المصدر: وكالة سند

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى