أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

“مهرجان الأقصى في خطر” ودوره في رفع الوعي (6)

تداعيات غياب المهرجان

تداعيات غياب المهرجان
ساهر غزاوي
شكّل مهرجان “الأقصى في خطر” الذي انعقد على مدار عشرين عامًا، علامة فارقة في مسيرة القدس والأقصى، عبَرَ عن مضمون قضيته والتي لم يعد بالإمكان تركها أو سلبها، لا سيّما وأنه أصبح حدثًا عالميًا ينتظره الفلسطينيون والعرب والمسلمون بعد أن أنجز دوره وحقق الهدف المنشود منه، وعمل على إحياء قضية الأقصى في قلوب الفلسطينيين والعرب والمسلمين في العالم، وكان له دور فعال في رفع مستوى وعي وإدراك المسلمين بالمخاطر المحدقة بالمسجد الأقصى وتسليط الضوء عليها نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي. وغيابه عن موعده السنوي التقليدي في شهر أيلول/ سبتمبر من كل عام، هو نتيجة القرار الذي اتخذته السلطات الإسرائيلية بتاريخ 17/11/2015 بحظر الحركة الإسلامية وإخراجها عن القانون، ومع قرار الحظر تم إغلاق 25 مؤسسة وجمعية كانت ضمن ما تقدّمه الحركة الإسلامية من أعمال خيرية واجتماعية، كما تم وقف تنظيم المهرجان الذي كانت تقوم عليه بعض هذه الجمعيات التي تم حظرها.
هناك من يعتبر أن أحد أهم أسباب قرار الحظر الإسرائيلي، نتيجة دور الحركة الإسلامية في إحياء قضية القدس والأقصى، وخلق حالة من الوعي والالتفاف حول هذه القضية ونقلها من أن تكون قضية لأهل الداخل الفلسطيني وأهل القدس لتصبح قضية كل الشعب الفلسطيني بل كل العرب وكل المسلمين. ومن أهم وسائل هذه اليقظة والالتفاف حول المهرجان ودوره وتأثيره إضافة إلى ما واكب ذلك من خدمة للقدس والأقصى وأعمال الترميم ومسيرة البيارق وغيرها. في حين أن هناك من يرى (من خلال تصريحات ومقابلات صحافية تم رصدها/ الكاتب) أن غياب مهرجان “الأقصى في خطر” سيكون له تأثير معنوي على الفلسطينيين وأحباب المسجد الأقصى في كل مكان، حيث أن حب الأقصى ليس حدثا موسميا، بل هو مغروس في وجدان ووعي وقلوب الأمة، وبالتالي لن يؤثر هذا الغياب على المشهد العام، بل على العكس سيكون هناك إضافة تتمثل في أن على عاتق جميع مركبات الأمة تحمل مسؤولياتها تجاه الأقصى، وأن تهب للدفاع عنه.
الأستاذ محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية السابق الذي كان أحد المتحدثين البارزين لسنوات في مهرجان “الأقصى في خطر” السنوي، رأى أن المهرجان كشف ما لم يكشفه أي مؤتمر آخر وغيابه من شأنه أن يُفقد الكثير من المعلومات والرسائل والمخططات السرية التي تحكيها السلطات الإسرائيلية والتي كانت من المقدر أن تلحق الضرر بالمسجد الأقصى، حيث أن هذا المهرجان كان يُطلع العالم وخاصة العالم العربي والإسلامي، ويفتح عيونهم على المخاطر والأخطار التي تهدد المسجد الأقصى. كما رأى زيدان في مقابلة صحافية معه، أن المهرجان جمع أهل الداخل الفلسطيني مع العرب والمسلمين في الخارج الذين كانوا يتابعون المهرجان عبر الفضائيات العربية، وهو كان بمثابة لقاء كبير يلتقي فيه الناس على هدف واحد وهو حماية المسجد الأقصى. وغيابه خسارة كبيرة ستنعكس على فقدان الكثير من الرسائل التي كان يبعثها هذا المهرجان من خلال الفعاليات والخطابات.
ويتفق مع محمد زيدان في آرائه، حاتم عبد القادر وزير شؤون القدس سابقًا ومسؤول ملف القدس في حركة فتح، حيث يعتقد أن عدم اقامة مهرجان “الأقصى في خطر” الذي كان بمثابة رسالة سنوية يرسلها الفلسطينيون للعالم العربي والإسلامي أن “الأقصى في خطر”، وهو كان الوسيلة الوحيدة التي كانت ترسل رسائل واضحة وتطالب العالم العربي والإسلامي أن يتحمل مسؤولياته تجاه المسجد الأقصى المبارك، والحديث عن الأقصى في خطر ليس مجرد شعار إنما هو حقيقة واقعة. ويرى أن منع اقامة المهرجان بسبب حظر الحركة الإسلامية، يأتي ضمن حلقة في المخطط الاسرائيلي لتهويد مدينة القدس وفرض أمر واقع جديد على المسجد الأقصى وإسكات أي صوت فلسطيني يرسل إلى الخارج، في حين كان تدّعي السلطات الإسرائيلية أن هذا المهرجان تحريضي بامتياز، لذلك عمل على إخماد وسيلة هذا الصوت، وعزل المسجد الأقصى عن العالم العربي والإسلامي.
في المقابل، هناك من أبدى قلقه حيال التداعيات والانعكاس السلبي الذي سيتركه غياب مهرجان “الأقصى في خطر” على مجمل القضية الفلسطينية. انطلاقا من رؤية أن المهرجان كان مرتبطًا بالحركة الإسلامية وبحظرها غاب الكثير من العمل الجماهيري والشعبي، بحيث حظرت ومنعت من النشاط قطاعات جماهيرية واسعة في الداخل الفلسطيني. فحظر الحركة الإسلامية وغياب مهرجان “الأقصى في خطر” الذي يرتبط بالحالة الجماهيرية والسياسية العامة لفلسطينيي الداخل والملاحقة السياسية لقيادات حزبية أخرى. في حين أن كل هذه القضايا والملفات متشابكة ومرتبطة ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض، بحيث أن هذه السياسات التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية والحظر والتضييق أدت إلى حالة من الترهل الشديد في العمل الجماهيري والوطني. كما أن الغياب القسري للمهرجان من شأنه أن ينعكس على الحضور المعنوي للقدس التي تعيش مرحلة حالكة من التهويد والاستيطان تمثلت بالشروع في التقسيم الزماني والمكاني لساحات المسجد الأقصى المبارك تمهيدًا لقيام الاحتلال بتنفيذ مخططاته الكاملة.
(يتبع…)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى