أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عليكم بالطاعة المبصرة يا جيل التغيير

صحيفة المدينة
اعلموا يا جيل التغيير بأنكم بأمس الحاجة إلى الجهد الجماعي الراشد حتى تغيروا ما بأنفسكم ثم أن تغيروا واقعنا العام المترهل الذي كثرت عيوبه، واعلموا أن الجهد الجماعي لن يكون راشدا إلا اذا قام على الشورى واستقام فيه مبدأ الطاعة المبصرة لأولي الأمر منكم ولعلمائكم الذين فقههم الله تعالى بالدين، وإلا فإن الجهد الجماعي كما سينفرط عقده إذا لم يقم على الشورى، وكما سينفرط عقده إذا افتقر إلى أولي أمر يضبطونه وإلى علماء يرشدونه، فسينفرط عقده كذلك إذا لم يجمع بين العاملين فيه الطاعة المبصرة لأولي الأمر وللعلماء، وسيتحول بدون طاعة مبصرة إلى مجرد قيل وقال وكثرة سؤال وإضاعة مال، وستدب فيه الفوضى والمشاحنات، وسيكثر فيه التلاوم السلبي الذي حذر منه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عندما قال : (يظهر في آخر الزمان أقوام خير أعمالهم التلاوم أولئك يدعون الانتان)، وسيصبح هذا الجهد الجماعي عرضة للتبعثر في كل لحظة، وحتى لو ظل واستدام فسيظل كورك على ضلع، ولن تنضج ثماره في يوم من الأيام، ولن يؤتي أكله مهما طال الانتظار، لذلك لابد من الطاعة المبصرة لأولي الأمر والعلماء، ويجب أن تكون هذه الطاعة المبصرة طاعة رغبة لا طاعة رهبة، وطاعة رضا لا طاعة إكراه، وطاعة تطاوع لا طاعة تقاطع، وطاعة دفع لا طاعة قمع، وطاعة تعاون لا طاعة تهاون، ولأهمية هذه الطاعة المبصرة قال فيها الحكماء الشيء الكثير ومن ضمن ما قالوا فيها:
• الطاعة تؤلف شمل الدين وتنظم أمر المسلمين
• عصيان الأئمة يهدم أركان الملة
• الطاعة ملاك الدين
• الطاعة معقل السلامة، وأرفع منازل السعادة
• الطاعة الطريقة المثلى والعروة الوثقى
• قوام الأمة وقيام السنة بطاعة الأئمة
• الطاعة عصمة من كل فتنة، ونجاة من كل شبهة
• طاعة الأئمة عصمة لمن لجأ إليها، وحرز لمن دخل فيها
• بالطاعة تقام الحدود وتؤدى الفرائض وتحقن الدماء، وتؤمن السبل.
ولعلو شأن الطاعة ولعلو شأن أثرها على الدين والدنيا والآخرة، فقد قرنها الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله، فقال الله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم) النساء59. ويلفت الانتباه في هذه الآية أن فعل (أطيعوا) ورد فيها مرتين فقط، وذلك في قول الله تعالى (اطيعوا الله) وفي قول الله تعالى (واطيعوا الرسول) ولم يرد هذا الفعل في هذه الآية عند الحديث عن (أولي الأمر)، أي أنها لم ترد في هذه الآية صيغة (وأطيعوا أولي الأمر منكم) بل جاءت في هذه الآية كما جاءت (أولي الأمر منكم) دون فعل (وأطيعوا) دلالة على أن طاعة أولي الأمر يجب أن تدور في طاعة الله تعالى وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يجب أن تكون طاعة مبصرة، وإلا إذا حدث تضارب بين طاعة الله تعالى وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة وبين طاعة أولي الأمر من جهة أخرى، فلا طاعة لأولي الأمر في هذه الحالة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ويجب نصحهم وتصحيحهم في هذه الحالة، مما يجعلنا نؤكد مرة بعد مرة أن الطاعة المطلوبة هي الطاعة المبصرة التي تدور مع القرآن والسنة، وفي حال هذه الطاعة المبصرة ستكون (طاعة الأئمة حبل الله المتين، ودينه القويم، وجنته الواقية، وكفايته العالية) وفي هذه الحال يصدق قول الناصح الأمين (إياكم والخروج من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تستروا غش الأئمة، وعليكم بالإخلاص والنصيحة)!! ويصدق تحذير المحذرين عندما قالوا : (ما مشى قوم إلى سلطان ليذلوه إلا أذلهم الله قبل أن يموتوا) ولا بد من صناعة معادلة تجمع بين حق أولي الأمر والعلماء على الرعية، وحق الرعية على أولي الأمر والعلماء، وأما حق الرعية على أولي الأمر والعلماء فهو : (الاستصلاح لهم، والتعهد لأمورهم، وحسن السيرة فيهم، والعدل عليهم، والتعديل بينهم) وأما حق أولي الأمر والعلماء على الرعية فهو: (الطاعة، والاستقامة، والشكر والمحبة) وما أصفى وأوفى وأشفى أن تكون (الطاعة مقرونة بالمحبة) لأن (طاعة المحبة أفضل من طاعة الهيبة)، وما احوجك يا جيل التغيير أن تعلم أنه (بالرعية من الحاجة إلى الراعي، ما ليس بالراعي من الحاجة إليهم، لولا الرعاة هلكت الرعية، ولولا المسيم (أي الراعي) هلكت السوام، وقديما (لما دخل سعد العشيرة على بعض ملوك حمير قال له : (يا سعد ما صلاح الملك ؟ قال معدلة شائعة، وهيبة وازعة، ورعية طائعة، فإن في المعدلة حياة الانام، وفي الهيبة نفي الظلام، وفي طاعة الرعية التألف والالتئام).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى