مقالاتومضات

الحملات الصليبية لم تنته!!!

أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
مخطئ من يظن أن الحملات الصليبية على بلاد المسلمين قد انتهت!!! ومخطئ من يظن أن هذا العِداء المتوارث عبر الأجيال قد انتهى!!!! فلا زالت أزمة هزائم الصليبيين في حملاتهم على بلاد الإسلام تلقي ظلالها على سياسات هذه الدول، بل هي المحرك للتعامل مع الإسلام والمسلمين خلال عقود ماضية، فها هي أوروبا وفي مقدمتها فرنسا الابنة البكر للكنيسة وراعية الحملات الصليبية، تحاول إعادة السيطرة على بلاد الإسلام والمسلمين المتواجدين في فرنسا ودول أوروبا ولكن هذه المرة ليس عبر حملات عسكرية على بلاد الإسلام كما فعلت في الجزائر بلد المليون شهيد حيث أبادت عشائر كاملة عن بكرة أبيها وقتلت الآلاف من أهل الجزائر، وإن إبادة قبيلة العوفية سنة 1832 ما زالت شاهدا على جرائم الاستعمار الفرنسي وحقده الدائم المتجدد، وإن احتفاظ فرنسا بمئات الجماجم للثوار الجزائريين وعرضها في متحف اللوفر لغاية الآن، لهو أكبر دليل على الكراهية المقدسة وعلى الأزمة التي تعيشها فرنسا ودول الغرب الصليبي، وإن ما فعلته في المغرب العربي والصومال ومالي وبلاد الشام وغيرها من بلاد الإسلام التي احتلتها فرنسا لعشرات السنين واستولت على مدّخراتها وثرواتها الطبيعية، وتركت هذه البلدان تعيش في فقر مدقع!! وإلا كيف يعقل أن تمتلك فرنسا أكبر كمية من مخزون الذهب في البنك الدولي وهي لا تمتلك حتى منجم ذهب واحد في أراضيها!!!! إنه الاستعمار العسكري يا سادة، الذي نجح بسرقة خيرات البلاد لكنه لم ينجح في نزع الدين من قلوب المسلمين.
وبذلك فشلت فرنسا والدول الاستعمارية من تحقيق الهدف الأسمى من هذه الحملات، ألا وهو الحرب ضد الإسلام، لأنهم يشنون حرباً دينية بامتياز حتى لو اكتسبت هذه الحرب صبغة سياسية أو اقتصادية، أو بحجة محاربة الإرهاب كما فعلوا بالعراق وأفغانستان، ومن هذا المنطلق فإنني أقول، صحيح أن الحملات الصليبية ومحاكم التفتيش قد انتهت بصورتها التقليدية في بلاد المسلمين إلا أنها عادت بطابع ثاني متجدد، تنفيذا لما قاله لويس التاسع قائد الحملات الصليبية السبع على بلاد المسلمين، حيث قال: (لا بد أن تنقلوا المعركة مع المسلمين من البعد الجغرافي إلى البعد النفسي، فإنكم إن انتصرتم في بعض المعارك عسكريا، فسرعان ما يستعيد المسلمون قوتهم ويتداركون نقاط ضعفهم لأنهم ينطلقون من مصدر قوة وهو القرآن). وهذا أحد دعاة الحرب على الإسلام في مجمع العموم البريطاني يقول: (إذا أردتم أن تنتصروا على المسلمين فعليكم أن تحاربوا هذا القرآن فقام أحد الشبان المتحمسين ومزق القرآن، فقال له أشكرك على عاطفتك لكن نريد أن يبقى المصحف ونطبعه نحن لكن نريد أن نبعد المسلمين عن حقائقه، وأن يبقى قرآنا تتلوه الألسن في المساجد والمناسبات المتعددة، لكن دون أن يجدوا له واقعا في قلوبهم وتنفيذا لتعاليمه).
والسؤال الذي يطرح نفسه ما سر هذا العداء للإسلام؟!!! وإذا كان الإسلام يعيش أزمة فلماذا كل هذا الخوف من دين مأزوم ضعيف؟!!!
ولماذا هذه الازدواجية من قبل الملاحدة والعلمانيين في التعامل مع الإسلام؟!، ولماذا تشنّ معقل الثورة الفرنسية التي يتغنى بها دعاة الحرية والتنوير الثقافي والحضارة والديموقراطية، لماذا تشنّ هجمة صليبية شرسة على مواطنيها المسلمين سواء كانوا من البيض (سكانها الأصليين) أو من (المهاجرين)؟!
ألم تدّعي الجمهورية الفرنسية أنها دولة علمانية محايدة اتجاه جميع الأديان؟!! أم أن هذه الحيادية لا تسري على الإسلام؟!! ولو فكرنا مليا في هذه الأسئلة لاستنتجنا أن:
فرنسا هي من تعيش بأزمة اقتصادية، وأزمة اجتماعية، وذلك حسب تقرير نشرته جريدة واشنطن تايمز حيث نشرت دراسة للباحث والاقتصادي (شارلز غيف) أن الجنس الأوروبي على وشك الانقراض (الأوروبيون لا يتكاثرون وليس لديهم نزعة الإنجاب أو نزعة الزواج) فعلى سبيل المثال فإن نسبة المثليين في فرنسا بلغت أكثر من 10%، وإن أكثر من نصف المجتمع يستغني عن الزواج بصديقة باقتناء بكلب، وأن نسبة أولاد الزنا تصل إلى أكثر من 40%.
لذلك يحذر هذا الباحث (شارلز غيف) أنه خلال أقل من 40 سنة ونظرا للاتجاه الديموغرافي سينحسر عدد السكان الأصليين (البيض) وستكون الأكثرية للمسلمين!!! إذن من هنا يأتي التخوف الكبير من الإسلام، التخوف من تحول بعض الدول الأوروبية إلى دول إسلامية بسبب الانتشار الواسع للإسلام في صفوف الأوروبيين. فلم يكن أمام ماكرون اليميني المتطرف إلا أن يكشر عن أنيابه أمام العلن ويعلن عداءه السافر على الإسلام والمسلمين، ويدعي أن الإسلام يعيش في أزمة ولا يتناسب مع العلمانية الحديثة والقيم الأوروبية. فأخذ يضيق الخناق على المسلمين في فرنسا من خلال التدخل في صميم الشريعة الإسلامية، بداية منع الحجاب!، ولا أدري كيف يمكن للحجاب تهديد أسس العلمانية؟! وبذلك منع المرأة المسلمة في فرنسا من التعليم!!! في حين أن اليهود يتجولون في الشوارع ويضعون قبعاتهم الصغيرة على رؤوسهم (لباس ديني) والراهبات تلبس لباسهن الخاص بل الأدهى والأنكى أن باستطاعة النساء التعري والخروج بشوارع فرنسا ضمن إطار الحرية الشخصية!!! أما الحجاب فهو يخيف الأطفال كما تدّعي عجوز فرنسا الشمطاء بريجيت التي يعود نسبها لعائلة روتشيلد الارستقراطية الماسونية اليهودية، ثم يبرر السفيه ماكرون رفضه أن يتعلم أطفال المسلمين في مدارس خاصة بهم أو في منازلهم لأنه يريدهم أن يتعلموا في المدارس الفرنسية العريقة التي تعلم أسس الحرية والعدالة والتسامح!!! وهي نفس المدارس التي تنشر الصور المسيئة للرسول بحجة حرية التعبير، وهي نفس المدارس التي تمنع المسلم من إشهار إسلامه وهي نفس المدارس التي تضخ الأفكار المشوهة عن الإسلام من خلال القوة الناعمة لتغيير نظرة المسلمين للإسلام أولا، ومن خلال زيادة الحقد والعداء للإسلام والمسلمين من قبل الفرنسيين، وتحويله لدين إرهاب لا يتماشى مع القيم الحضارية، ولكن هيهات لهم ذلك فلم ولن يستطيعوا النيل من الإسلام مهما حاولوا ومهما فعلوا (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون)، نعم برغم كل محاولاتهم البائسة في تشويه الإسلام وشيطنته إلا أن النتائج معاكسة لما يريدون، فكما يقول البروفيسور كريغ وهو محاضر في جامعة رايس الامريكية: تعمل وسائل الإعلام العالمية على ضخ معلومات بهدف تشويه صورة الإسلام (الإسلام فوبيا) ولكن المفاجأة أن الإسلام ينتشر أكثر.
نعم الإسلام يفاجئكم في عواصمكم!! لأنه دين الله ويلائم الفطرة ويجيب على جميع الأسئلة الفلسفية التي تحير العقول!!! وإن الأعداد الهائلة لمن يدخلون في الإسلام يوميا لخير دليل على عظمة وقوة هذا الدين.
وإننا على يقين أن الغلبة لهذا الدين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مضر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر). اللهم أعز الإسلام والمسلمين وصل اللهم وسلم وبارك على رسولك النبي الأمي المرسل رحمة للعالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى