تكنولوجيا

كورونا كانت بمثابة نعمة لزوم.. لكن ما الذي سيحدث عندما ينتشر اللقاح؟

استفادت شركة “زوم” (Zoom) خلال عام 2020 من جائحة فيروس كورونا؛ لتحقيق نجاح باهر على الصعيد العالمي، بيد أن طموحاتها قد تتبدد في 2021.
وفي تقرير نشره موقع “فوكس” (VOX‎‏) الأميركي، قالت الكاتبة راني مولا إن شركة “زوم” بدأت المداولة في سوق الأسهم في شهر أبريل/نيسان 2019، وكانت معروفة في ذلك الوقت بصفتها شركة تكنولوجيا عامة حديثة حققت أرباحا فعلية. وبعد مرور عام واحد، أعلن العالم عن حالات الإغلاق بسبب جائحة كورونا، ليتحول تطبيق “زوم” من برنامج شائع بين شركات التكنولوجيا إلى تطبيق يعتمد عليه الناس في جميع اتصالاتهم.
بالنسبة للكثيرين، أصبح تطبيق “زوم” بمثابة شريان حياة أساسي للتواصل مع العالم الخارجي، مع توفيره خيار المكالمات المجانية، التي تصل مدتها إلى 40 دقيقة، وخيار المكالمات غير المحدودة باشتراك مدفوع، يتيح للأشخاص القيام بالعديد من المهام، التي اعتادوا القيام بها وجها لوجه.
وأشارت الكاتبة إلى أن تطبيق “زوم” كان أحد خيارات مؤتمرات الفيديو العديدة المتاحة بالفعل؛ لكنه استحوذ على مخيلة الجمهور وعلى أكبر حصة في السوق مقارنة بباقي التطبيقات.
واكتسب تطبيق “زوم” خبرة أعوام في أشهر فقط. وفي مثل هذا الوقت من العام المنقضي، كان لدى “زوم” حوالي 10 ملايين مشارك في الاجتماعات يوميا، أما الآن فيمتلك 350 مليون، وكان “زوم” من أكثر التطبيقات التي تم تنزيلها على آيفون وآيباد لهذا العام، متغلبا على تطبيقات أخرى؛ مثل إنستغرام ويوتيوب. وقد تضاعفت أرباح الشركة هذا العام 4 مرات مقارنة بالعام المنصرم.
في الوقت الحالي، من المرجح أن يساهم عدد من العوامل في تهديد مستقبل الشركة. فقد استحوذت شركات البرمجيات العملاقة، مثل “مايكروسوفت” (Microsoft) و”سيسكو” (Cisco) و”غوغل” (Google)، على أغلب تكنولوجيا محادثات الفيديو من خلال تقديمها منتجات أفضل بكثير مما كانت عليه قبل ظهور “زوم” على الساحة.
كما أن الشركات، التي عملت على تخفيض التكاليف خلال فترة الركود، تكون أقل استعدادا للإنفاق الإضافي على البرامج عندما يكون بإمكانها الاعتماد على العقود، التي أبرمتها بالفعل.
وأوضحت الكاتبة أن نظام “مايكروسوفت تيمز” (Microsoft Teams)، بميزة مؤتمرات الفيديو مثل “زوم”، يكون مجانيا بشكل أساسي للشركات، التي تدفع مقابل مجموعة “مايكروسوفت أوفيس” (Microsoft Office). بالإضافة إلى ذلك، يعد تطبيق “سلاك” (Slack) من أفضل تطبيقات العمل، الذي توفره شركة “سيلز فورس” (Salesforce)، وهو يأتي بخاصيات مماثلة لزوم.
ومع احتمال بدء توزيع لقاحات فيروس كورونا، قد لا نحتاج إلى إجراء الكثير من محادثات الفيديو في العام المقبل، ولعل هذا ما يفسر انخفاض أسهم شركة “زوم” بنسبة 20% تقريبا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بعد ورود أنباء تفيد بأن اللقاح التابع لشركة “فايزر” (Pfizer) كان فعالا للغاية في المراحل الأخيرة من التجارب السريرية.
ومع ذلك، ما تزال مبيعات شركة “زوم” مرتفعة بنسبة 500% تقريبا مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث تضاعفت مبيعات الشركة أكثر من 4 مرات على مدار العام.
من جانبها، قالت شركة “زوم” إنها ترحب باللقاح، على الرغم من انخفاض قيمة أسهمها. وصرحت المديرة التنفيذية في الشركة، أبارنا باوا، لموقع “ريكود” (Recode) “آمل أن نقدم خدمة جيدة بما يكفي، حتى يرغب الناس في استخدامها، سواء بوجود أزمة أو عدمها”.

قاعدة عملاء “زوم” في مرحلة انتقالية
منذ 9 أعوام فقط، ترك المهندس إريك يوان شركة “سيسكو” ليؤسس شركة “زوم”. ولم تصبح شركة “زوم” في الوقت الحالي أكثر شهرة من شركة “ويبيكس” (Webex) فحسب -وهي خدمة مؤتمرات الفيديو الموجودة منذ التسعينيات-؛ بل باتت أكثر شعبية مقارنة بجميع منافسيها، لكن الحماس الكبير في صفوف المستخدمين لم يترجم إلى مبيعات بالحجم نفسه.
ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول، كانت الزيارات الشهرية لتطبيق “زوم” أعلى 3 مرات مقارنة بزيارات “غوغل ميت” (Google Meet) و” غوغل هانغ أوتس” (Google Hangouts) معا. وحقق تطبيق “زوم” 4 أضعاف عدد تنزيلات مايكروسوت تيمز أوغوغل ميت؛ لكن وتيرة تنزيل التطبيق مقارنة بالفترة الأولى من الجائحة قد تباطأت.
وأشارت الكاتبة إلى أن زوم ربما وصلت لمرحلة تشبع السوق بالنظر إلى عدد الأشخاص، الذين يملكون حسابات على هذه المنصة. ويأتي أكبر جزء من إيرادات شركة “زوم” (62%) من الشركات التي تضم أكثر من 10 موظفين، في حين أن العملاء، الذين يمتلكون 10 موظفين أو أقل باتوا يشكلون 38% من إيرادات الشركة، مقارنة بنسبة 20% المسجلة في نهاية العام الماضي.
وفي الواقع، نمت هذه الشريحة من العملاء مع اعتماد المزيد من الأفراد الخدمة المدفوعة؛ لكنها أيضا تعد الشريحة الأكثر تقلبا، نظرا لأن العملاء الصغار يمكنهم التبديل إلى خدمة يقدمها أحد منافسي زوم بسهولة أكبر.

حرب ميزة مؤتمرات الفيديو
بينما اكتسب زوم شعبية بسبب موثوقيته وسهولة استخدامه، تحسّن منافسوه كثيرا من خلال تبسيط خدماتهم وزيادة جودة مكالمات الفيديو الخاصة بهم. واليوم، أصبحت الخدمة الأساسية، التي يقدمها زوم ومنافسوه متشابهة إلى حد كبير؛ لذلك تكافح كل هذه الشركات حاليا لتتميز عن غيرها من خلال تقديم منتجات جديدة وأفضل.
اضطرت زوم هذا العام، إلى إيجاد حل للثغرات الأمنية على إثر وقوع سلسلة من الحوادث الأمنية، بما في ذلك، “زومبومبينغ” (Zoombombing)، وهي ثغرة أمنية تسمح لمواقع الويب باستعمال كاميرات الحاسوب، وتوجيه مكالمات “زوم” عبر الصين. بالإضافة إلى هذه الإصلاحات، وظفت زوم المدير التنفيذي السابق لأمن “فيسبوك” (Facebook)، أليكس ستاموس، مستشارا خارجيا، وبدأت باستعمال التشفير الكامل في أكتوبر/تشرين الأول.
تدور المنافسة بين برامج مؤتمرات الفيديو حاليا حول الميزات الجديدة، حيث أضافت كل من مايكروسوفت وويبيكس التابعة لشركة سيسكو ما لا يقل عن 100 ميزة جديدة منذ بداية الجائحة، من بينها برنامج لإلغاء الضوضاء أثناء العمل من المنزل، وأضافت مايكروسوفت خاصية “الوجود معا” التي تضع الحاضرين في المؤتمر على خلفية رقمية مشتركة لمنحهم الشعور بأنهم موجودون في الغرفة ذاتها. ولخدمة عملائها الحكوميين، أضافت ويبيكس ميزة جديدة تسمح للمشرعين بمحاكاة التصويت على القوانين.
وفي بداية الجائحة، أدركت شركة فيسبوك أن الأشخاص يستخدمون خدمة الدردشة المرئية الخاصة بالتطبيق للمحادثات الجماعية أكثر من المحادثات الفردية؛ لذلك قامت بتسهيل الأمور من خلال مشاركة الروابط وجدولة المكالمات.

ما الذي سيحصل بعد اكتشاف اللقاح؟
إن نهاية الوباء لا تعني نهاية مكالمات الفيديو، وإنما استخداما أقل للفيديو؛ لكن من المرجح أن يصبح الفيديو مكونا دائما في الاجتماعات، إن لم يصبح ضرورة ماسة.
ويخطط الغالبية العظمى من أرباب العمل بعد انتهاء الوباء، لاستخدام نموذج عمل مختلط، حيث يعمل عدد من الموظفين عن بعد لبعض الوقت على الأقل.
وبلغت قيمة سوق مؤتمرات الفيديو خلال هذا العام 7.9 مليارات دولار؛ لكن من المتوقع أن ترتفع هذه القيمة العام المقبل إلى قرابة 9.7 مليارات دولار.
وتتطلع جميع شركات مؤتمرات الفيديو إلى عودة الاجتماعات إلى سابق عهدها، حيث سيتعين عليها تسهيل التواصل بين الأشخاص الموجودين فعليا ونظرائهم البعيدين، بدون أن يشعر أحدهم بالحرمان. وسيتضمن ذلك استخدام تقنيات الواقع المعزز لجعل الاجتماعات أكثر شعبية، وعرض البيانات للجميع في الوقت نفسه، كما سيتطلب الأمر تحسين مكالمات الفيديو لتصبح أبسط وأكثر سلاسة مما هي عليه الآن.
للمضي قدما، تستثمر مايكروسوفت بكثافة في الميزات التي تضمن رفاهية الموظفين، حيث تظهر أبحاثها أن العمل أثناء الوباء كانت له آثار ضارة على الموظفين، بما في ذلك زيادة عدد الاجتماعات وساعات العمل الطويلة. علاوة على ذلك، ستطلق “سيسكو” قريبا ميزة تهدف إلى ضمان إشراك جميع الموجودين في الاجتماع، من خلال تخصيص وقت لكل مشارك للتحدث بحيث يتم كتم صوت الآخرين. وتتوقع فيسبوك أن يصبح الفيديو عنصرا من الحياة العادية.
واليوم، بعد أن أصبحت شركات البرمجيات القديمة تولي اهتماما وثيقا بمؤتمرات الفيديو، سيكون من الصعب على “زوم” مواكبة ذلك والاستمرار في التميز عن غيرها.
وقالت باوا إن مؤسس “زوم” يرى أن التطبيق قادر على أن يكون مركزا لنظام اتصالات أكثر إنسانية، وهو يرغب في أن يجعل التطبيق قادرا على تمكين الأشخاص من مصافحة ومعانقة بعضهم. وأضافت “نحن نرى أنفسنا وسيلة تواصل بين البشر في أي سياق بطريقة شخصية وحميمة للغاية”.
المصدر: مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى