أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفيّة في الإعلام وكيف تجدها (29): “ذكورية” السياسة الإسرائيلية!!

عائشة حجار
لا اعتقد ان هناك مكانًا للمزيد من التحليلات، الانتقادات، المزايدات، الشماتات، التنظيرات أو ايًا كانت الامور التي كتبت حول نتائج انتخابات الكنيست الاسرائيلي الرابعة خلال سنتين، لا اعتقد ان تحليلًا سياسيًا اخر سيضيف شيئًا حقيقيًا بين كم هائل من مقالات الرأي التي كتبت في الصحافة خلال الايام الثلاثة الاخيرة. لنتحدث قليلًا عن المجموعات التي بقيت خارج اللعبة بشكل شبه كامل، اعتقد ان الحديث عن النساء في المعارك الانتخابية يؤجج المشاعر عادةً، وبشكل خاص يثير الغضب سواء من جانب أنصار دخول النساء الى المعترك السياسي او المعترضين عليه.
لا يمكن انكار ذكورية السياسة الاسرائيلية التي قد تصل الى درجات مزعجة، خذ مثالًا بسيطًا ما يحدث في الحزب اليميني “يمينا”، حزب يجلس على رأسه نفتالي بينت كما كان هو رئيس حزب “البيت اليهودي” مع ان السياسي الاقوى في هذا الحزب هي رقم اثنين “ايليت شاكيد”، وهي لا تقل عنصرية او مكرًا عن بينت، بل ان سياستها المتطرفة كوزيرة للقضاء جعلتها بين اقوى السياسيين الاسرائيليين في السنوات الاخيرة. الا ان الملفت للنظر هو ان شاكيد رأست حزب البيت اليهودي مرة واحدة فقط، بل انها امتنعت وتمتنع عن اي تصريح فيه تتحدث عن طموحها لرئاسة حزب او حكومة، على ما يبدو حفاظًا على اصوات المستوطنين من اليهود المتدينين الذين قد يمتنعون من دعم الحزب لكون رئيسته امرأة. شاكيد لن تتحدث عن قضايا تخص النساء بشكل مركزي، لن تجدها تتحدث تقريبًا عن كونها امرأة وهذا الامر يؤثر في التعامل معها بل ويحد من “انجازاتها” في خدمة الاستيطان ويهودية الدولة. شاكيد هي النوع الاول من النساء السياسيات، اللواتي يتنكرن بشكل شبه كامل لأنوثتهن ويتبعن نهجًا سياسيًا أقرب ما يكون لنهج الرجال حتى تندمج بشكل طبيعي في اللعبة السياسية وتطيع قواعدها. مثال اخر متطرف لتذكير المرأة في سعي للاندماج بالسياسة هي الليكودية “ميري ريغف” التي يطغى صوتها المرتفع وطريقة كلامها العنيفة على مضمون اقوالها.
النوع الثاني هي تلك السياسيات اللواتي يدخلن السياسة اصلًا لتمرير الاجندات النسوية. هؤلاء من الاساس جعلن القضايا “الجندرية” تخصصهن وبناء عليه يتم انتخابهن. السياسيات النسويات يعانين من المشكلة العكسية للسياسيات المسترجلات، مشكلة تحجيم عمل النساء وحصره في قضايا “نسائية” نمطية، ولنكن صريحين فلا يمكن لسيدة تنشط فقط في قضايا قوانين الاحوال الشخصية والهوية الجندرية ان تحصل على ثقة الجماهير لتقلد منصب ذو وزن سياسي، بل على العكس فان وجود هذا القالب من السياسيات يضع النساء عموما والسياسيات خصوصًا يظهر بمظهر الاقلية ويتعاملن حسيها، لتدخل النساء في دائرة مفرغة من المطالبة بحقوق اساسية ومناطحة المجتمع بلا فائدة حقيقية. لنأخذ عايدة توما مثلًا، هي داخل الكنيست في قالب المرأة النسوية، يمكن ان تحصل بعض ما تراه حقوقًا جندرية لكن التغيير الحقيقي نحو العدل يمر بوزارات القضاء والامن والتربية.
ما علاقة هذا بالإعلام؟ الاعلام هو ما يصنع لنا وهم العدل والتحرر في دولة قومية دينية رأسمالية، وإذا لم نعلم ان المناصب التي تعطى للنساء في السياسة حتى الان لا تتعدى كونها جوائز ترضية فان بناتنا ستبقى تعتقد ان مثالها الاعلى للعدل والحرية موجود “عند اليهود”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى