أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

رسالة نصيحة إلى الأخت إيمان خطيب

سوسن مصاروة
الأخت إيمان خطيب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فأستهل رسالتي إليك بالدعاء لك أن يحفظك الله تعالى ويحفظ زوجك وأسرتك بعينه التي لا تنام، وبركنه الذي لا يُضام، وأن يحفظ عليك صحة الدين والدنيا، وأن يكرمك بالتوفيق في مسيرة حياتك لكل ما يحب ويرضى!! وليس سرا أنني من الرافضين للعبة الكنيست من أصلها، وكنت أتمنى لك ألا تتورطين فيها، ومع ذلك أحترم رأيك فيها وإن كنت أستهجنه، وقد رأيت من الواجب عليّ أن أتقدم إليك بهذه النصيحة بدافع أخوة الإسلام التي تجمع بيننا ثم بدافع انتمائنا العروبي الفلسطيني، ثم بدافع ارتباطنا في مصير واحد كجزء من مصير الأهل في الداخل الفلسطيني على إختلاف تعددياتهم الدينية والسياسية.
الأخت إيمان خطيب، من فضل الله تعالى عليّ وعليك أنه يجمعنا المشروع الإسلامي رغم الخلاف بيننا حول لعبة الكنيست، ولأننا أبناء لهذا المشروع فمن السهل علينا أن نتواصى بمصطلحات هذا المشروع التي قد يجهلها الآخرون، ولكنها واضحة لي ولك بمعانيها ودلالاتها وضوح الشمس ليس دونها سحاب. بناء عليه فأن من المعلوم بالضرورة في أبجديات المشروع الإسلامي أنه لا يجوز القيام بمندوب على حساب إضاعة واجب، كأن يرضى أحدنا لنفسه أن يقوم الليل على حساب إضاعة صلاة الفجر، أو أن يصوم تطوعا على حساب إضاعة صيام رمضان، أو أن يكثر الصدقات على حساب إضاعة فريضة الزكاة!! ولا يجوز التقرب إلى الله تعالى بما ظاهره طيب إذا كان أصله خبيثا، كأن يتصدق غافل بمال أصله تجارة مخدرات وسوق سوداء، وبيع السلاح الأعمى!! ولا يجوز قلب أصول الفقه لأي عذر كان، كالقبول بدفع الضرر الخاص على حساب الضرر العام، أو تقديم جلب المصالح على دفع المضار!! ولا يجوز إخضاع فقه الواقع للرأي فقط بعيدا عن ضوابط المصلحة الشرعية!! وإلا أصبح من السهل على الكثير تجاوز حدود ميزان الحلال والحرام بادعاء فقه الواقع!!
الأخت إيمان خطيب، على ضوء ما ذكرت من أبجديات المشروع الإسلامي وما هو معلوم بالضرورة من أصول الفقه الإسلامي وبدافع النصيحة وفقط النصيحة فأنه يؤلمني جدا كلما رأيت صورتك قرينة لصورة أيمن عودة وعايدة توما في أي خبر أو نشرة انتخابية، فكم هو الفرق شاسع بين صورتك التي تجسد الالتزام بثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية وبين صورة عودة وتوما التي باتت تعني في ذهنية جماهيرنا الصورة التي تجرأت على ثوابتنا وباتت تدافع جهارا عن الشذوذ الجنسي، فكيف لصورة تحمل دلالة الالتزام بالثوابت أن تكون قرينة لصورة تحمل دلالة نبذ هذه الثوابت والدفاع عن الشذوذ الجنسي؟! وأي عذر يجيز ذلك سواء كان عذرا شرعيا أو قوميا أو وطنيا أو أخلاقيا.
واستمرارا للاستناد لأبجديات المشروع الإسلامي وما هو معلوم بالضرورة من أصول الفقه الإسلامي كان يؤلمني قبل بضعة أشهر ويؤلمني اليوم أكثر أن يقال: الأخت إيمان خطيب لا تزال في قائمة يقف على رأسها عودة الذي أباح لنفسه بالأمس أن يسخر من الحجاب وأن يتهم اليوم الرافضين للشذوذ الجنسي –انتصارا لثوابتنا- بالنفاق!! وأن يقال الأخت إيمان خطيب لا تزال في قائمة تضم توما التي رجمت بسيل من الشتائم جماهيرنا الكادحة التي انتصرت لثوابتنا رافضة للشذوذ الجنسي.
الأخت إيمان خطيب، قد يقولون لك المصلحة هي التي تلزمك للقبول بكل ذلك، ولكن ليتك تسألين نفسك يا أختنا إيمانأية مصلحة؟! وهل هناك مصلحة حقا؟! أم هي صناعة الوهم التي سموها مصلحة؟! وها أنت الآن عرفت الكنيست على حقيقتها كمجربة لها وليس كناظرة إليها من بعيد؟! فهل هناك مصلحة مرجوة من الكنيست، إذا كانت بيوتنا لا زالت تُهدم، وأرضنا لا زالت تصادر، ومأساة العنف لا زالت تستشري فينا؟! أنت نِعْمَ الراشدة العاقلة التي لن يغويها منصب ولا مال ولا جاه ولا شهرة ولا إعلام، وأنت العصامية التي بنت نفسها وبيتها، والتي لا يمكن لها أن تبيع دينها بدنياها، فأية مصلحة قد تجعل من إبن المشروع الإسلامي يطيع مخلوقا على حساب معصية الخالق؟! أو أن يُوادَّ من حادَّ الله ورسوله؟! وهل هناك أشنع من أن يدافع أي مخلوق عن الشذوذ الجنسي حتى يُقال عنه: إنه حادَّ الله ورسوله؟! ثم أية مصلحة تُرجى من الكنيست ومن صُناع القرار فيها وهذا الجنرال غانتس قد باع وعوده لكم التي قطعها على نفسه بثمن بخس دراهم معدودة.
الأخت إيمان خطيب، إنك تعلمين في الأثر المشهور أن الله تعالى حبس الغيث عن بني إسرائيل على عهد نبي الله موسى عليه السلام لأنه كان فيهم نمّام، ولم يُنزل الله تعالى عليهم الغيث حتى تاب ذاك النمّام، فأي خير نرجوه من قائمة إسمها القائمة المشتركة يدافع رئيسها عودة وتدافع إحدى عضواتها توما عن الشذوذ الجنسي، الذي هو أشنع بكثير من النميمة!! وإنك تعلمين أن الله تعالى ابتلى الصحابة رضي الله عنهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهزيمة في معركة أحد لأن بعضهم وليس كلهم خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف سيكون حال قائمة إسمها القائمة المشتركة وهذا رئيسها وإحدى عضواتها يفاخران أنهما يخالفان أمر الله وأمر نبي الله موسى وعيسى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
الأخت إيمان خطيب، أنا على يقين أنك لا تغفلين عن التحذير شديد اللهجة الذي يحذرنا فيه القرآن الكريم من (المداهنة) وذلك في قول الله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)، وهل هناك أشنع مداهنة من أن ينتهك البعض محارم الله تعالى، ونسكت عنهم بادعاء الحفاظ على وحدة صف القائمة المشتركة؟! وأي وحدة يُرجى خيرها إذا كانت على حساب ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية؟! إنها وحدة مدعاة وليست صادقة يوم أن يسمح رئيس القائمة المشتركة لنفسه ويوم أن تسمح إحدى عضواتها لنفسها، إدعاء الحفاظ على هذه الوحدة في الوقت الذي يطعنان فيه بثوابتنا في تغريدات بخط أيديهم!! وإلا أنا على يقين يا أخت إيمان خطيب أنك لا ترضين بوحدة مع اليمين الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوقنا وحقوق شعبنا الفلسطيني فما الفرق بين هذا اليمين الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوقنا وحقوق شعبنا الفلسطيني وبين من يتنكر لثوابتنا ولثوابت أمتنا الإسلامية وعالمنا العربي وشعبنا الفلسطيني؟! إن الوحدة مع أي طرف منهم مستهجنة ولا نرضاها لأنفسنا ولا لك إطلاقا، وهي وحدة باطلة أصلا إذا كانت على حساب حقوقنا أو ثوابتنا، وإذا كانت كذلك فهي فاسدة لا أسف عليها.
الأخت إيمان خطيب، لأنك إبنة المشروع الإسلامي فأنت الحرة التي لا ترضى السكوت عن إنتهاك حرمة أرضنا أو بيوتنا أو مقدساتنا أو ثوابتنا لأنك تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: (الساكت عن الحق شيطان أخرس) ولذلك فالمطلوب منك أكثر من مطلوب، حيث أننا نطمع منك أن تنكري فورا على عودة وتوما طعنهم في ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، ثم إننا نطمع منك أن تؤكدي لكل أهل الأرض أن مشروعك الإسلامي أعز عليك من وحدة باطلة، ولأنها باطلة فهي فاسدة، ولأنها فاسدة فلا أسف عليها، ثم إننا نطمع منك أن تعلني بلا تردد أن المنصب والمال والشهرة والأعلام لن تغريك في يوم من الأيام، إذا كانت على حساب أبجديات المشروع الإسلامي وما هو معلوم بالضرورة من أصول الفقه الإسلامي، ثم إننا نطمع منك أن تصارحي الجميع بما هي الكنيست بعد أن خبرتيها وأسقطي لثام الوهم عنْها، وأن تجاهري بشجاعة أنه قد آن أوان فك الارتباط مع هذا الوهم الذي اسمه الكنيست.
الأخت إيمان خطيب، إنني أكتب لك وأنا وغيري نحفظ الاحترام لك، ونتمنى أن نلتقي معك في كل ميادين العمل الجاد نصرة لجماهيرنا في الداخل الفلسطيني، ونصرة لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ونصرة لكل قضايا أمتنا الإسلامية وعالمنا العربي، ونصرة لكل قضايا المستضعفين في كل الأرض، بعيدا عن تطاول عودة وتوما على ثوابتنا، وبعيدا عن أية وحدة مدعاة قامت على حساب ثوابتنا، وبعيدا عن وهم الكنيست.
الأخت إيمان خطيب، نرجو أن تتقبلي كلماتي بانشراح صدر يحب النصيحة ويحب الناصحين، فهي من الآداب التي حَثّنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (الدين النصيحة)، وهي من أدب السياسة الشرعية التي جمعت بين الراعي والرعية على امتداد الخلافة الإسلامية، منذ عهد الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه وصولا إلى السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى، مع التأكيد أنها شهدت بعض العثرات خلال هذا التاريخ الطويل. فإلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى