أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفية في الاعلام وكيف تجدها (6)

عائشة حجار- عائشة حجار- محاضرة جامعية وطالبة دكتوراه في الإعلام الحديث
لا شيء يحركنا مثل أبنائنا، هم الذين يدفعوننا لفعل أي شيء، لا شيء يقسم ظهورنا مثلهم، لا شيء يكسر قلوبنا ويجبرها مثل عيونهم. الأبناء في عصر المعلومة ومع الاعلام الحديث يولدون ويولد معهم شعور دائم بالذنب والتقصير يصعب جدا التخلص منه، وفي عهد العجوز كورونا زاد هذا الشعور كثيرا، يجب أن نحميهم من شيء مجهول ونحن، صدقا، لا نعلم كيف نحميهم من هذا الشيء دون أذيتهم نفسيا أو اجتماعيا.
ربما هي وسائل التواصل التي تحملنا ما لا نطيق وتدخلنا في دوامة من الحيرة والتخبط. في بداية الجائحة كان لهذه الوسائل دور مركزي في تشكيل تجربة الحجر الصحي: فعاليات لا تنتهي لتعزيز كل مهارة ممكنة لدى الأطفال وفعاليات مطبخية تجعل من الام طباخة وخبازة وصانعة حلوى ماهرة. مرت أشهر وتعبنا، تعبنا من الحجر وصنع الكعك والتدريس، وتعب الأطفال معنا، لننتقل إلى أسوأ مرحلة مع بداية العام الدراسي.
الأهالي، وخاصة الأمهات، يقفون اليوم أمام اختبار لا يمكن النجاح فيه، اختبار من سؤال واحد هو هل أبعث أبنائي إلى المدرسة أم لا؟ إذا قررت بعثهم يظهر لك فيلسوف تعقيبات يصرخ بك “شو السيرة بطلت الأمهات تحتمل أولادها؟”، وإذا قررت إبقائهم في المنزل يطل عليك “مؤثر” أكبر إنجازاته “سيلفي” ناجح ليخبرك أن “الأمهات خايفات يقمن الصبح بدري”. لا يهم ماذا ستكون اجابتك لهذا الامتحان، ستكون مخطئا في تنظر أحدهم.
ربما هذه أكبر تأثيرات الإنترنت على التربية والوالدية: وضع الأهالي في امتحانات اجتماعية مستحيلة، زيادة حيرتهم وشعورهم بالذنب. لذلك قبل أن تقرر أمرا يخص أطفالك تذكر أن “الميكب ارتيست” والمعقب في مجموعة “الاسك” لا يعلمون حرفا واحدا أكثر منك، تذكر/ي أن أطفالنا هم من يكسر قلوبنا ويجبرها لأنهم نحن، ونحن أدرى بأنفسنا.
إذا كان هناك أي نص اعلامي ترغبون بان اتناوله في الحلقات القادمة أرسلوا الي اقتراحاتكم، ملاحظاتكم، نصائحكم عبر الفيسبوك: Aysha Hjjar

لا سلام في قلبي ابعثه للسودان!
نحن آخر من يملك سلام القلوب، الذين يصرخون عندما يتألمون، يطالبون العالم كله أن يصرخ معهم، يسمحون لأنفسهم بالغضب والبكاء ثم يتوجهون لتناول رغيف الفلافل ويعتبرونه أفضل ما في يومهم، هؤلاء لا سلام في قلوبهم بل الفوضى والجنون يعم القلب والعقل معًا.
لا سلام في قلب نقع في الطين خمسًا وسبعين عامًا، لا سلام في قلب يصب عليه ذو لسان ثقيل مشاعر الدونية صبًّا حتى يحتفل بمروره عن حاجز دون تفتيش، نحن لسنا أولئك الذين يستطيعون ارسال السلام.
السلام في تلك القلوب التي تتجاوز الطوفان وهي تعانق عجائزها وأطفالها… وأبقارها أيضًا، السلام في تلك التي اعتادت أن صوتها لن يسمع فتجاوزت المياه بصمت وتجاعيد وجهها تخبر أن هذا ليس أسوأ ما رأته يومًا، ابحثوا عن السلام لدى من يموت بصمت الأسود لأن المستعمر لا يرى جدوى من انتشالهم، ليس لديهم جميلات يجدن عناق الزعماء!
ونعم، قلوبنا تعاطفت مع من يلحن بحديثه ويكسّر اللغة، مع من يغني ويرقص أكثر، مع المظهر الذي يريدنا المستعمر أن نستلطفه. قلوبنا محتلة تمامًا يا سودان، فارسلي لنا بعضًا من سلامك علنا نكف عن الضجيج والألم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى