مقالات

يوم الأرض باقٍ فينا … كونوا ليكونوا

فاطمة إبراهيم
في ذكرى يوم الأرض نستذكر ما قاله بن غوريون مع إعلان الدولة “الكبار يموتون والصغار ينسون”، ونتأمّل بها ونتذوّق مرارتها في يومنا هذا، ونسأل أنفسنا هل ما قاله ينطبق علينا أم أننا على العهد باقون.
نسأل أنفسنا بعض الأسئلة، ماذا تعني لنا الأرض؟ كيف أعبّر عن حبي للأرض؟ إذا كنت إنسانًا منتميًا لأرضي ووطني أسأل نفسي أسئلة أخرى: هل أنقل هذا الحب لأبنائي؟ كيف أجعل أبنائي ينتمون لهذه الأرض؟ ما دورنا كأهل في تنمية روح الانتماء فيهم؟ ما دورنا في دحض نظرية بن غوريون.
مهم في خضم ما نواجهه اليوم من تحدّيات تخصّنا كأهل أن نعلم أولًا أننا لسنا بنكًا لطلبات أبنائنا وأن حقهم علينا أكبر من ذلك، فتربيتهم على الدين وعلى القيم الاجتماعية وغرس الانتماء فيهم لكل المجموعات التي ينتمون لها أكبر واجبٍ علينا، والأمر يتفاوت حسب انتمائنا نحن أوّلًا.
ففي الانتماء عدة اتجاهات ممكن أن تتعارض أو تتفق سنذكرها.
الانتماء لأنفسنا، الانتماء لعائلتنا الصغيرة والكبيرة، الانتماء لديننا، الانتماء لمجتمعنا، الانتماء للغتنا، الانتماء لأرضنا ووطننا، الانتماء لإنسانيتنا.
وكل الانتماءات مرتبطة ببعضها وتتفاوت من إنسان لإنسان، ظنّ بن غوريون أننا سننسى، ولكن علينا جميعًا أن نستذكر ذلك ووعدنا أن لا ننسى، ولكن كيف يكون ذلك؟
منذ صغر الأبناء علينا تعميق أهمية البيت والمنزل والأرض والنظافة في تفاصيلهم وإشراكهم بعملية التنظيف والترتيب، هنا عمّقنا شعور انتمائهم للبيت، مهم أن يشاهدوا أطفالًا بلا بيوت وبلا عائلات والفيديوهات كثيرة والوسائل متوفرة، مهم أن يقدّروا النّعم ولا يعيشوا أوهام الألعاب الإلكترونية، أن يقدّروا عمل الأب وكيف يجني المال، وعمل الأم وتعبها لكي يعيشوا بهناء، ومن هنا نبدأ.
للانتماء للوطن سأتكلّم عنه الآن بمناسبة يوم الأرض، على الأهل في جولاتهم ورحلاتهم أن يعمّقوا مفهوم جمال الطبيعة وجمال البلاد وأن نتكلّم عن تاريخها وعن القرى المهجّرة التي نمرّ بها. لهذا مهم أن يكون الأهل على وعي وثقافة بأرضنا وهويتنا ليستطيعوا فتح آفاقٍ لأبنائنا. الجولة والرحلة ليست لأكلٍ وشرب ولمتعة فقط إنما هي لفتح آفاقهم وتوعيتهم وترسيخ وتذويت مفاهيم في عقولهم التي ستخلق لديهم الانتماء.
الثقافة الوطنية في تاريخنا الفلسطيني مهم أن يعلموه ويفقهوه ويتمتعوا بمعالمه، وأن نخرج لزيارة قرى خبيزة والبطيمات واللجون والكابري والعراقيب، اجعلوهم يرسموا خارطة بلادنا في قلوبهم وعلى أوراقهم ويعلموا أين حيفا وعكا ويافا أين هي القدس، علّموهم أن من لا وطن له ليس له شيء، اجعلوهم يشاهدون مئات الفيديوهات في الانترنت التي تتكلم عن القضية والوطن وأطفال الحجارة، اجعلوهم يتابعون التغريبة الفلسطينية والتي تحمل معاني الانتماء للعائلة والوطن، ما دمنا نتكلّم لن ينسى الأبناء، ما دمنا نتذكر لن ينسى الأبناء. فالأبناء مرآتنا، فحسّنوا ثقافتكم لتنتقل لهم. كونوا ليكونوا…. يوم الأرض باقٍ فينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى