أخبار عاجلةمحليات

منتدى “المدينة الثقافي” ينظّم ندوة حول العنف في المجتمع العربي واستهداف القيادات ومنتخبي الجمهور

نظّم منتدى “المدينة الثقافي”، الثلاثاء، ندوة اجتماعية سياسية تناولت استفحال العنف والجريمة المنظّمة في المجتمع العربي الفلسطيني بالداخل وتواطؤ الشرطة، واستهداف القيادات والمؤسسات الجماهيرية ومنتخبي الجمهور.

أدار الندوة التي بُثّت عبر شاشة قناة “موطني 48” الصحافي طه اغبارية، وشارك فيها: المحامي مضر يونس، رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس مجلس عرعرة عارة، الأستاذ صالح لطفي، الباحث والمحلل السياسي، والدكتور مهند مصطفى، الباحث والمحاضر الجامعي ومدير مركز “مدى الكرمل”.

اللقاء مع نتنياهو بشأن ملف العنف

حول لقاء لجنة مكافحة العنف المنبثقة عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، الأحد، عبر “زوم” مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قال مضر يونس إنه جاء بطلب من اللجنة القطرية وجرى انتداب لجنة مكافحة العنف للمشاركة، مشيرا إلى أن الإلحاح في اللقاء جاء في أعقاب التصعيد الخطير بالعنف في المجتمع العربي، وفي أعقاب جريمتي قتل سليمان مصاورة وساهر حوشيه التي وقعت في كفر قرع وبعد استهداف الدكتور سليمان أحمد اغبارية، رئيس بلدية أم الفحم الأسبق.

وأفاد أن اللجنة القطرية طالبت بجدية التحرك من قبل الحكومة ورئيسها في ملف العنف والجريمة بالمجتمع العربي وتوفير الميزانيات اللازمة للسلطات المحلية بهذا الخصوص، موضحا أن رئيس الحكومة وعد بتحرك جدي في المرحلة الفترة القادمة.

وحول مدى الثقة بوعود نتنياهو وهو الذي كان في الحكم على مدار سنوات طويلة وتفجرت أزمة العنف تحت حكوماته. بيّن يونس أن مسؤولية السلطات المحلية العربية هي المطالبة من الجهات الحكومية بالتحرك وبالتالي لا يتعلق الأمر بثقة أو عدم ثقة، كما قال، لأن الجهات الرسمية في نهاية الأمر هي المطالبة بكبح جماح العنف والجريمة في المجتمع العربي، بالرغم من تحميلها المسؤولية عمّا آلت إليه الأمور.

 

استهداف القيادات خطوة تصعيدية؟!

بخصوص استهداف قيادات عربية ومنتخبي جمهور ومؤسسات عامة من قبل عالم العنف والجريمة، كما حدث مع محاولة اغتيال للدكتور سليمان أحمد وإطلاق النار على أحد النشطاء في مدينة باقة الغربية ووضع قذيفة هاون أمام بلدية طمرة وغيرها، يرى صالح لطفي أن الجريمة المنظمة بدأت منذ سنوات بالتداخل مع عالم السياسة، لافتا إلى ضلوعها وانخراطها في السلطات المحلية للسيطرة والتحكم بالموارد، بسبب أزمات مالية يعاني منها عالم الجريمة المنظّمة كما يبدو، بفعل العمل المتواضع للجهات الرسمية ضدها.

واعتبر أن المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، يعاني من حالة تشظي ويتجه إلى التفكك بعد أن تفككت الحمولة وأصبح مجتمعا “رغبويا” تغلب فيه الشهوات على الأفراد، ما خلق فراغا مفزعا ملأه أرباب الإجرام، الذين تحوّلوا عند بعض أبناء الشبيبة إلى نماذج للتقليد.

وأضاف أنه “في ظل هذا الفراغ وغياب الدور الحقيقي للأحزاب والدعاة، تجاه المجتمع، نحن أمام أزمة بدأت تربوية وانتهت أخلاقية وسياسية، إذًا نحن نعيش طامة كبرى، وإن استمر الوضع هكذا ستكون التداعيات هائلة”.

 

ضعف المركز السياسي

إلى ذلك، أشار مهند مصطفى إلى أن استهداف القيادات والمؤسسات الجماهيرية ومنتخبي الجمهور، يشي بضعف المركز السياسي للمجتمع الفلسطيني، ونوّه إلى أنه كلما كان المركز ضعيفا، يكون المجتمع ضعيفا، وأوضح “المركزية السياسية في الداخل كانت مكوّنة من قيادات وأحزاب ومجتمع مدني حافظت علينا من حالة الانزلاق والتبعثر. استهداف هذا المركز والمركزية السياسية من قبل الجريمة المنظمة، هو تصعيد خطير، بل هو اختراق بمعنى انتهاك الحرمة وتجاوز الخطوط، وكما يبدو فإن الجريمة المنظمة ليس لها حدود، تستهدف في البداية الضعفاء ثم الأقوى ثم المركز السياسي والقوى السياسية داخل المجتمع، وهي في مرحلة لاحقة قد تتحالف مع الجريمة المنظمة الدولية، هذا حدث في كل المجتمعات، لكن السياق الاستعماري هنا، يمدّها بالتغذية لأن المؤسسة الإسرائيلية لا يوجد عندها خطط جادة لمحاربة الجريمة. دون توفر إرادة سياسية وموارد من الدولة- وهي غير متعلقة بفتح مراكز شرطة- دون ذلك لن تتم محاربة الجريمة، برأيي أن استهداف المركز السياسي، هو خط أحمر، ويجب أن نقف وقفة مثابرة إزاء ذلك”.

برنامج المتابعة لمكافحة العنف!!

في سياق آخر، تطرق مضر يونس إلى البرنامج الاستراتيجي الذي وضعته لجنة المتابعة واللجنة القطرية لمكافحة العنف في المجتمع العربي، ولفت إلى أن اللجنة القطرية، كهيئة مكونة من رؤساء السلطات المحلية، أوكلت لها مهمة تطبيق البرنامج الاستراتيجي لمكافحة العنف وبناء خطط وبرامج، انطلاقا منه. وأضاف “بدأنا بالفعل ببناء خطط على أساس البرنامج الاستراتيجي مقابل ورقة السياسات التي وضعتها الجهات الرسمية، الحكومة ورئيسها، وكان لنا دور استشاري بذلك. طالبنا من الحكومة اشراك طواقم من طرفنا في بناء الخطة الحكومية لمكافحة العنف. لكن علينا ان نفهم في نهاية الأمر أن الخطة الحكومية يجب أن تمنحنا، كسلطات ومجتمع عربي، الصلاحيات والميزانيات اللازمة من خلال خطة خماسية نشرف عليها نحن”.

ونفى يونس أن تكون الهيئات القيادية العربية غير فاعلة في مسألة تصعيد الفعاليات والاحتجاجات ضد العنف، مؤكدا أن “القيادات دائما تتحرك ودائما هي في المقدمة بأي حراك، صحيح هناك تقصير، ولكن هناك تقصير أيضا من قبل الناس الذين يعزفون عن المشاركة في الفعاليات والنشاطات، فما المطلوب من القيادات؟! يمكن أن الناس تعبت وملّت بسبب استنزافها وبسبب استفحال العنف، ولكن دون تلاحم من الناس مع القيادات بالضغط على المؤسسات الرسمية لا نستطيع أن نتقدّم في هذا الملف”.

 

أزمة بنيوية

يرى صالح لطفي أن مجتمعنا يعاني من أزمة بنيوية وتداخل عدة أزمات مجتمعة، منها “أزمة ثقافة” يوضح: “أجدادنا لم يتعلموا في الجامعات ولكن كان مجتمعنا معافى بسبب المنظومة الأخلاقية التي ربطت بين أفراده، هذه المنظومة تفككت بعد النكبة بل أزعم انها انتهت. كذلك نعاني من كون مجتمعنا الريفي أدخلت عليه مجموعة من المكاسب المدنية الصهيونية، فهو الآن لم يبق ريفيا ولم يخرج إلى الحالة المدنية، تريد إسرائيل أن تبقينا في سياق اللاريفية واللامدنية، وهذا الوضع الحالي معطل وأحدث فينا مفاعيل هائلة جدا، أنظر مثلا في مسألة تخطيط بلداتنا: الشارع يخدم الناس فلماذا يحمل أحدهم السلاح في وجه المخطط ويقوم بإرهابه، هذا الإنسان فقد منطق العطاء في الحياة، يعيش على الكسب فقط لا يريد أن يعطي. لقد فقدنا تربية العطاء منذ زمن بعيد، لا يجوز أن نعلّق كل كوارثنا على إسرائيل، فهي استعمرت غزة والضفة لكنها فشلت أن توصل المجتمع الفلسطيني هناك إلى ما نحن فيه الآن، منذ أكثر من 3 عقود فقدنا المرجعيات ومنذ اخراج الحركة الإسلامية عن القانون هناك عملية إعدام بطيء للمرجعيات، نحن نعيش في حالة ردّة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.

الخلاص الذاتي والفردانية

يعتقد مهند مصطفى، أنه لم يكن صدفة استفحال وتفاقم العنف بعد انتفاضة القدس والأقصى عام 2000، مشددا على أنه “رافق هذا التفاقم صعود الفردانية”.

وأضاف: “بدأت إسرائيل بالتعاطي معنا بسياسات غير تقليدية بمعنى ليس بمفهوم “العصا والجزرة” أو “فرق تسد”، هي استخدمت في السنوات الأخيرة سياسات نيوليبرالية اقتصادية تقوم بتمريرها لكل المجتمع، يهودا وعربا، تتم عملية دمج الفلسطينيين كأفراد في السوق، ما أدى إلى الفردانية وما اسميه أنا “الخلاص الفردي”، صحيح هذا موجود في المجتمع اليهودي أيضا، ولكن لليهود يوجد دولة ومشروع صهيوني يعظّم سياسات الهوية اليهودية ومن تجلياته “قانون القومية”، فالمجتمع اليهودي عنده مشروع سياسي جماعي، تكتل الناس حوله وينتمون إليه. بينما في حالتنا طغت الفردانية في ظل غياب مشروع سياسي جماعي، ما أدى إلى التفتيت الكائن. كذلك بعد هبة القدس والأقصى جرى حظر الحركة الإسلامية، إذًا نحن نعيش حالة تشظي. في المجتمع الفلسطيني في الضفة والقطاع لم يحدث ذلك، بسبب وجود المشروع السياسي الجماعي هناك، بينما نحن نعيش حالة تفكك للمشروع السياسي، نفتقد “حالة وطن”، لو كان الناس يشعرون بحالة وطن، لما وجد هناك من يقتل من أجل السيطرة على الحيز العام”.

وأضاف: “كل أبحاث الجريمة في العالم تتحدث عن مركزية مسألة الحيز العام في انبعاث العنف والجريمة، وحيّزنا ضيق وخانق في ظل الفردانية والأنانية في مختلف المجالات”.

ما هو الحل؟

يؤكد رئيس اللجنة القطرية للرؤساء، المحامي مضر يونس، أنه يمكن أن نصل لحلول للعنف والجريمة في حال لم نغرق في اليأس والإحباط، وقال “علينا بذل المزيد من الجهود في توعية شبابنا، إسرائيل موجودة منذ أكثر من 70 عاما لكنها لم تخضعنا ولن تخضعنا، عبر تمسكنا بعروبتنا وديننا يمكن أن نخرج من هذا الواقع المؤلم في نهاية الأمر، علينا أن نعظّم قضايا الانتماء والهوية عبر فعاليات ومبادرات مختلفة. نحن كقيادات علينا مسؤولية بطبيعة الحال، في تحصيل الموارد والميزانيات من أجل بلداتنا والنهوض بها حتى نساهم في الحد من العنف والجريمة والقتل اليومي، وحتى يشعر كل منّا بالأمان في بلدته، لأنه لا يعقل أن أشعر اليوم بأمان في الخضيرة أكثر من بلدي عرعرة. هذا مؤلم جدا”.

الباحث والمحلل السياسي، الأستاذ صالح لطفي، يرى للخروج من النفق المظلم، فإنه على مجتمعنا وقياداته العمل في عدة اتجاهات بالتوازي. يقول “علينا رسم خارطة للعنف والجريمة في كل بلد على حدة، هذا يساعدنا بعملية تفكيك الجريمة. نحن بحاجة إلى حالة مخبرية، عبر تكليف طواقم مهنية من أهل كل بلد وبلد، كذلك هناك حاجة أن نتواصل مع العنيفين وأرباب الاجرام وأن نواجههم، بمعنى المصارحة والاحتواء من خلال كسر حاجز الخوف بيننا وبينهم، هناك حاجة لحالة مصالحة مجتمعية عبر التربية المستدامة والمتابعة”.

الخطوات الفورية للعلاج برأي الدكتور مهند مصطفى: “تبدأ من المثابرة بشكل منهجي على الاحتجاج والمداومة عليه، وليس بعد كل جريمة وحدث عنف فقط، من أجل إجبار السلطة الحاكمة على التدخل بفاعلية بما يخدم المجتمع العربي ومصالحه”.

وحذّر من مسألة استلام زمام السلطات المحلية من قبل غير الأكفاء والمؤهلين وقال “آن الأوان أن يكون موقف جماعي لدينا في أن رئاسة السلطة المحلية ليست وجاهة فهي المؤسسة العربية الوحيدة في هذه البلاد التي تملك الموارد وتملك القرار بشأن توظيفها، كما تملك القدرة على رسم السياسات التي تنهض بالمجتمع، وعليه فإن النهوض بالسلطة المحلية وإدارتها من قبل كفاءات يعني تنظيم الحيز العام وعدم الوقوع في الفوضى التي تؤدي في الغالب إلى العنف والتردي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى