أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الأمير حمزة يتحدى الملك عبد الله… مواجهة غير مسبوقة في تاريخ الأردن

الإعلامي أحمد حازم

التاريخ يعيد نفسه مجددًا في الأردن وبالتحديد مع العائلة الهاشمية. فما جرى في الأردن من إعلان ولي العهد السابق الأمير حمزة، شقيق العاهل الأردني الملك عبد الله، علانية بأنه لن يلتزم بقرارات ملكية تبلغها مباشرة من رئيس أركان القوات المسلّحة الملكية الأردنية، اللواء يوسف الحنيطي، وأعلن عن ذلك في تسجيل تم تسريبه للعالم، يعتبر بلا شك رسالة تحدّ غير مسبوقة في تاريخ المملكة منذ تأسيسها قبل أكثر من مئة عام.

ما حدث في الأردن، يعيد إلى الأذهان ولو كان ذلك تحت ظروف مغايرة، عندما كان الأمير الحسن وليًا لعهد شقيقه الملك حسين حتى الأيام الاخيرة من حياته. والمعروف أن الراحل كان آخر أيام حياته في رحلة علاجية في الولايات المتحدة. وقد قطع رحلته فجأة وعاد مؤقتًا إلى عمان ليعلن إبعاد شقيقه ولي العهد الأمير حسن عن توليه للعرش، وتعيين ابنه الأمير عبد الله وليًا لعهده. وحسب المعلومات المتوفرة، جاء إعلان الراحل في وقت كانت زوجة الأمير حسن الباكستانية، تعمل على تغيير أثاث القصر استعدادًا لدخول “السيد الجديد” إليه. لكن رياح العرش لم تجر كما اشتهتها سفن الحسن.

الأمير الحسن التزم بقرار شقيقه الراحل الحسين، الذي كان على فراش الموت، لكن ابن الملك الراحل حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، يرفض الالتزام بقرار أخيه صاحب العرش. صحيح أن قرار الملك عبد الله لم يتعلق بالعرش بمعنى أنه كان أقل كثيرًا من قرار والده الراحل إبعاد شقيقه عن ولاية العهد، لكن المهم هو الالتزام بالقرار الملكي. الحسن احترم قرار أخيه والتزم به، وحمزة أعلن العصيان عليه ورفض الالتزام. فماذا بعد؟

المرحلة التي يمرّ بها الأردن حاليًا حساسة جدًا، والمملكة لا تتحمل أي هزة سياسية، خصوصا أن الأردن يعاني من ظروف اقتصادية صعبة للغاية بسبب جائحة كورونا، وما حدث في المملكة في هذا الوقت داخل الأسرة الهاشمية، أمر مستغرب جدًا. إن ما حصل هو بالفعل سابقة ويمكن القول إن الأمير حسن لم يبد أي رد فعل سلبي إزاء قرار أخيه الراحل، واستمر في العمل الفكري والثقافي إلى أن طلب منه صاحب العرش، التدخل بينه وبين شقيقه لتسوية الخلافات بينهما. هذه الخلافات التي كادت أن تؤدي إلى انقلاب، لكن الاعلام الأردني لم يتحدث عنها أبدًا في السابق وكان هناك تعتيم إعلامي عليها رغم وجودها داخل الأسرة الهاشمية.

والسؤال المطروح الآن، في ظل رفض الأمير حمزة للقرار الملكي بالابتعاد عن الناس والإعلام، ما الذي سيفعله العاهل الاردني بعد تمرد أخيه عليه؟ لا سيّما وأن قراراته بملاحقة الذين اتهموا في الاردن بالعمل على المساس بأمن الدولة الأردنية، تحظى بتأييد شعبي. ولكن ماذا بالنسبة للأمير حمزة الذي انتهك السيادة الأردنية بتآمره على المملكة، وداس على القانون بتمرده على قرار أخيه.  فعلى من يعتمد الأمير الشاب في عصيانه؟ هل يعتمد مثلًا على بعض أفراد الاسرة الهاشمية ويحتكم إليهم، أم يعتمد على دعم خارجي؟ علمًا بأنه لا فرق إن بقي الملك عبد الله أو أتى الأمير حمزة لتولي العرش، فلن يتغير أي شيء في النهج السياسي العام للأردن كونها سياسة مرسومة مسبقًا.

اللافت للانتباه، أن البيان الحكومي الرسمي الأخير، نفى اتهام الأمير حمزة بمحاولته ترتيب انقلاب، لكن البيان تضمن من جهة ثانية “تواصله مع شخصياتٍ مجتمعيةٍ لزعزعة الأمن في البلد واتصالاتِه مع جهاتٍ خارجيةٍ بشأن التوقيت الأنسب للبدء بتحرّكاتٍ لزعزعة أمن الأردن”.

لا شك أن زعزعة أمن البلد، قضية خطيرة وحساسة في نفس الوقت. وفي ظل البيان الحكومي يجوز لنا طرح سؤال عمّا إذا كان الأمير حمزة كان يجهز نفسه لترتيب انقلاب على العرش، أم العمل فقط على تشجيع مظاهرات واحتجاجات قد تأتي بالأمير في النهاية إلى سدة العرش؟

ما يلفت الانتباه أيضًا، امتناع العرش حتى هذا اليوم عن اتخاذ إجراءات قانونية بحق الأمير حمزة تتناسب وحجم أفعاله، لأن فرض الإقامة الجبرية على الأمير المتمرد واعتقال مقرّبين منه وسحب حراساته، هي إجراءات تعود بالدرجة الأولى لحماية المؤسّسة الملكية وليس لمعاقبته.

إن أخطر شيء في الحالة الأردنية خلاف أشقاء السلطة، رغم أن الأمر قد تم حسمه نهائيًا بتولي الملك عبد الله العرش الهاشمي، لكن كما أعتقد فإن قرار الملك إبعاد اخيه الامير حمزة عن ولاية العهد، ساهم في نشر بذور التفرقة ونمت هذه البذور لتصل إلى ذروتها في الأحداث الأخيرة.

صحيح أن أجهزة الأمن الأردنية، كانت يقظة إلى أقصى حد وكشفت كافة التحركات لزعزعة استقرار البلد، لكن المشكلة تكمن الآن في أن الأمير حمزة يتحدى الأجهزة الأمنية وشقيقه بإعلانه أنه لن يسكت. فهل يخطط الأمير المتحدي لعمل معين في ظل مواصلته المواجهة مع أخيه؟ وإلى أي مدى يستطيع العاهل الأردني تحمل هذا التحدي؟ وهل يستطيع عمه الأمير حسن وضع حد للخلاف؟ والسؤال الأخير هل يضطر صاحب الجلالة فيما لو فشل عمه الحسن، على إنهاء الموضوع بطريقة أخرى؟ ولكن كيف ومتى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى