أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

يرحم الله أيام توفيق زياد

طه محمد اغبارية
كان بين المشروع الإسلامي وتوفيق زياد خلافات كثيرة وعميقة تتعلق بفكره وببعض أدبياته ومواقفه، ولكن ذلك لا يمنع أن نقول يرحم الله أيام توفيق زياد، فرغم تلك الخلافات إلا أنها لم تمنع قيام علاقة جمعت بين المشروع الإسلامي وتوفيق زياد في إطار لجنتي المتابعة والقطرية وما انبثق عنهما من نشاطات، وتلك الخلافات لم تمنع الشيخ رائد صلاح أن يقول في كتابه (إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا) أصاب توفيق زياد وأخطأنا في مسألة إحضار اطفال بوسنيين إلى الداخل الفلسطيني في الفترة التي ارتكب فيها الصرب ابشع المجازر في حق المسلمين في البوسنة، وكان الهدف من إحضار أولئك الاطفال البوسنيين أن تقوم عائلات من مجتمعنا بكفالتهم، إلا أن توفيق زياد عارض تلك الخطوة، وأيدها الشيخ رائد صلاح، ثم بعد مرور سنين وعندما كتب الشيخ رائد صلاح ذلك الكتاب أكد فيه أن توفيق زياد أصاب في تلك المسألة، لأن إحضار أولئك الاطفال إلى الداخل الفلسطيني لو تحقق كان سيسهم بتفريغ البوسنة من أهلها، ثم إن تلك الخلافات لم تمنع أن يكون توفيق زياد واحد ممن أبن الشهيد عدنان خلف إبن المشروع الإسلامي وإبن طمرة في عام 1990 عندما ارتفع شهيدا في المسجد الاقصى، كما ان تلك الخلافات لم تمنع أبناء المشروع الإسلامي أن يكونوا من ضمن من صلى على توفيق زياد وسار في جنازته بعد موته، وقد سردت كل ما تقدم كمقدمة أردت أن أبين فيها أن توفيق زياد الذي شغل منصب عضو كنيست ورئيس بلدية الناصرة لسنوات طويلة كان قد حافظ على قاسم مشترك جمع بينه وبين أبناء المشروع الإسلامي رغم موقفهم الرافض مبدئيا منذ خطوات سيرهم الأولى للعبة الكنيست التي تمسك بها توفيق زياد حتى آخر حياته، فرغم أن توفيق زياد دخل إلى لعبة الكنيست الصفرية التي لم تتجاوز ثمرة جهوده فيها الصفر، ورغم أنه لم يقم بأكثر من الدور الاحتجاجي من على منبر الكنيست، سوى قيامه بدور الجسم الحاسم مع سائر أعضاء الكنيست العرب في حينه ومنعوا بذلك سقوط حكومة رابين، ورغم وجود نقاش طويل بين مؤيد ومعارض لدوره ذاك الجسم الحاسم، حيث أن طمع حكومة رابين كان تمرير اتفاقية أوسلو الكارثية على القضية الفلسطينية، مع كل ذلك فإن توفيق زياد لم يبع الوهم للناس من خلال منصبه كعضو كنيست، ولم يدع أن بإمكانه القيام بأكثر من الدور الاحتجاجي والنضال الصوتي في الكنيست، ولم يتذيل لأي حزب صهيوني كنيستي، ولم يسع إلى تبييض وجه أي حزب صهيوني كنيستي، ولم يوص في يوم من الأيام بأي عضو كنيست صهيوني رئيسا للحكومة، ولم يستبح لنفسه إمكانية الانخراط في إئتلاف حكومي صهيوني لتحقيق مصالح مطلبية وهمية، وظلت جهوده صفرية النتائج في الكنيست، ولكن لم يكسر المسلمات الوطنية التي التقت عليها لجنتا المتابعة والقطرية وجماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني، وظل هذا الموقف الذي ميز وجود توفيق زياد ودوره في الكنيست هو الذي ميز نسبيا وجود أعضاء الكنيست العرب ودورهم في الكنيست، إلا من دخل منهم الكنيست اصلا تحت عباءة احد الاحزاب الصهيونية، فهكذا كان نسيبا دور أعضاء الكنيست العرب حتى ما قبل القائمة المشتركة، ولذلك يمكن أن نسمي مرحلة ما قبل القائمة المشتركة بمرحلة (وجود الدور الصفري في الكنيست) مع عدم كسر تلك المسلمات الوطنية، ويمكن أن نسمي مرحلة القائمة المشتركة في الكنيست بمرحلة (السقوط الوطني المريع في الكنيست) برئاسة أيمن عودة وبإسناد بارز له من قبل أحمد الطيبي ومنصور عباس، ولا يوجد أدنى مبالغة بهذه التسمية (السقوط الوطني المريع في الكنيست) ،لأن (القائمة المشتركة) سمحت لنفسها أن تصرح أو تتبنى مواقف أو تصدر بيانات كسرت كل المسلمات الوطنية، وظلت جهودها صفرية النتائج، بمعنى أن القائمة المشتركة جمعت بين مرحلة (وجود الدور الصفري في الكنيست) ومرحلة (السقوط الوطني المريع في الكنيست)، بناء على عشرات المواقف والبيانات والتصريحات التي صدرت عنها أو عن بعض أعضائها، وهاكم بعضها، مع لفت الانتباه أن عددها يزيد مع شديد الأسف:
ايمن عودة هو الذي سمح لنفسه أن يجلس على منصة مظاهرة الجنرالات غانتس واشكنازي ويعلون في تل أبيب، وهم أصحاب التاريخ الدموي بحق شعبنا الفلسطيني ولا يزالون مطلوبين للعدالة دوليا.
أيمن عودة هو الذي أعلن صراحة عن استعداده للتحالف مع اليسار والمركز الصهيوني!! فماذا كانت النتيجة؟ ها هم رؤساء المركز الصهيوني غانتس وربعه قد تحالفوا مع نتنياهو وأصبحوا وزراء في حكومته.
أيمن عودة هو الذي قص شريط زيارات الكونغرس الامريكي وزيارات سائر المواقع الرسمية الامريكية وعقد لقاءات رسمية مع صناع القرار فيها ثم تبعه احمد الطيبي وعايدة توما سليمان.
أيمن عودة هو الذي استباح لنفسه المشاركة في مؤتمر منظمة (جي ستريت) الصهيونية في أمريكا.
احمد الطيبي هو الذي سار خلف أيمن عودة وقام بزيارات رسمية لأمريكا ودفع بعض المؤسسات الأهلية المحسوبة عليه أن تتلقى دعما ماليا من صناديق دعم صهيونية أمريكية.
عايدة توما سليمان سارت خلف أيمن عودة وقامت بزيارات رسمية لأمريكا، ثم عادت تبشر أنها اكتشفت صوتا جديدا في أمريكا واكتشفت وجود مرشح يساري للرئاسة الأمريكية، وفتحت الابواب للمؤسسات المحسوبة عليها لتلقي دعم مالي من صناديق دعم صهيونية أمريكية.
منصور عباس دفع بعض المؤسسات الاهلية المحسوبة عليه أن تتلقى دعما ماليا من صناديق دعم صهيونية أمريكية.
بعض المؤسسات الأهلية المحسوبة على التجمع الذي هو جزء من القائمة المشتركة لا تزال تتلقي دعما ماليا من صناديق دعم صهيونية أمريكية.
القائمة المشتركة تلقت ملايين الدولارات من هذه الصناديق الصهيونية الأمريكية لتغطية نفقات دعاياتها الانتخابية في لعبة الكنيست.
منصور عباس هو الذي ادخل مصطلح (الصهيونية لايت) إلى القاموس السياسي في الداخل الفلسطيني.
منصور عباس هو صاحب الدرس المشهور في المسجد الاقصى الذي زعم فيه أن اليهود على عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد فرحوا لفتحه القدس وتحريره للمسجد الاقصى.
منصور عباس هو الذي طلب من كل من لا يريد أن يصوت في الكنيست أن يسلم بطاقته الشخصية للمؤسسة الإسرائيلية.
منصور عباس هو الذي ألقى كلمة تأبين (في ذكرى الجرائم التي ارتكبها هتلر في حق اليهود) في الكنيست وفق السياق الصهيوني.
وليد طه هو الذي صرح أنه على استعداد للانخراط في ائتلاف حكومي صهيوني برئاسة نتنياهو من أجل تحقيق مصالح مطلبية (وهمية)!
القائمة المشتركة بكل مركباتها: (الجبهة، الحركة الجنوبية، التجمع، العربية للتغيير) هي التي أوصت بالجنرال غانتس لرئاسة الحكومة.
القائمة المشتركة بكل مركباتها هي التي اعلنت عن استعدادها كي تنخرط في تحالف حكومي برئاسة غانتس من أجل تحقيق مصالح مطلبية (وهمية) كما بات واضحا لكل عاقل الآن.
القائمة المشتركة هي التي قدمت القضايا المطلبية على القضايا الوطنية، وركبت بذلك قطار الأسرلة.
القائمة المشتركة هي التي خدعت جماهيرنا الكادحة يوم أن باعتها الوهم ثم الوهم ثم الوهم في لعبة الكنيست.
القائمة المشتركة هي التي خدعت جماهيرنا الكادحة يوم أن ادعت أنها ستدعم غانتس لإسقاط نتنياهو، وإذ بغانتس هو الذي ثبت بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة.
القائمة المشتركة هي التي خدعت جماهيرنا الكادحة يوم أن ادعت أنها ستدعم غانتس لإسقاط اليمين الإسرائيلي، وإذا بغانتس يعلن عن تحالفه مع اليمين الإسرائيلي.
القائمة المشتركة يوم أن قدمت القضايا المطلبية على القضايا الوطنية فقد أعلنت فك الارتباط بينها وبين شعبنا الفلسطيني في القدس وغزة والضفة الغربية والشتات.
ها هي القائمة المشتركة اليوم قد عادت إلى خانة الدور الصفري في الكنيست، وباتت تتسلح بالنضال الشعبي الذي هو في الأساس ميدان عمل رافضي لعبة الكنيست.
ها هي القائمة المشتركة اليوم صاحبة دور احتجاجي فقط، ونضال صوتي فقط تحت سقف الكنيست.
ها هي القائمة المشتركة اليوم على نقيض ما وعدت به جماهيرنا الكادحة عاجزة عن منع قلع شجرة زيتون أو منع هدم بيت أو منع مصادرة شبر أرض من زيتوننا وبيوتنا وأرضنا في الداخل الفلسطيني، وهكذا بانت حقيقة الوهم الذي باعته لجماهيرنا الكادحة.
لذلك نحن لسنا مع لعبة الكنيست أصلا، وبطبيعة الحال لم نصوت في لعبة الكنيست، ولا نعتبر القائمة المشتركة ممثلا لنا لا محليا ولا دوليا، ولا مطلبيا ولا وطنيا.
ممثلنا هو لجنة المتابعة العليا، مع تأكيدنا أنها بأمس الحاجة لإعادة بنائها، ولن يتم ذلك إلا بانتخابها مباشرة من جماهيرنا الكادحة.
لكل ذلك نحذر من لعبة يقوم بها البعض الآن وهي تغييب لجنة المتابعة وفرض القائمة المشتركة بديلا عنها، وهي لعبة لا توصف إلا بالخيانة لمسلماتنا الوطنية.
نحن نثق بجماهيرنا الكادحة ونثق بوعيها، ونحن على يقين أنها باتت تدرك حقيقة القائمة المشتركة، ولن تنطلي عليها أي ألاعيب ولا بهلوانيات دعائية أو إعلامية أو وهمية بعد اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى