مقالاتومضات

بدِّل سيئاتك حسنات

سوسن مصاروه
أسرفتْ على نفسها وتمادَتْ في طغيانها واغترَّتْ بحلم الله وفضله، وظنّتْ ذلك رضًى عنها ونسيتْ أنّ الله يُمهل ولا يُهمل. إنها أمّة الإسلام، أنا وأنت منهم، وحالنا في غنى عن سردِه. يقول الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون). قوانين الله وسننه لا تتبدل: (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلًا). قاعدة اجتماعية وأساس من أسس البنيان: (إنّ الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم)، إنّ الله لا يبدل أحوال الأمّة إلا إذا بدّلوا.
أصابَ أمّتنا ضعف وهوان وسلط عليها الذلّ والصغار على أيدي أعدائها بعد أن كانت بالأمس أمة مهيبة الجناح مصونة. ارتُكبت المحرمات وانتشرت الفواحش، شُيّدت صروح الربا في كل مكان، حلّ السفور والتبرج والاختلاط، وصار للخمور مصانع ومتاجر، وأصبح المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، صدح الغناء في البيوت والقاعات والشوارع، انتشر السلاح وكثُر القتل والطعن، وازدادت نسبة الطلاق وتشريد الأطفال. طبَّعنا مع العدو المحتلّ للأرض والمقدسات، صار قريبًا حبيبًا وعادينا أصحاب الحقّ واتهمناهم ببيع الأرض والبيوت ووو
ركنّا إلى الدنيا وملذاتها ثمّ نرجو نصر الله وعزته وتمكينه!! ثمّ نتساءل لماذا حلّ بنا هذا الهوان؟ ثمّ نستغرب لمَ أصابتنا الأمراض والأسقام والهمّ والغمّ: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحنُ قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلَّنا الله). “قد أفلح من زكاها”، “إن الرجل ليدرك بحسن خلُقه درجاتِ قائم الليل وصائم النهار”. الأمة لن تتغير إلا إذا تغير أفرادها، إلا إذا غيرتُ أنا وأنت وهو وهي وهم وهنّ، إذا غيرنا أسلوب حياتنا بما يوافق شرع الله وهدي نبينا عليه الصلاة والسلام، لن ننال العزة والكرامة إلا إذا عُدنا إلى ديننا وتمسكنا بإسلامنا.
إحدى الأخوات تقول كنت استمع إلى برنامج في إذاعة القرآن وكان محور الحديث يدور عمّا هي هوايتك المفضلة؟ فاتصلت إحدى الأخوات وقالت إن هـوايتها هي جـمـع الحسنات! ماذا!! جمع الحسنات!! نعم جَمْع الحسنات، في وقت نحن في أمسِّ الحاجة إلى حسنة واحدة قد تنقذنا من النار. مَن منا فكر قليلًا في حياته فيما عمله وما سيفعله غدًا!!
حسنتك تبدل سيئتك حسنة، يقول الله تعالى: (إنّ الحسنات يذهبن السيئات)، وحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قوم يذكرون الله عز وجل إلا ناداهم منادٍ من السماء قوموا مغفورًا لكم قد بدلتُ سيئاتكم حسنات).
يقول الله سبحانه وتعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم)،
بشارة عظيمة لعباده الذين أسرفوا على أنفسهم واستكثروا من الذنوب، لا تقنطوا من رحمتي فأنا من يغفر الذنوب كلها لمن تاب منها وأقلع عنها،
بشارة ترتاح لها القلوب وتسعد بسماعها الأرواح التي أنهكتها المعاصي والذنوب: (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون).
يا عباد الله، نحن بحاجة لوقفة صدقٍ مع الذات، ونُراجع حساباتنا، ثمّ نبدأ بترميم ما تصدّع ليعود بنيان الإسلام في نفوسنا جميلًا سالمًا كاملًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى