أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الآن الآن وليس غدا

ليلى غليون
هذه المحن وهذه الابتلاءات والامتحانات الصعبة التي تتعرض لها مجتمعاتنا الإسلامية، لهي الجسر الذي من خلاله سيتم الانتقال بإذن الله إلى مرحلة لها وجه آخر، مرحلة انتقالية مشرقة تبث إشعاعات الأمل الذي يدغدغ القلوب التي ما خالطها يأس بقدوم الفرج والنصر الذي وعده من لا يخلف الميعاد جل وعلا والذي نراه بعين اليقين قريبا قريبا، بات قاب قوسين أو أدنى بالرغم من كل الظروف الصعبة، وبالرغم من كل الافرازات المنبثقة من المرحلة الراهنة والتي تعكس خلاف ذلك.
إلا أن حسن ظننا بالله تعالى ويقيننا بقدوم ذلك اليوم الموعود الذي به يفرح المؤمنون بنصر الله لا يعني أن ننام ملء العين، ولا يعطينا تصريحا أو إعفاء من العمل الجاد والدؤوب لتهيئة أجواء ذلك الفرح وتمهيد السبل للوصول إليه، وإن أعظم وأسمى واجب يمكن أن نقدمه لإسلامنا في هذه المرحلة الحرجة بل وفي كل مرحلة، في ظل هذه التداعيات المؤلمة على هذه الأمة، هو الثبات والتمسك بتعاليم ومبادئ ديننا التي يراد لنا وبكل قوة أن ننسلخ عنها، بل وأكثر من ذلك المطلوب منا جميعا وفي هذا الوقت بالذات العمل على تفجير براكين الغيرة على هذا الدين في صدور الصغار والكبار، الشباب والفتيات، الرجال والنساء وإشعال فتيل الغضب لله وعلى دين الله خصوصا وثوابنا ومبادئنا وأصالتنا وأخلاقنا أصبحت الهدف الأوحد والوحيد الذي صبت عليها السهام الصدئة صبا وأصبحت المطلوب رقم واحد ليس فقط من دعاة الشذوذ ومروجي الرذيلة والفجور بل من كل نطيحة ومتردية من مشارق الأرض ومغاربها اجتمعت في حزب واحد لأجل هدف واحد تبذل من أجله الأموال الطائلة بسخاء وتُهيئ له كل الفرص لتمريره على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.
وشرعنة الشذوذ وتقنينه والإستماتة في تطبيعه في مجتمعاتنا وجرنا إلى معارك ثقافية لن يكون السهم الأول ولا الأخير في جعبة هؤلاء، فمعركة الخير والشر مستمرة ولن تنتهي حتى يأذن الله تعالى بأمره وإلى قيام الساعة.
وعليه فإني أخاطب كل فرد فينا وكل من في قلبه غيرة على إسلامه فنحن مسؤولون، نعم نحن مسؤولون، وأخاطب بالذات في هذه المقالة المرأة، خاصة كل أخت تشرفت بانتسابها لهذه الدعوة المباركة، حتى نصل جميعا إلى الغاية التي ننشدها من نشر تعاليم الإسلام وزرعه في القلوب ليصبح الطعام والشراب والهواء الذي لا يستطيع الفرد العيش بدونه حتى يسقط كل الأقزام المتربصين أمام قوة وإباء وإرادة أهله، وإنهم لساقطون بإذن الله.
إن مجتمعاتنا تعيش خللا وأمراضا اجتماعية بدت أعراضها في كل مظاهر الحياة، ومهمتك أنت كعاملة في الحقل الإسلامي هي من أقدس المهمات وأجلها ولها الأثر العميق على مجريات الحياة وإصلاحها إذا وجهت بوصلة عنايتك لهذا الإصلاح، والعمل للإسلام واجب مقدس بل يجب أن يكون في نظرك الآن فرض عين يلزمك أن تكوني في المقدمة وفي طليعة الذين يعملون فيه خصوصا في هذا الوقت الذي اتفقت وتعاهدت كل قوى الشر والبغي على حرب الإسلام وإنتاج إسلام هجين يتلاءم ومصالح هذه القوى الباغية.
فإن كنت فتاة أو طالبة في الثانوية أو في الجامعة، فالواجب يحتم عليك وأنت تتواجدين في موقعك أن تكوني سفيرة لإسلامك هناك تبثين روح الإسلام من خلال تصرفاتك وأخلاقك الإسلامية التي تجعل من حولك يطأطئ الجبين احتراما وتقديرا لك، مما يساعدك على الدخول إلى قلب من يراك ويستمع إليك من زميلاتك أو صديقاتك، وإن صدق النية وحسن التوجه والتوكل على الله سيكون بإذن الله السلاح الذي يذلل كل عقبة يمكن أن تعترض طريقك في الدعوة إلى الله سواء في المدرسة أو في المعهد أو في الجامعة.
وإن كنت ممن يبلغن دعوة الله في المساجد أو في البيوت أو في ميادين مختلفة، فكوني دائما وأبدا المفتاح الذي يفتح القلوب على مصاريعها بأسلوب جذاب مشوق يسهل على العقول فهمه واستيعابه، واعلمي أنك وبالفطرة التي فطرك الله عليها كامرأة فإنك أقوى عاطفة وأصفى قلبا وأكثر اندفاعا مما يؤهلك بما لا يدعو للشك لأن تملكي في شخصيتك قوة جبارة للتأثير على من حولك سواء على صاحباتك أو جاراتك أو قريباتك أو حتى على نساء لا تربطك معهن أي صلة، وليكن صمتك دعوة وكلامك دعوة وسلوكك دعوة وغضبك وفرحك دعوة، فتقدمي بخطى ثابتة ولا تتأخري.
وإن كنت أما فإني أدعو الله أن يثبتك ويعينك على حمل الأعباء الثقيلة التي تستنزف كل طاقة وتستنفر كل مجهود وتستوجب فهما عميقا ووعيا وإدراكا لكل حيثيات هذه الرسالة العظيمة والخطيرة في آن واحد.
فالمطلوب منك كأمٍ أن تبني من خلال أطفالك جيلا قرآنيا يرضعون حب الإسلام وهم أجنة في بطنك، كما قال الشهيد الإمام حسن البنا رحمه الله: (وددت لو أبلغ هذه الدعوة للطفل في بطن أمه).
وأما دورك كزوجة فهو معروف وفي نطاق ما بينه الإسلام من واجبات الزوجية، ولا نجافي الحقيقة عندما نقول أن بجانب كل داعية ناجح زوجة عظيمة، تقف مع زوجها تعينه وتشد من أزره في سبيل الدعوة إلى الله لتحصل بذلك على مشاركة معه في الأجر والثواب لأنها نصيرة ومعينة له على الحق الذي التقيا عليه وتعاهدا على السير في سبيله، فمساندتك ومناصرتك لزوجك جزء من الدعوة إلى الله، فكوني دائما المحفزة له على العمل، المشجعة، المناصرة، الصابرة على المكاره، فلعل بك وبأمثالك يكون لهذه الأمة شأن آخر، ينجلي صدأ الغفلة عن القلوب، ونبني دعائم مجتمعنا المسلم الذي ننشده، ولن يتم ذلك إلا بك أنت وأنا وهي وهن وهم ونحن جميعا من خلال مواقعنا الحيوية والحساسة، ووعينا لدورنا المطلوب وإدراكنا لحيثيات وتداعيات هذه المرحلة وما تتطلبه من جهد مضاعف في العمل نظرا للتحديات الكثيرة التي تحيط بنا وبإسلامنا .
كلمة لكل من ساهم ويساهم في إقرار وتقنين وتمرير الرذيلة والشذوذ في مجتمعاتنا:
إنكم تقومون بخدمة لا أحسبها مجانية للمشروع العولمي الذي يريد الاجهاز على ثقافتنا وثوابتنا ليس بقوة السلاح، بل بحرب ثقافية تستعمر العقول والقلوب، وهذه الحرب انكشف سترها وفضح امرها، فلم تعد تخفى علينا.
* كنا نتمنى عليكم وأنتم تتربعون في مواقعكم التي لولا أصوات أبناء مجتمعاتكم ما وصلتم إليها أن تحاربوا ظاهرة الطلاق، وظاهرة العنف المستشري في مجتمعنا.
* كنا نتمنى عليكم محاربة ظاهرة التفكك الأسري وضياع الأبناء في معمعة هذا التفكك.
* كنا نتمنى عليكم أم تحاربوا ظاهرة المخدرات وضياع الشباب في محرقتها.
* كنا نتمنى عليكم أن تعيشوا هموم شعبكم وتحاربوا سياسة التمييز ضدهم وسياسة هدم بيوتهم وانتهاك مقدساتهم والحرب على وجودهم والمخاطر المحيطة بهم.
* كنا نتمنى عليكم إطلاق حملات مكثفة لتوعية الفتيات والشباب في كيفية انشاء اسرة تبنى دعائمها على أسس قوية بحيث يتم تأهيلهم مع تقديم النصح والارشاد لهم في فن التعامل الزوجي وتربية الأبناء.
*كنا نتمنى عليكم أن تكونوا واقعيين محيطين بهذا الواقع المحرق الذي يعيش فيه شبابنا وبناتنا وألا تدفنوا رؤوسكم بالرمال فلا تبصروا الصورة المظلمة للعديد من الفتيات والشبان في كافة المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية ممن تنتشر العلاقات والغراميات بينهم، أم أن هذا في عرفكم عادي ومسموح به ومقبول!؟
* كنا نتمنى أن نسمع صوتكم حرقة وأنتم ترون الصور المهينة للمرأة في المجلات النسائية في عروض ما يسمى بمسابقات ملكة الجمال حيث تستغل اسوأ استغلال في الاعلانات التجارية، وفي دور الازياء وغيرها.
*كنا نتمنى أن نسمع صوتكم واستنكاركم واحتجاجكم وأنتم ترون المرأة تقتل كل يوم بل كل ساعة بل كل لحظة من قبل الوسائل الاعلامية التي اتخذت من جسدها سلما تتسلق عليه للوصول الى غاياتها.
وكم نتمنى على الاوساط النسوية التي نصبت نفسها مدافعا عن المرأة وحقوقها ان تمتلك الجرأة على الاعتراف بأن دعاوى الحرية والمساواة لم تجنِ المرأة من ورائها الا المصائب والويلات والحنظل والمزيد من العبودية والواقع يشهد على ذلك ولا ينكره إلا من كان عنده كدر في الرؤيا أو على عينيه نظارة سوداء.
وفي الختام نقول لكم ولأمثالكم إن الفطرة النقية التي فطرنا الله عليها لتمج ما تدعون إليه وتنبذه وتستقبحه وليس في ذلك مداهنة ولا مساومة ولا أنصاف حلول، ولا نرضى بديلا عما توصي وتقر به شريعتنا على ضوء كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليس على أهوائكم ولا أهواء الجمعيات النسوية أو قوانين الكنيست شئتم هذا أم أبيتم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى