أخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

تحقيق: الحلقة (1).. لماذا ترفض إدارة المحاكم الشرعية والمستشار القضائي الكشف عن المستند الأصلي؟

المحامي عمر زعبي والحرب على الحق المبين.. مستند التفويض.. مُزَيَّف ام لا..!؟

المحامي عمر زعبي والحرب على الحق المبين.. مستند التفويض.. مُزَيَّف ام لا..!؟
● الوزارة تنفي وردها مضلل

تحقيق؛ سعيد بدران
في العاشر لشهر تموز من العام الماضي، استلم سكرتير المحكمة الشرعية في الناصرة، المحامي عمر زعبي، كتاب إقالته من وظيفته.
الإقالة لم تأتِ على خلفية التقليصات بالملاكات او إغلاق المحكمة على سبيل المثال، وإنما بادعاء عدم قدرته وفشله بأداء المهام التي تتطلبها الوظيفة.
كتاب الإقالة لم يكن مفاجئًا فقد كان متوقعًا والامر كان مسألة وقت فقط.
الموظف، عمر زعبي، الذي اشغل هذا المنصب بمهنيّة عاليّة على مدار أربع سنوات ونصف، نال اعجاب وتقدير مديريه، الآ أن هذا التقدير تحول في عشية وضحاها الى إنقاص من قيمته بالعمل خلال السنة الأخيرة من وجوده بوظيفته، حيث بدأت الإدارة بشن حملة سلبية ومحاولة تجميع تقارير سلبية حول أداؤه، تصرفاته وتعامله، تقارير لتشويه اسمه والتعمد بالتقليل من قدراته المهنية. وليس هذا فقط، فقد كان هناك ادعاء ضده بانه شخصية خطيرة تشكل تهديدًا حقيقيًا على المحيطين به، وأن القضاة يتجنبوا التوجه اليه خوفًا من رد فعله.
الادعاءات كانت بغاية الغرابة إذ ان الحديث يدور عن محام شاب متدين وموظف متميز في عمله، ولم تسجل ضده اي حوادث اعتداء كلامي او جسدي على أحد او أي شكاوى.
ولكن لماذا طرأ هذا التحول ولماذا أسرعت الإدارة إلى التخلص منه بهذه السرعة؟
والجواب ببساطة قد يكمن في كلمة “لا” لمستند تفويض الصلاحيات.
فهذا الموظف رفض الانصياع لإملاءات قسريّة هبطت من الأعلى لتشريع مستند مهم وضع على طاولة سكرتيري المحاكم الشرعية في البلاد في شهر حزيران 2018، اعتبره عمر زعبي غير صحيح ومزيَّف.
المستند موضوع الاختلاف كان كتابًا بعثه مدير المحاكم الشرعية، قاضي محكمة الاستئناف، القاضي الدكتور أياد زحالقة، لسكرتيري المحاكم الشرعية الخاضعين لإدارته، وينص على تعليمات “جديدة تمنحهم تفويضًا رسميًا بالقيام بإجراءات التحقق من مقدرة المتوجه بطلب إعفاء من دفع رسوم الدعوى للمحكمة وقبول او رفض هذا الطلب بدون الحاجة لحضور مدير المحاكم الشرعية كالمعتاد وكما تنص عليه التعليمات.
الكتاب يشمل في منتصفه الأسفل مصادقة سكرتيري المحاكم الشرعية عليه والتزامهم بالعمل وفق التعليمات الواردة اعلاه، وذيل الكتاب بـ “ثمانية” ارقام اي من 1-8 مع اسم وتوقيع السكرتير، رغم أن ما ورد في الكتاب تسعة أسماء إذ أن الرقم التسلسلي 5 تكرر مرتين.
والسؤال لماذا وقع هذا الخطأ! ولكن ليس هذا هو المهم فإن هناك ما هو اهم في هذا الكتاب.
كتاب من هذا القبيل أمر غير معتاد وغير متعارف عليه، ولم يكن قبله كتاب كهذا، ولكن لماذا اعترض عمر زعبي على هذا الكتاب ورفض الانصياع له؟!
الحكاية كالتالي؛
كتاب “تفويض الصلاحيات” وصل الى يد سكرتيري المحاكم في 7 حزيران 2018، ولكنه كان مؤرخًا بتاريخ 18 شباط 2016، اي بعد حوالي سنتين وأربعة شهور من يوم وصوله.
والسؤال لماذا انتظرت إدارة المحاكم الشرعية كل هذه المدة لترسل هذا الكتاب لسكرتيري محاكمها؟
ممكن أن جهاز الفاكسيميليا كان معطلًا ام عناوين البريد الإلكتروني كانت منقولة خطئًا؟ وماذا مع بريد اسرائيل، هل استغرق كل هذا الوقت مع سعادته لإيصال الكتاب لعنوانه؟
وهناك احتمال ولكنه ضئيل بأن سكرتيري المحاكم لا يفتحون البريد او لا يقرؤونه او ربما يتجاهلونه..!
هل توجد علاقة بين إرسال كتاب التفويض بهذا الوقت بالذات وبين قرار القاضي ثروت مدلج، قاضي محكمة بئر السبع الشرعية الذي يتطرق بإسهاب لقضية الإعفاء من دفع رسوم المحكمة، وتوصيات صارمة بالتوجه للشرطة والجهات المختصة للتحقيق بارتكاب تجاوزات بقضية الإعفاء من دفع الرسوم؟
الاختلاف بين تاريخ الإصدار وتاريخ الوصول لم يكن السبب الوحيد، إذ أن المحامي عمر زعبي ساورته الشكوك بأن امرًا مريبًا يحيط بهذه التوقيعات وربما هناك عملية تزييف حصلت، إذ أن عددًا من نظرائه أبدوا أمامه استغرابهم من الأمر وأخبروه انهم لم يوقعوا على هذا الكتاب رغم أن تواقيعهم التي تظهر على كتاب التفويض مطابقة لتواقيعهم. وأشاروا إلى أن لا علم لهم بالأمر، وحتى أن بعضهم (الاسم محفوظ في ملف التحرير) الذي حاول الاعتراض على هذا التزييف، اضطر لسحب اعتراضه والتنازل عن رأيه والتزم الصمت ووافق على ما حدث بعد أن قوبل اعتراضه برد فعل عنيف، واضطروا للسكوت خوفًا من التنكيل بهم وفصلهم، كما أشار المحامي عمر زعبي، الآ أن أحدهم، محمد بدران، (لا قرابة بيننا) من البعنة والذي كان سكرتيرًا في محكمة عكا الشرعية في حينه، صرح بانه لم يوقع على هذا الكتاب بتاتًا ولم يشاهده في حياته، وادلى بأقواله هذه ايضًا عند الإدلاء بشهادته في 10\12\2020 في محكمة العمل في الناصرة.
المحامي عمر زعبي قال أن ” زواج تفيدة من عتريس باطل” ورفض الاعتراف بشرعية المستند وبدأ بالعمل على إلغائه، مما خلق حالة من التوتر بينه وبين الإدارة من جانب واحد وبينه وبين قضاة محكمة الناصرة الشرعية.. وهذا السجال خلق حالة من الأجواء المتوترة في المحكمة وتم اتهامه بالعدائية كما ذكر اعلاه، سيما وانه لم يكتف بالاعتراض والاحتجاج، وإنما صعَّد الاجراءات وتوجه لجهات رسمية خارجية محاولًا وقف هذا الإجحاف واظهار الحقيقة بأن كتاب التفويض مزيف، واعتمد بادعائه على تقرير مكتب خبير بالخطوط معروف في منطقة المركز، والذي يعتبر تقريره بمثابة شهادة إثبات بالمحاكم, اذ ان تقرير خبير الخطوط اشار الى ان المستند مُزوَّر بتأكيد مطلق مع تأكيد ذلك بدرجة رقم 4 لدى خبيري الخطوط والمستندات, اذ ان المستند “מזויף בוודאות מוחלטת”.
هذا الأمر جعل أدارة المحاكم بعد أن رأت أن السيل بلغ الزبى، تتوجه لوزارة القضاء لاستدعاء المحامي عمر زعبي للمثول لجلسة استماع والتي نتج عنها القرار بفصله من عمله بحجة تدني أدائه رغم انه حصل في تقييم الاداء في الفترة التي سبقت فترة اندلاع الخلافات على علامات تفوق.
المحامي عمر زعبي، لم يستسلم واعتبر أن قرار فصله من عمله قرارًا تعسفيًا وانتقامًا منه لعدم رضوخه لإملاءات الإدارة ورفضه أن يكون “ييس مان”، وتوجه بواسطة المحامي حسين حمزة محاميد، لمحكمة العمل اللوائية في الناصرة لأبطال هذا القرار، وما زالت القضية قيد البحث في المحكمة.
ولم يكتفِ المحامي عمر زعبي بهذا الإجراء بل واصل العمل لاسترداد حقه عبر مسارات اخرى، ومنها تقديم شكوى في 21/01/2020 لشرطة اسرائيل التي قامت بتحويل التحقيق الى وحدة الغش القطرية في الشرطة لاهف 433 بخصوص كتاب التفويض المذكور. ورغم المستندات التي قدمها لمحققي الوحدة ورغم شهادة الشهود، الآ أن لاهف 433 قررت في 24/12/2019 عدم القيام بالتحقيق بالشكوى بادعاء بأن الاجراء الجنائي ليس الإطار الملائم لاستيضاح هذه الحالة.
المحامي عمر زعبي حاول الاعتراض على هذا القرار مطالبًا بالنظر وتصوير مواد الملف، ولكن طلبه قوبل بالرفض، والغريب والمثير للدهشة بالرفض هو تبرير الرفض؛ ” بان النيابة العامة للدولة، ونظرًا لان القرار بهذا الملف قد اتخذ بناء على راي المستشار القضائي للحكومة ד”ר אביחי מנדלבליט، فإنه لا يمكن تقديم اعتراض او استئناف على هذا القرار”.
قرار وحدة لاهف غريبًا وموقف النيابة العامة أكثر غرابة، ولكن الامر المستهجن والذي يترك علامات تعجب وحتى استفهام هو تدخل وموقف المستشار القضائي للحكومة..!
المستشار القضائي للحكومة هو افيخاي ماندلبليت.. هو بذاته الذي لا يكاد يمر يومًا دون أن يتردد اسمه بوسائل الإعلام العبرية لارتباطه بتقديم لوائح الاتهام ضد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو..
والسؤال لماذا يرفض السيد ماندلبليت، إلزام الوزارة بإلزام إدارة المحاكم الشرعية تزويد المحامي عمر زعبي، بالنسخة الاصلية لكتاب تفويض الصلاحيات..؟
والسؤال لماذا رفضت وما زالت إدارة المحاكم تماطل بالكشف عن النسخة الاصلية من كتاب التفويض الذي طلبه وما زال يطالب بمشاهدته المحامي عمر زعبي؟!
أليس من باب النزاهة والشفافية بالعمل كان من واجب إدارة المحاكم الشرعية قطع الشك باليقين وإبراز النسخة الاصلية من هذا الكتاب؟!
هل الرفض نابع من تعنت وكبرياء ام ان وراء الاكمة ما ورائها..!
والسؤال المهم في قضيتنا اين مستند تفويض الصلاحية؟ ولماذا تم اخفاء هذا المستند؟ كيف تم تناقل هذا المستند بين ادارة المحاكم ومفوض شكاوى الجمهور على القضاة وبين المستشار القضائي للحكومة؟ لماذا ترفض ادارة المحاكم الكشف عن مكان النسخة “الاصلية”؟ ولماذا تحاول ادارة المحاكم اخفاء المستند “الاصلي”؟ هذا على سبيل الفرض الساقط ان هناك مستند “أصلي”.!؟
رد الناطقة باسم وزارة القضاء في منطقة حيفا والشمال، حنان علي، على قضية مستند تفويض الصلاحيات؛” شكوى المحامي عمر زعبي، بخصوص الادعاء حول تزييف توقيعه على كتاب تفويض الصلاحيات، حولت لشرطة اسرائيل للفحص، وتمت جمع عدة شهادات واجريت إجراءات اضافية، ومن ضمنها تحويل المستند المدعى بانه مزيف، إلى الفحص في مختبرات الفحص الجنائي. وبعد فحص كافة المواد التي جُمعت خلال الفحص، لم تتواجد ارضية للشك الذي يوجب فتح تحقيق جنائي في الأمر. وفي هذا الصدد اعطيت إجابات كاملة على الأسئلة التي بعثها المحامي عمر زعبي للمستشار القضائي للحكومة”.
هنا لا بد من الإشارة أن رد الوزارة يتطرق لادعاء تزييف توقيع عمر زعبي، وليس للمستند ذاته وطريقة النسخ-لصق.
تواقيع سكرتيري المحاكم الشرعية غير مزيفة وهي حقيقية، ولكن عمر زعبي، أشتكى بأنها نقلت بطريقة النسخ-لصق على المستند المزيف.
عمر زعبي وحيدًا في معركته امام جهاز حكومي مدجج، وكأنه آخر الرجال الصالحين في هذا المجتمع، رغم أن آخرهم كان في عهد “سدوم” و”عموره”.
عودة إلى مستند تفويض الصلاحيات والتساؤلات حول توقيت إصداره وتوزيعه على سكرتيري المحاكم الشرعية.. وهنا لا بد من طرح السؤال؛
هل هنالك علاقة بين توقيت إصدار المستند والقرار الذي اتخذه فضيلة القاضي ثروت مدلج، في محكمة بئر السبع الشرعية بخصوص إجراءات الاعفاء؟!
سنتطرق للقرار وتبعاته في الحلقة القادمة الساعة الثامنة من مساء الأحد القريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى