أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحلياتومضات

أسرة الشهيد عدنان مواسي: ترك الدنيا لينال ما هو أعظم منها

30 عاماً على مجزرة الأقصى الأولى..

ساهر غزاوي
حلّت أمس الخميس 8/10/2020مـ، الذكرى الـ 30 للمجزرة المروّعة بحق المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في صبيحة يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1990، والتي ارتقى فيها 21 شهيدا وجُرح أكثر من 150 واعتقل ما يقارب الـ 270 فلسطينيا ممن تصدوا لاقتحامات المستوطنين آنذاك.
الشهيد عدنان خلف مواسي ابن مدينة طمرة، وكان آنذاك في الثامنة والعشرين من عمره، كان ضمن كوكبة الشهداء الذين قضوا في سبيل ذودهم عن حرمة وقدسية المسجد الأقصى المبارك، حيث اعتكف مع آلاف المصلين داخل مصليات المسجد الأقصى وباحاته، وذلك في أعقاب دعوات مجموعة “أمناء الهيكل” لوضع حجر أساس “الهيكل المزعوم” في المسجد الأقصى.

أبا فردوس بالفردوس
بعد مرور ثلاثة عقود على استشهاد عدنان خلف مواسي من طمرة، لا تزال ذكراه متّقدة في قلب أسرته، فقد أطلقت العائلة اسم الشهيد عدنان على الكثير من أبنائها حفاظا على ذكراه الطيبة. وترك الشهيد طفلته الرضيعة (فردوس) التي كان عمرها آنذاك 3 أشهر، وفردوس اليوم بعد 30 عاماً على استشهاد والدها، متزوجة ولديها خمسة من الأبناء هم أحفاد الشهيد عدنان خلف مواسي.
مصطفى مواسي (أبو جهاد)، الشقيق الأصغر لشهيد الأقصى، تحدث لـ “المدينة” قائلاً: استشهد عدنان ومعه عشرون شهيدا من إخوانه أبناء شعبنا، ولا زلت أذكر ذاك اليوم الذي استشهد فيه أخي عدنان، ولن أنسى هذا اليوم ولا التاريخ والساعة.
وقال: “قبل 30 عاماً رحل عنّا عدنان وشيّعناه في جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أهالي مدينة طمرة وأبناء الداخل الفلسطيني، بعد أن عاد إلينا محمولا وبصدره ثلاث رصاصات تفجّرت في جسده الطاهر، وهو يدافع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. اليوم الذي استشهد فيه عدنان كان تاريخا جديدا لنا في عائلة مواسي”.

مصطفى مواسي- شقيق الشهيد
مصطفى مواسي- شقيق الشهيد

وأضاف مواسي: “مرّت ثلاثون سنة على استشهاد عدنان وما زال الألم لفقدانه حاضرا. لن ننسى ذكراه، وعزاؤنا أنه ترك الدنيا لينال ما هو أعظم منها، عزاؤنا أن أبا فردوس الآن هو في جنة الفردوس إن شاء الله تعالى وهو شهيد المسجد الأقصى المبارك”.
وأشار مصطفى مواسي، إلى أن شقيقه الشهيد عدنان “ولد في أسرة فقيرة ميسورة الحال، لكنها غنية بالدين والإيمان وحب الوطن والمسجد الأقصى المبارك، فأخي عدنان دافع بروحه ودمه عن الأقصى من أجل إعلاء كلمة الحق وتطهيره من دنس المستوطنين الذين ضمروا الشر في نفوسهم للمسجد وأعلنوا عن بناء “هيكل مزعوم” على أنقاضه، وكان عدنان من الذين رابطوا في جنباته في الوقت الذي كان فيه يغفل الكثير من الناس عن معاني عبادة الرباط وواجب شد الرحال والذود عن حرمة المسجد الأقصى، وعندما نادى الأقصى لبّى عدنان النداء وترك بيته وزوجه وطفلته الرضيعة لينال الشهادة في المسجد الأقصى المبارك، نعم هذا عزاؤنا بأخي الشهيد عدنان رحمه الله تعالى”.
في ختام حديثه أبرق مصطفى مواسي رسالة تحدث فيها بلسان شقيقه شهيد الأقصى قائلاً: “أنا الشهيد عدنان خلف مواسي فديت القدس والأقصى وفلسطين بدمي، غسلت ساحات المسجد الأقصى التي دنستها أقدام اليهود والصهيونية بدمي، لا تتركوا المسجد الأقصى لوحده، فنحن من دافعنا بدمائنا وأرواحنا عن أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، رصاصات الاحتلال التي اخترقت أجسادنا كانت بداية الانتصار للمسجد الأقصى المبارك بإذن الله”.

يوم اختلط الدم الفلسطيني بعضه ببعض
إلى ذلك، أكّد الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة، أن يوم 8/10/1990 هو اليوم الذي اختلط فيه الدم الفلسطيني بعضه ببعض دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك عبر الشهيد عدنان خلف مواسي ابن مدينة طمرة والذي ارتقى مع 20 شهيداً في ساحات المسجد الأقصى المبارك.
وأشار خطيب في حديث لـ “المدينة” إلى أن الشهيد عدنان خلف ارتقى بعد سنة فقط على زفافه بعرس إسلامي. وأضاف: “تشرفت أنني كنت قد ألقيت كلمة في عرسه عليه رحمة الله، ثم عادت دورة الأيام ليختلط الدم الفلسطيني مرة ثانية يوم 28/9/2000، فعشر سنوات من العام 1990 والعام 2000 فصلت بين عدنان مواسي ابن طمرة وبين الشهداء من جت ومعاوية وأم الفحم والناصرة وكفرمندا وكفر كنا وسخنين وعرابة”.
وأردف قائلاً: “عدنان خلف لا شك أن هذا الاسم يجب ألا ينسى إلى جانب كل شهداء شعبنا، غير أن الشهداء حتى لو نسيهم أهل الأرض، فهم هناك عند أهل السماء في خير مقام، فقد اصطفاهم الله ليكونوا شهداء بناء على نواياهم الخيّرة التي يعلمها الله عزّ وجل، لذلك اجتباهم ومنهم شهيدنا عدنان، الشاب الذي تعلق قلبه بالمسجد الأقصى المبارك مبكرا ونال بذلك وسام الشهادة، شهيد المسجد الأقصى المبارك”.

الشيخ كمال خطيب
الشيخ كمال خطيب

ولفت الشيخ كمال خطيب إلى أنه “في كل عام في يوم 8/10 تنظم لجنة الحريات والمتابعة فعالية إحياء ذكرى الشهيد عدنان خلف في طمرة، ونلتقي عند دوار الشهيد عدنان ثم نزور المقبرة ونزور الضريح ونزور أهله وهكذا نفعل منذ سنوات، لكن الظرف الحالي بسبب جائحة كورونا حال دون ذلك، تماما كما كان في إحياء ذكرى شهداء هبة القدس والأقصى قبل أسبوع، وعليه اتفق مع اللجنة الشعبية في طمرة أن يكون النشاط الخاص بالشهيد عدنان، محليا، تماما كما حصل في باقي البلدات في الذكرى العشرين لانتفاضة القدس والاقصى”.

تفاصيل المجزرة
منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967، بدأت منظمات وجماعات يهودية مدعومة من المؤسسات الإسرائيلية الرسمية تعدّ العدة وتضع الخطط، وترسم المخططات، وتبرمج المراحل، وتعلن علانية أنها بدأت تعدّ العدةّ لبناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى. وكانت يومها اقتحامات محدودة للأقصى من مستوطنين وأفراد في الجماعات اليهودية، لكن دعوات لإقامة الصلوات اليهودية الراتبة فيها أخذت تزداد وتتصاعد، ووصل الحد إلى بمطالبات لوضع حجر الأساس لبناء الهيكل داخل المسجد الأقصى، وإقامة المراسيم لذلك، لتكون الخطوة الأولى لبناء الهيكل المزعوم.
أعلن “جرشون سلمون” وجماعته ما يسمى “أمناء جبل الهيكل” أنهم سيضعون حجر الأساس للهيكل، وينظمون مراسيم ذلك في المسجد الأقصى، بالتزامن مع عيد العرش العبري، وأعدوا العدة لذلك، وسمحت المحكمة الإسرائيلية لهم مبدئيا بذلك، حددوا الموعد، قبل الساعة 11:00 من يوم الاثنين 8 تشرين 1990، واكفهرت الأجواء، واستشعر الفلسطينيون الخطر، وتنادوا قبل الموعد المذكور لحماية المسجد الأقصى، عبر احتشاد المصلين داخل المسجد منذ ساعات الصباح.
وفي مساء ما يسمى “عيد العرش”، كانت أذرع الاحتلال قد وضعت خطة، لمجابهة المصلين في المسجد الأقصى، واتخذت قراراً بالاعتداء الغاشم على المسجد الأقصى وكل من يحضر فيه، في صباح الاثنين المشهود. وقبل المجزرة بنصف ساعة، وضعت قوات الاحتلال الحواجز العسكرية على كل الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، لمنعهم من الوصول إلى المكان، لكن المصلين كانوا قد تجمعوا في المسجد قبل ذلك التوقيت بساعات، في استجابة للدعوات التي أطلقت من داخل المسجد.
وفور اقتحام المستوطنين المشاركين في المسيرة للمسجد الأقصى المبارك، هبّ المعتكفون لمنعهم من تنفيذ مخططهم. وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية العنان لأسلحتها واستخدمت قنابل الغاز السام والأسلحة الأوتوماتيكية والطائرات العسكرية، كما شارك المستوطنون بإطلاق الرصاص الحي تجاه المصلين في مجزرة الأقصى المروًعة مما أدى لاستشهاد 21 شابا وإصابة المئات بجروح متفاوتة. كما اعتقل 270 شخصا داخل المسجد وخارجه، واعتدى المحتلّون على الجرحى والمعتقلين، وما تزال صور المعتقلين، في صحن قبة الصخرة، ومنطقة سطح المرواني، شاهدة على قبح الاحتلال، طرحوا المعتقلين أرضا، وكبّلوا أيديهم، وعاملوهم بامتهان.
بقي جنود الاحتلال في الساحات، ومنعوا إخلاء جثامين الشهداء والجرحى، إلا بعد ست ساعات من بداية المجزرة.
وقد لاقت المجزرة النكراء استنكاراً واسعاً، وأعلن فيها المراقبون أنّ القوات الإسرائيلية انتهكت المحرمات، وفاقت بمجزرتها كل الخطوط الحمراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى