أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

وجوب وحدة الأمة الإسلامية (11).. القرآنيون: فرقة تنكر السنّة…

د. محمود مصالحة
إن ما ذهبت إليه هذه الفرقة المارقة عن إجماع الأمة من الخطورة، متمثل في جوهر فكرتها وهو الانسلاخ عن الأمة الإسلامية، بإنكارها للسنّة، والسنّة النبوية نصف الدين، والذي يدعو لتركها يهدم نصف الدين بل يقوضه، فالصحابي الجليل ابن عباس يحذّر من تقديم قول أبي بكر وقول عمر رضي الله عنهما على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما خير الناس بعد الأنبياء، فيقول: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر، هذا من قدّم قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على السنّة، يُخشى عليه العقوبة، فكيف بحال من أنكرها.
ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله، وهو يحدثهم عن السنَّة، غضب رضي الله عنه وقال: إن السنَّة هي تفسير كتاب الله، ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك، مما جاءت به السنَّة من تفصيل الأحكام، ولقد عَظَّمَ الصحابة رضي الله عنهم السنَّة، وقالوا بوجوب العمل بها، وحذروا من مخالفتها.
وقال الأوزاعي رحمه الله: السنَّة قاضية على الكتاب، أي تقيِّد ما أطلقه القرآن، ومُتممة لأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: “وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” سورة النحل:44.
أيضا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: إذا بلغك عن رسول الله حديث، فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغًا عن الله تعالى.
وعن قَتادة، في قوله: “لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا” التوبة: 63، قال: أمرهم أن يدعو “يا رسول الله” صلى الله عليه وسلم، أي: أن يوقروه ويُعظِّموهُ ويشرّفوه.
وقوله سبحانه: “فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ” سورة النساء: 59، قال: الرد إلى الله أي الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول أي الرد إلى السنَّة النبوية الصحيحة.
كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” أي من أحدث في ديننا ما ليس منه مردود على صاحبه، ويعدُّ هذا الحديث من القواعد العظيمة التي بني الشرع عليها، فالنبي صلى الله عليه في هذا الحديث يأمر بإبطال البدع المخالفة للسنَّة؛ يقول الإمام النووي رحمه الله: وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ وفيه دلالة قاطعة على حجية السنَّة النبوية، وأنها حكم على العبادات قبولًا وردًّا؛ يقول العلامة ابن رجب الحنبلي: وهذا الحديث أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام.
وقال علماء أزهريون في دراسة: يعدونها تنص على اعتبار القرآنيون (منكرو السنّة) جماعة مرتدة عن الإسلام لموقفهم الرافض للعمل بالسنّة، واستندوا في فتواهم أن هؤلاء أنكروا معلومًا من الدين، ومنهم:
الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، يؤكد “أن السنة النبوية الشريفة مصدر من مصادر هذا الدين، سواء للتشريع أو للتوجيه، والذين ينكرون السنَّة، هؤلاء في الحقيقة مكابرون ولا منطق لهم، فكيف يستطيع المسلم أن يفهم القرآن بدون السنة، فالذي ينكر السنة إنما ينكر القرآن نفسه”.
ويقول الدكتور محمد عبد المنعم البري الأستاذ بقسم التفسير والحديث بجامعة الأزهر: “لقد اتفقت كلمة المسلمين خلفا وسلفا على أن السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم حجة في الدين، يجب اتباعها وعدم التفريط فيها، وأنها قسم من أقسام الوحي تُحرم مخالفتها، سواء في ذلك سنة النبي القولية، أو العملية، أو التقريرية”.
ويضيف: “فقد أمر القرآن الكريم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحذَّر من مخالفته، ونفى الإيمان عمن لم يتحاكم إلى سنته”، لقول الله تعالى: ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ” سورة النساء: 65.
ويخلص إلى أن منكري السنَّة خارجون عن الإسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغ إلا ما يوحى إليه؛ ومن ثم وجب علينا طاعته والتأسّي به والاحتجاج بسنته؛ مصداقا لقول الله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ” سورة النساء: 59، وقوله تعالى: ” مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه ” سورة النساء: 80.
وقال الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق: “تؤكد فتوى لجنة السنَّة بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن من ينكر السنَّة ليس مسلماً، باعتبارها المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد كتاب الله الكريم… في تعليقه قال الدكتور محمد سيد طنطاوي: “إن الذين ينادون بالاعتماد على القرآن الكريم فقط وترك السنَّة النبوية جهلاء وكذابون ولا يفقهون في الدين شيئا، ولا يعرفون أركانه وثوابته؛ لأن السنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي أيضاً من عند الله تعالى بمعناها، أما ألفاظها فبإلهام من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم”. وأكد أنه لا يمكن إغفال السنّة النبوية المطهرة مطلقا؛ لأنها جاءت شارحة ومبينة لما تضمنه القرآن الكريم من أحكام. (موقع دنيا الوطن).
وخلاصة القول: أننا نحذر من الانجرار وراء فرقة القرآنيين المرتدة، ومنها: الدكتور منصور صاحب فكرة القرآنيين بمصر منذ سنة 1977م، ولكن المجتمع المصري لم يتقبلها، لإتيانه بأمور مخالفة الأصول الدين، فتم طرده من الأزهر وطُرد من مساجد مصر، فأقام مركز ابن خلدون، الذي استقر فيه خمس سنوات إلى أن أغلقته الحكومة المصرية، وطُرد الدكتور أحمد منصور فلجأ إلى أمريكا. وقد تعرض للانتقادات اللاذعة من جانب عدد كبير من أساتذة ومثقفي العالم الإسلامي.
وكذلك الدكتور المهندس محمد شحرور ماركسي الفكر، خاض في الإسلام للطعن فيه، وهو من منكري السنّة النبوية، وصاحب التفسيرات الباطلة والقرآن الكريم منها براء، “درس الهندسة المدنية في موسكو عام 1959م، وعُين معيدا في كلية الهندسة في دمشق عام 1965م، وحصل على الماجستير عام 1969م، وعلى الدكتوراه في الهندسة عام 1972م. ولم يذكر أنه درس أو حصل على تخصص ما في الدراسات العليا في العلوم الإسلامية الفقهية أو القضاء أو الحديث، ثم قضى هذا الماركسي “محمد شحرور” عام 2019م. وأما إصداراته فقد بدأت بعد عودته من موسكو، وفى سنة 1990م، منها كتاب “الكتاب والقرآن” الذى حاول فيه تطبيق بعض الأساليب اللغوية الجديدة في محاولة لعلمنة تفسير القرآن أي تفسيره بحسب المفاهيم العلمانية. https://shahrour.orge
وقد ظهر المهندس الماركسي محمد شحرور بعدائه للإسلام، حينما قال: يجب أن يتلاءم القرآن كرسالة الخاتمة مع ثقافات الشعوب، فلجأ شحرور إلى القرآن الكريم، معتمدا المفاهيم اللغوية، فخاض بالتفسير والأحكام والقيم والقضايا الفقهية بغير علم، سعياً منه لجعل القرآن تابعًا للقيم العلمانية الوضعية المعاصرة، وليس حاكمًا عليها، فقام بِلَيِّ أعناق الآيات، ليخرج بمفاهيم تتلاءم مع الثقافات العلمانية، فمن خلال تفسيره للقرآن بحسب “الجذر اللغوي”، تعمَّد تفسير كلمات الآيات وفق معاجم اللغة العربية، فيبحث فيها عن معاني الكلمات الأكثر توافقا مع المفاهيم العلمانية المعاصرة، ليحرف الآيات عن مقاصدها بمنهجيته المخالفة لقواعد تفسير القرآن. www.aljazeera.net/blogs/2017/6/12. بتصرف وهكذا هم مفكرو فرقة القرآنيين المرتدة، وما هم إلا نتاج مخرجات مؤتمر موسكو عام 1967م، بتلك الوثيقة التي وُضِعت لمحاربة الإسلام، والتصدي لوحدة الأمة الإسلامية، أنظر المقال (8).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى