أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الخضوع بالقول بين الأمس واليوم

أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
لأن الإسلام يعتبر المرأة جوهرة مصونة، ولأن الإسلام ينظر إلى المرأة كشقيقة للرجل ومساوية له في أداء الواجبات الدينة والشرعية، وهي كذلك محّملة بواجبات عليها تأديتها، من: تعلم، وعمل، وتجارة وتطبيب، أو أي تواصل مع المجتمع، بعيداً عن النظرية الضيقة والسطحية بأنها تعتبر مصدراّ للفتنة. لأجل كل ذلك فقد منحها الله تعالى منحة ربانية لو سارت عليها المرأة لسلكت درب النجاح والصلاح وهذه المنحة متمثلة بقول الله تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا).
فإذا كان الحديث يدور عن نساء النبي أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات اللاتي عشن في أصفى وأنقى المجتمعات عبر التاريخ، حيث الجميع تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالنا اليوم في عصرنا الحاضر، عصر الفتن والمغريات والتسهيلات للوقوع بالحرام!!!!
وقبل أن أبدأ حديثي أود أن أُعرّف معنى الخضوع بالقول: أي الدلع والميوعة والتكسر بالحديث واللين فيه مع بعض الحركات والإيماءات الجسدية، وقد كان قديما الخضوع بالقول مباشرا ومشافهة، سواء مع البائع أو المعلم أو الطبيب أو حتى الشيخ، وما زالت هذه الوسيلة المباشرة متاحة حتى يومنا هذا، لذلك ينبغي على المرأة المسلمة إذا تخاطبت مع رجل أجنبي فعليها مخاطبته على قدر الحاجة، وأن لا تسترسل بالحديث فيطمع الذي في قلبه مرض، وفي قصة بنات شعيب عليه السلام ومخاطبتهما مع نبي الله موسى خير مثال على العفة والحياء في الخطاب بين الرجل الأجنبي والمرأة، فيجب أن يكون الحديث صد رد دون زيادة أو نقصان، فلننظر إلى الحوار الجاري بينهم: (قال ما خطبكما؟!)، الجواب: (قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير)، سؤال مقتضب وجواب وافي لا يحتاج لمزيد من الأسئلة ولا يعطي مجالا لفتح حوارات، بل وضع كل طرف حدود في تعامله وخطابه. ومن المؤكد والمعلوم أن حدود العلاقة مع الرجل مبنية على المرأة، فإن احتشمت المرأة بعلاقتها توقف كل الرجال عنها، وإن سمحت فتنت كل الرجال. وللأسف فإن هناك من الرجال من لا يعتقد بوجود امرأة بريئة وبالذات في عصرنا الحالي حيث نرى ونسمع الكثير من القصص عن الخيانات الزوجية، والمشاكل الأسرية أو الاجتماعية التي باتت خطرا محدقا يحيط بأسرنا المسلمة وبالذات مع التطور التكنولوجي، واتساع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من، (فيس بوك، واتس أب، تانجو، تشات،……)، والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن تمارس المرأة حياتها في ظل العالم الافتراضي الذي يتيح مجالا واسعا من التواصل دون الإخلال بالعفة والحياء؟، الجواب: نعم، ولكن قبل كل شيء علينا أن نوضح أن العلاقة بين الذكر والأنثى يجب أن تكون ضمن ثلاثة محاور حتى تستطيع التعامل مع هذا العالم الافتراضي:
1- علاقة الأنثى مع الذكر في حدود المحارم (أخ، عم، خال،…..) وهذه علاقة واضحة تماما.
2- علاقة الأنثى مع الذكر في حدود الزوجية وهي كذلك علاقة واضحة وشرعية.
3- علاقة الأنثى مع ذكر لا تجمعهم علاقة المحارم ولا العلاقة الزوجية، وهنا تحتاج هذه العلاقة إلى تنظيم حيث لا بد من ضوابط وقيود للمحافظة على الأنثى والذكر على حد سواء، لأن ما يحصل من تجاوزات وفوضى في العلاقات داخل هذا العالم الافتراضي يندى له الجبين!! والسبب أن الخضوع في القول في هذا العالم الافتراضي قد يكون مسموعا، وقد يكون مكتوبا، وقد يكون مرئيا وعليه نفس الحكم: (فيطمع الذي في قلبه مرض)، بل إن الخضوع بالقول عبر هذا العالم الافتراضي يعتبر أخطر بكثير لأنه لا يخضع للرقابة كما في التعامل المباشر بين الذكر والأنثى، حيث أنه في التعامل المباشر قد يحتاج الشخص إلى الخروج من منزله ومواجهة صعوبة في التواصل مع الطرف الآخر، لكن في العالم الافتراضي وأنت في منزلك بل في غرفتك وعلى فراشك تستطيع التواصل مع من تريد وفي أي وقت تريد، وهنا الخضوع يمر بخطوات ويمكن أن يبدأ من أي طرف سواء الذكر أو الأنثى. ملاحظة: (الرجل لا يخضع في القول لكنه يمثل ويتفنن في الكلام ليستميل الأنثى) وذلك من خلال بداية حوار عادي عن محاضرة أو استشارة، ثم يدخل الحوار في الحياة الشخصية وبعدها يتطور للعواطف وبعدها إرسال صور وفيديوهات، وهنا المطب الكبير الذي يقع فيه الإنسان الذي لا يوجد لديه وازع ديني ولا أخلاقي، ولا يخضع لرقابة الله، فمن سيوقفه أو يوقفها عن هذا الانحدار الأخلاقي، ولا يخفى على أي عاقل فينا أن من أهم أسباب الطلاق والتفكك الأسري في المجتمع هذا الموضوع، حيث نرى الرجل ينقطع عن حياته الزوجية وحياته الحقيقية وينتقل من عالمه الحقيقي إلى العالم الافتراضي يبحث عن زوجة وفق مقاييس خيالية لم يجدها إلا عبر هذا العالم المنافق المخادع، والعكس كذلك بالنسبة للزوجة، فإذا كان هذا حال الأهل، فما بالنا بحال الأولاد، لذلك علينا جميعا الوقوف بوجه هذا الغول المتحضر الذي ينهش بنا وبأولادنا وببيوتنا ونحن تحت التخدير.
وأخيرا، أود أن أنصح أختي وابنتي وصاحبتي وكل النساء على مختلف مسمياتهن، إياكن والخضوع بالقول لأيٍ كان، لأن هذا الخضوع سيكون مقدمات لأشياء كبيرة قد لا تستطيعين تفاديها وتذكري قول الله عز وجل: (ولا تقربوا الزنا)، وقوله: (ولا تقربوا الفواحش)، فالزنا حرام والفاحشة حرام، ولكن يأمرنا ربنا ألا نقرب مسببات الزنا والفواحش، وجميعنا يعلم أن الخضوع بالقول من مسببات الزنا والعياذ بالله فاتقين الله يا معشر النساء، وكن سببا في عفاف شباب المسلمين لا في إفسادهم.
اللهم نسألك الستر والعفاف والصلاح واهدنا إلى صراطك المستقيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى