أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لا يُنَظِّر لنا من يتلفع بالوطن ويهرول للأسرلة

توفيق محمد
أكره الألفاظ السوقية، وأكره استعمالها لسبيين اثنين: الأول لأنها سوقية هابطة تنزل الى الحضيض في الرد على الآخر، وتستعمل أقذع الأوصاف والألفاظ والمصطلحات، وفي العادة تكون تعبيرا عن مكنون نفس وروح مستعمليها في وصف مخالفيهم، وهم كما قال فيهم المثل العربي: “كل إناء يرشح بما فيه”، وكما قال فيه الشاعر العربي سعد بن الصيفي التميمي الملقب بحيص بيص:
….. فحسبكمُ هذا التفاوتُ بيننا
وكل إناءٍ بالذي فيه ينضَح
إذا فالسبب الأول لكرهي استعمال هذه الألفاظ هو أنها ليست إلا صفة للمتكلم يرمي بها غيره، وغيره أبعد ما يكون عن صفات الشاتمين، ولأنني أحمل الحب ووحدة الصف وحسن الأخلاق، وأما السبب الثاني لكرهي استعمال هذه الصفات والألفاظ والنزول الى القاع في اغترافها هو أنها ليست إلا سلاح المفلس الذي يتملكها ويستحضرها دائما للرد على أصحاب الألباب والعقول والحجج القوية.
لذلك فإنني لست مستغربا البتة ممن يتلفعون ويتدثرون بلباس الوطن ويهرولون نحو الأسرلة، بل ويسعون الى جر شعبهم إليها جرا ان يتطاولوا على كرام شعبهم وأحراره وشرفائه، فتراهم يصفونهم بالعملاء وأبناء العملاء وأنهم يعتاشون على أموال الدنس، وانهم حشرات عميلة تنسق مع أسيادها الصهاينة.
نهم أبناء آبائهم (مقصودة) ممن أحضروا صفقة السلاح التشيكي في العام 1948 والتي ساهمت إسهاما كبيرا في تفوق العصابات اليهودية في الحرب، وفيما يلي اقتباس مما نشرته صحيفة هآرتس حول هذه الصفقة:
” نشرت صحيفة “هآرتس” الصادرة يوم الثلاثاء الماضي (09/05/2006) تحقيقاً أعده أرييه ديان، أشار فيه إلى صفقة الأسلحة التشيكية الضخمة التي قدمت لإسرائيل في العام 1948، بإيحاء من الإتحاد السوفييتي والتي كان لها “الفضل” في حسم المعركة لصالح قيام دولة إسرائيل!
ويعترف دافيد بن غوريون أن الجيش الإسرائيلي تمكن من الإنتصار بفضل هذه المساعدات، والتي اشتملت على 50 ألف بندقية تشيكية (ظل يستخدمها الجيش لمدة 30 عاماً) و 6000 رشاش و 90 مليون رصاصة و 91 طائرة حربية، علاوة على تدريب وتأهيل طيارين إسرائيليين لقيادة واستخدام هذه الطائرات!!
ويشير التحقيق على سبيل المثال إلى أن الطائرات الحربية التشيكية هي التي أوقفت تقدم الجيش المصري قرب مدينة أشدود (أسدود)!
كما يشير التحقيق إلى أن الحزب الشيوعي الإسرائيلي كان له دور كبير في التوصل إلى هذه الصفقة التي ساهمت في حسم مجريات الحرب لصالح قيام إسرائيل. وبحسب التقرير فقد عمل عدد من قادة الحزب الشيوعي على خلق اتصال بين الوكالة اليهودية والأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا، الأمر الذي مهد الطريق للتوصل إلى إبرام هذه الصفقة”(عرب 48)
وجاء في التقرير أيضا:
“كما لن يتم الإشارة إلى حقيقة أنه من بين الإسرائيليين الذين كان لهم صلة بخلق اتصال بين الوكالة اليهودية والأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا، كان عدد من قادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ومن بينهم إلياهو جوجانسكي (والد يورام زوج عضوة الكنيست، سابقاً، تمار جوجانسكي) الذي قتل في العام 1948 في حادث طيران وقع في الطريق من براغ إلى إسرائيل، وبحسب ألأحاديث التي دارت في وسط الحزب الشيوعي الإسرائيلي “ماكي”، فإن سفر جوجانسكي إلى براغ كان جزءاً من هذه الاتصالات لترتيب صفقة المساعدات العسكرية!”(عرب 48)

ومن آثار الآباء أيضا خطاب توفيق طوبي التالي في الذكرى الأولى لاستقلال إسرائيل:
“الرفاق الأعزاء،
أشكركم من أعماق قلبي لإتاحة الفرصة أمامي للاحتفال هنا هذا المساء، في هذا المهرجان الشعبي الكبير، مثلما فعل أبناء بلدي في الوطن بالذكرى السنوية الأولى لإقامة دولة إسرائيل.
إنّ احتفالنا بإقامة دولة إسرائيل هو احتفال بانتصار مبدأ حقّ تقرير المصير للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. إنّنا نحتفل بذكرى الهزيمة التي مُني بها الاستعمار إثر فشل الحملة العدوانية لجيوش الحكّام العرب الرجعيّين، وبقدر لا يقلّ عن ذلك فإنّنا نحتفل بفتح الباب للفُرص الجديدة للشعب اليهودي ليشكّل عاملًا للتقدّم في الشرق الأوسط، بواسطة بناء بلاده كدولة ديمقراطية شعبية حقيقية.
وفي الوقت الذي نحتفل فيه فإنّنا سنتذكّر باعتزاز ذكرى الحرب البطولية للشعب اليهودي من أجل استقلال إسرائيل، وذكرى كلّ أولئك الذين ضحّوا بحياتهم في الحرب ضدّ الإمبريالية والتدخّلات الإمبريالية. كما لا يمكننا أن نكون صادقين مع أنفسنا إن لم نذكر في هذه اللحظات أولئك الأصدقاء الذين وقفوا بجانب الشعب في إسرائيل في الساعات العصيبة خلال كفاحه للاستقلال. ببالغ الشكر والاعتزاز نتطلّع هذه الأيام إلى الاتحاد السوڤييتي والدول الديمقراطية الشعبية، الذين لم يرتدعوا عن تقديم يد العون في حرب استقلال إسرائيل، سياسيًّا وماديًّا. لن ننسى أبدًا أنّ الاتحاد السوڤييتي كان الداعم الأكثر مثابرة وصدقًا في حربنا للاستقلال.
إنّ كفاح الديمقراطيّين العرب، في فلسطين والبلاد العربية، ومقاومتهم لحرب الحكومات العربية الرجعية ضدّ دولة إسرائيل الفتيّة، وحقيقة مشاركتهم بكلّ ما يمتلكون من قوّة في حرب الاستقلال على الرغم من الإرهاب والتهديد – سيُنظر إليه بإعزاز بوصفه جزءًا من عون ومساهمة الديمقراطيّين في أنحاء العالم في حرب استقلال إسرائيل.“…
نحن القوى الديمقراطية في إسرائيل، ونحن نحتفل بيوم استقلال إسرائيل، سنخون الاستقلال إذا كُنا اليوم نتناسى الإشارة إلى المخاطر الكبرى التي تتربّص باستقلال دولتنا.“…
هذا بعض مما فعل وورَّث الآباء لأبناء اليوم، اما ما يفعله أبناء اليوم فليس اقل من جر كل أعضاء الكنيست العرب (منهم من ليس بحاجة الى جر فهو جارٌّ أيضا) من القائمة المشتركة وجر مجتمعنا كله الى مستنقع الأسرلة، ليس فقط عبر التوصية على غانتس التي ردت إليهم صفعة في الوجه، انما عبر مشاريع الاندماج الكلي في المجتمع الإسرائيلي بحجة ان شعبنا جزء من مواطني الدولة، ويأتي ذلك على حساب قضايا شعبنا الكبرى.
عتقد ان من يتغذى من الأموال الإسرائيلية ومن أموال الصهيونية عبر البحار والأمريكية والأوروبية، كل تلك الأموال التي تُرَشُّ عليهم وعلى جمعياتهم المختلفة رشا لتمويل حملات الانتخابات الفائتة والحقائق والاقتباسات كثيرة لكنه ليس المجال لإرهاق قرائنا بها، لكنها موجودة ومتوفرة، وتمويل جمعيات الشذوذ التي يديرها فلكهم ومن يدورون فيه اعتقد انه من العيب عليه ان يرمي عاره على الشرفاء من أبناء شعبه، على الأقل لا يشغلنا به فان من حظرته إسرائيل بسبب كل مواقفه الوطنية ودفاعه عن شعبه وقضايا شعبه ليس كمن ينعم بـ “ديموقراطيتها” المزيفة.
إنهم يكثرون من الحديث عن الوطن والوطنية ولكنهم أكثر الناس ممارسة وهرولة الى الاسرلة والاندماج.
إنهم يكثرون من الحديث عن التماسك الاجتماعي، ولكنهم أكثر الناس دفاعا عن معاول هدم المجتمع من الداخل، فهم المدافعون الأشرس عن الشاذين جنسيا وأخلاقيا تحت مسميات الحرية الشخصية والجسدية والجنسية.
أعتقد أنه آن الأوان لهؤلاء أن يخلعوا ثوب التخوين لكل من يخالفهم، فهم ليسوا بأكثر وطنية من غيرهم أبدا والتاريخ مليء بما لا ينسجم بالتلفع بثوب الوطن وشعاراته، والأفعال أكثر من ان تذكر، ولذلك لا ينظر لنا من يتلفع بالوطن ويهرول للأسرلة، ولست أقول هذا الكلام كي أخون أحدا أبدا، وإنني اعلم يقينا أن هؤلاء يؤمنون بطريق ومقتنعون أنه يمكنهم تغيير النظام في الدولة لنظام اشتراكي، فهم أمميون، وحدود الوطن عندهم ترسمه حدود الأممية، لا حد الأرض والوطن.
أقول هذا الكلام مع علمي ان من بين هؤلاء من يمقت الشذوذ والشواذ ويمقت الخيانة والتخوين ويمقت كلام الفرقة والتفريق والتشتيت، وهؤلاء مطلوب منهم ان يرفعوا صوتهم وان يقولوا لمن يزرعون بذور الفرقة والتفريق، ولمن يستميتون في الدفاع عن هدامي حصون مجتمعنا من الشواذ كفوا السنتكم، وناقشوا من يخالفكم بأدب الحوار، لا ببذيء وفاحش الكلام ولا بتخوين المخالف.
نعلم انكم تؤمنون بطريق ونهج، هو في نظرنا ونظر الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا نهج أسرلة وتذويب هوية، ونخالفكم فيه ونناقشكم فيه ونتخلف معكم كل الاختلاف في هذا النهج، ولكن يحكمنا في ذلك ادب الحوار والكلام، ولسنا نستعمل فاحش الكلام لقوله صلى الله عليه وسلم: “ما مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى