أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لماذا لم تتزوجي؟

الشيخ كمال خطيب
إنها قصة حقيقية يرويها الدكتور حسان شمسي باشا فيقول:
هي معلمة في إحدى المدارس جميلة، وخلوقة، سألتها زميلاتها في العمل: لماذا لم تتزوجي مع أنك تتمتعين بالجمال؟.
فأجابت المعلمة: كانت امرأة لها من البنات خمس، فهددها زوجها إن هي ولدت بنتًا فإنه سيتخلص منها، وفعلًا فهذا ما كان، فقد ولدت المرأة بنتًا سادسة.
حمل الأب البنت ووضعها عند باب المسجد بعد صلاة العشاء لعله من يأتي إلى صلاة الفجر يسمع بكاءها فيأخذها، وكانت أمها تودعها بالبكاء وهي تقرأ عليها آيات القرآن. وبعد صلاة الفجر يمرّ الأب ليطمئن إن أحد قد أخذ البنت لكنه كان يجدها في تلك الكرتونة وقد أنزل الله عليها النعاس فنامت حتى أن أحدًا لم يشعر بما في داخل الكرتونة. وتكرر الحال سبع ليال حتى ملّ الرجل بل ولعلّه أدرك أن لله تعالى حكمة في إفشال مسعاه بالتخلص من البنت، فحملها ورجع بها إلى أمه “كي تقرّ عينها ولا تحزن” وفرحت الأم فعلًا بعودة صغيرتها إليها وقد أراد ذلك الأب الظالم أن يتخلص منها ويحرمها من تربيتها.
حملت الأم بعد مدة ليعود الخوف يتملك عليها كل جوارحها إن هي ولدت أنثى، ولكن شاء الله أن يكون المولود الجديد ولدًا ذكرًا، ففرح الأب فرحًا شديدًا، لكن شاء الله تعالى أن تصاب البنت الكبرى من بين البنات الخمس بمرض فماتت، ثم حملت الزوجة وولدت طفلًا ذكرًا لكن البنت الأصغر من الكبرى ماتت، وهكذا كانت مشيئة الله وحكمته بأن تلد خمسة أولاد ذكور، وتموت خمسة بنات إناث، ولم يبق من البنات إلا تلك البنت السادسة التي كان والدها يسعى للتخلص منها. توفيت الأم وكبرت البنت وكبر الأولاد.
قالت المعلمة: أتدرون من هي هذه البنت التي أراد والدها التخلص منها؟ إنها أنا. ثم تضيف قائلة: ولهذا السبب فأنا لم أتزوج، فوالدي ليس له من يرعاه سواي وقد بلغ من الكبر عتيًا، وكثير هم الذين تقدموا لخطبتي لكنني آثرت أن أظل إلى جانب والدي، فلقد تخلّى عنه من ظنّ يومًا أنهم سيرعونه، فإخوتي الخمسة وقد تزوجوا ولكل منهم بيته وأسرته، فمنهم من يزوره في الشهر مرة، ومنهم من يزوره كل شهرين مرة ومنهم من لا يزوره أبدًا. أما أبي فإنه دائم البكاء ندمًا على ما فعله بي.
لقد آوته ورعته من رماها سبع مرات لأنها بنت، وعقّه من كان يحلم أنهم سيحملونه في كبره على الأكتاف ويضعونه في الأحضان.
لقد عقّه من أفنى فيهم عمره ليراهم شبابًا كبارًا وبرّته من رماها لأنها أنثى. ولقد ختم الدكتور حسان شمسي باشا تلك القصة بالقول: ذكر أخي وصديقي الدكتور ميسرة طاهر قصة مماثلة ونشرها بعنوان “فتاة الحاوية”.

لماذا تبكي النساء؟!
سأل الولد أمه لماذا تبكين؟ فقالت لأني امرأة، فقال الولد: أنا لا أفهم هذا، فاحتضنته وقالت: ولن تفهمه أبدًا يا حبيبي.
سأل الولد أباه: لماذا تبكي أمي بلا سبب يا أبي؟ فأجابه: هكذا جميع النساء يبكين بلا سبب.
كبر الولد وأصبح رجلًا وما زال يجهل لماذا تبكي النساء، إلى أن كان اليوم الذي التقى فيه عالمًا جليلًا، فسأله لماذا تبكي النساء؟ فقال له العالم والشيخ الجليل: البكاء آية من آيات الله مثل الحياة والموت، فهو القائل سبحانه {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا، وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} آية 43 – 45 سورة النجم. فهو سبحانه الذي خلق البكاء وسبب دواعيه.
عندما خلق الله المرأة جعل لها أكتافًا قوية لتحمل عليها أحمال الدنيا، وجعل لها ذراعين حنونين تمنح بهما أطفالها الراحة والطمأنينة، وأعطاها قوة داخلية لتحتمل ولادة الأطفال، وتحتمل رفضهم لها وعقوقهم عندما يكبرون.
وأعطاها صلابة لتحتمل أعباء أسرتها وأمراضهم ومتاعبهم وتعتني بهم، وتبقى صامدة في أحلك الظروف ودون تذمر، وأعطاها الله القوة لتستمر عندما يتخلى عنها الجميع، وأعطاها محبة لأطفالها لا تنتهي، ومن دون شروط وبلا مقابل حتى عندما يجرحونها بعمق، وأعطاها القوة لتحتمل أخطاء زوجها وتبقى بجانبه دون ضعف.
وأخيرًا فإنه سبحانه أعطاها الدموع لتذرفها عند الحاجة، تطفئ بها الهموم وتواصل رحلة الحياة، فاحترموا دموع النساء كل النساء حتى وإن كانت بلا سبب.
وإذا كنا لا نحتمل دمعة صديق مقرّب، فكيف لنا أن نحتمل دمعة أم؟ فإن رأيت أمك أو زوجتك يومًا تبكي فاقترب منها وخفف عنها، لا تدع نفسك تقول لك، دعها تبكي فلست أنت السبب، بل لا تتركها حتى تجد الابتسامة قد عادت إلى محيّاها.

أنين الأبناء يعذّب قلوب الأمهات
تذكّر أيها الإبن أن بر الوالدين ليس مناوبات روتينية، تتقاسمها بينك وبين أخوتك، بل إنها مزاحمات على أبواب الجنة، فأي الأبناء أنت؟!
قطع حبلك السري لحظة خروجك للدنيا وبقي أثره في جسدك ليذكرك دائمًا بإنسانة عظيمة كانت تغذيك من جسدها.
لما ماتت أم إياس بن معاوية بكى عليها، فقيل له في ذلك فقال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة وقد أغلق بموت أمي أحد هذين البابين.
هذه الأم هي سبب وجودك. حملتك في بطنها تسعة أشهر، وكابدت آلام وضعك، سهرت ونِمت أنت، تألّمت لآلامك وسهرت لراحتك وحملت أذاك وهي كارهة، فإذا عقلت وكبرت ورجت منك البرّ عققتها!! أيها العاقّ لا تغترّ بحلم الله عليك، فإنك مجزى بعملك في الدنيا والآخرة.
يقول أحد العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق فإنه يعجّل له في الدنيا وكما تدين تدان
واخضع لأمك وارضها فعقوقها إحدى الكبر
ما أروعه من إحساس أن ترى نظرة الرضا على وجه أمك وأنت تقبل يدها ودعاؤها لك يخترق طبلة أذنك فيرقص قلبك له طربًا.
مرض أحد التابعين، فسمعت أمه بمرضه فحملت نفسها وذهبت إليه تزوره وتطمئن إليه. لما سمع الإبن المريض بزيارة أمه له قام ولبس أحسن ثيابه متحاملًا على نفسه وتأنّق كأن لم يكن به بأس، فلمّا زارته أمه وأرادت الخروج سقط مغشيًا عليه من التعب والمرض، فلمّا سئل عن ذلك، قال: إن أنين الأبناء يعذب قلوب الأمهات، وما أحببت أن أعذب أمي بآلامي.

متى تكون زوجة ومتى تكون امرأة؟
عندما تستقرئ آيات القرآن الكريم التي جاء بها اللفظان “امرأة” و “زوجة” تجد أن لفظ زوج يطلق على المرأة إذا كان التوافق والانسجام في الحياة الزوجية تامًا بينها وبين زوجها من دون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي، فإن لم يكن التوافق والانسجام كاملًا أطلق القرآن عليها لفظ “امرأة” وليست “زوجة”.
فالله تعالى يقول {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} آية 21 سورة الروم. وقال سبحانه {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} آية 74 سورة الفرقان.
وبهذا الاعتبار جعل القرآن حواء زوجًا لآدم في قوله تعالى {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} آية 35 سورة البقرة. وجعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم أزواجًا له في قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} آية 6 سورة الأحزاب.
فإذا لم يتحقق الانسجام والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فالقرآن يسمي الأنثى “امرأة” وليس “زوجًا”، فيقول القرآن، امرأة نوح وامرأة لوط، ولم يقل زوج نوح أو زوج لوط {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} آية 10 سورة التحريم.
إنهما كافرتان مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي، ولكن كفرهما لم يحقق الانسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي، ولهذا فهي ليست زوجة وإنما امرأة. وبنفس الاعتبار قال القرآن، امرأة فرعون في قوله تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} آية 11 سورة التحريم، لأن بينها وبين فرعون مانع من موانع الزوجية، فهي مؤمنة وهو كافر، ولذلك لم يتحقق الانسجام والمودة بينهما، فهي امرأته وليست زوجته.
ومن روائع التعبير القرآني في التفريق بين “زوج” و”امراة” ما جرى في أخبار القرآن عن زكريا عليه السلام بأن يرزقه الله ولدًا يرثه.
فعندما كانت امرأته عاقرًا، أطلق عليها القرآن كلمة “امرأة”، قال تعالى على لسان زكريا {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} آية 5 سورة مريم. وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه وأنه سيرزقه بغلام، قال تعالى {قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءْ} آية 40 سورة آل عمران.
وحكمة إطلاق كلمة “امرأة” على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقق في أتم صورها، رغم أنه نبي ورغم أن امرأته كانت مؤمنة، ولكن عدم التوافق والانسجام بينهما كان في عدم إنجاب امرأته، وبعدما زال المانع من الحمل وأصلحها الله تعالى، وولدت لزكريا ابنه يحيى فإن القرآن الكريم لم يعد يطلق عليها “امرأة” وإنما أطلق عليها كلمة “زوج”، قال تعالى {وَزَكَرِيّا إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} آية 89 سورة الأنبياء.
فاللهم ربنا {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى