أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

من وسائل نصرة القدس والمسجد الأقصى

د. أنس سليمان أحمد
يوم أن وقعت القدس والمسجد الأقصى بين مطرقة الحركة الباطنية الفاطمية وسندات الحركة والصليبية الأوروبية، لم يقف أحرار وحرائر الأمة الإسلامية موقف المتفرج، ولم يعلنوا عن عجزهم، ولم يرفعوا راية الاستسلام بل تبنوا حزمة وسائل لمقاومة الشر الباطني والشر الصليبي وإعداد الأرضية المطلوبة بكل مواصفاتها لجيل نصرة القدس والمسجد الأقصى، وإن الناظر في عمق هذه الوسائل يجد أنها تصلح اليوم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وإعداد الأرضية الراشدة الصادقة لميلاد جيل نصرة القدس والمسجد الأقصى المباركين، وإن أهم وسائل تلك المقاومة ما يلي:
المقاطعة الجماعية للحركة الباطنية والحركة الصليبية، ولكل ما له صلة بهما، ومقاطعة كل من يسير في ركب هاتين الحركتين كائنا من كان، ومقاطعة من سعى لتبرير وجود هاتين الحركتين، وجعله شاذا لا وزن له، ومنبوذا لا قيمة له، ولا يمثل طفلاً رضيعا في الأمة الإسلامية!! فلنتصور لو أن هذه المقاطعة الجماعية تبنتها اليوم الامة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، وقاطعوا الاحتلال الإسرائيلي، وقاطعوا الحركة الصهيونية التي تحتضنه، وقاطعوا كل دولة تدعمه بغض النظر عن إسمها، وقاطعوا كل مسلم وعربي وفلسطيني يسير في ركب الاحتلال الإسرائيلي ويسعى لتبرير وجوده، تصوروا لو تبنينا هذه الوسيلة، كم كنا سنخنق من أنفاس الاحتلال الإسرائيلي.
الجدلية للحركة الباطنية والحركة الصليبية، وتعرية كل من هاتين الحركتين على حقيقتها، ودحض ادعاءاتها بالخطاب الفكري العقدي المفحم، الذي منع تغلغل خطاب هاتين الحركتين في النفوس، وجعل منه خطابا باطلا ترفضه العقول والقلوب والمشاعر وتأبى التعايش معه في يوم من الأيام. تصوروا كم نحن بحاجة إلى هذه الوسيلة اليوم بغية دحض خطاب الاحتلال العقدي والفكري والسياسي، وبغية تحصين أبناء الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني من هذا الخطاب، سيما وقد ظهر بعض الشواذ من بني جلدتنا اليوم من بات يلوك خطاب الاحتلال الإسرائيلي مضبوعا به، وبات بلغة البحث أو لغة الفن والأفلام والمسلسلات أو بلغة الانفتاح على الآخر يحاول نقل عدوى خطاب الاحتلال إلى البسطاء منا.
المقاومة عبر التأليف وإعداد الكتب العلمية التي بيّنت من جهة خيرية الامة الإسلامية وخيرية منهجها الداعي إلى ملأ الأرض قسطا وعدلاً وهداية وتوحيدا إلى جانب أنها بيّنت من جهة أخرى رداءة الباطل ورداءة هرطقاته العقدية التي كانت تحاول الترويج لها الحركة الباطنية والحركة الصليبية، وهكذا زرعت هذه المؤلفات المناعة الدائمة في نفوس الأمة الإسلامية لرفض هاتين الحركتين ونبذهما بلا مساومة!! وكم نحن اليوم بحاجة إلى أقلام علماء عاملين صادقين تؤلف الكتب لأمرين: الأمر الأول إبراز فضائل القدس والمسجد الأقصى المباركين كما وردت في القرآن والسنة، وكما حفظها وأرسى دعائمها التاريخ الإسلامي، وكما صانتها وصانت محاسنها الحضارة الإسلامية والأمر الثاني تعرية باطل الاحتلال الإسرائيلي وفضح هرطقاته التي تحاول الترويج للباطل بوجود وعد إلاهي وحق تاريخي لهذا الاحتلال في فلسطين التاريخية بعامة، وفي القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة.
المقاومة الأدبية حيث برز كثير من الشعراء الملتزمين منهم: أبو القاسم الفزاري الذي أبدع في تعرية الحركة الباطنية لدرجة أن بعض قصائده انتشرت في الآفاق والبلدان، إلى جانب الكثير من الشعراء الذين تصدوا للحركة الصليبية، وجنّدوا شعرهم لنقل هموم القدس والمسجد الأقصى وآلامها إلى الأمة الإسلامية، وقد نجحت هذه المقاومة الأدبية بإحداث يقظة ضمائر وهيجان عواطف تصبو إلى يوم قريب لنصرة القدس والمسجد الأقصى، وكم نحن بحاجة اليوم إلى تكثيف دور المقاومة الأدبية سواء كانت شعرا أو نثرا أو نشيدا أو غناء أو مسرحا أو أفلاما أو رسما لتعرية الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ولأحياء ضمائر ومشاعر أبناء الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، وحشدهم ودفعهم لمواصلة السعي الجاد لنصرة القدس والمسجد الأقصى من جهة أخرى.
المقاومة التعبوية النفسية حيث برزت صفوة من العلماء راحت ترفع همم الامة الإسلامية طوال الوقت وتحررها من اليأس وتؤكد لها أن الحركة الباطنية والحركة الصليبية حرمتان أوهن من بيت العنكبوت، لأنهما قامتا على باطل، ومن قام على باطل فحتماً سيزول كما بدأ ولو بعد حين، ولذلك المطلوب دوام الاعداد والاستعداد لدحر هاتين الحركتين ونصرة القدس والمسجد الأقصى، وكم نحن بحاجة ملحة إلى هذه المقاومة التعبوية النفسية ودوام التأكيد لأبناء الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني أن الاحتلال الإسرائيلي ظاهرة عابرة كما بدأت ستنتهي، وليست ذات قدرات خارقة خالدة تأبى الهزيمة، بل إن الاحتلال إلى زوال قريب، وسيبقى الضمير الحي في الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني أقوى من هذا الاحتلال ومن كل عدته وعتاده مهما طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، وعمّا قريب سينضم إلى ركب كل احتلال سبقه ورحل مطروداً مُهانا وسيدوّن اسمه في خانة هذه القائمة السوداء التي تضم كل احتلال سوّلت له نفسه أن ينال من كرامة المسجد الأقصى والقدس المباركة .
إلى جانب كل وسائل المقاومة التي ذكرتها في السطور السابقة فقد ناصر رجال هذه المقاومة كل حركة تصحيح كانت تولد، ساعية إلى توحيد كلمة الأمة الإسلامية وإعدادها فكريا وعقديا وماديا ومعنويا للتصدي للحركة الباطنية والحركة الصليبية، وعلى هذا الأساس ناصر رجال هذه المقاومة آق سنقر ثم عماد الدين زنكي ثم نور الدين زنكي ثم صلاح الدين الأيوبي، حيث أثمرت تلك الجهود التصحيحية المتواصلة بالقضاء على الحركة الباطنية وتحرير القدس والمسجد الأقصى، واليوم إن رجال هذه المقاومة مطالبون بنصرة كل حركة تصحيح راشدة وصادقة ونابعة من الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية وهادفة إلى توحيد كلمة الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، وإعدادها فكرياً وعقدياً ومعنوياً للتصدي للاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية.
بقي أن نعلم أن حركة مقاومة الحركة الباطنية استمرت مائتين وثمانين عاما حتى قضت على هذه الحركة الباطنية، ثم استمرت قرابة المائة عام في مواجهة الحركة الصليبية حتى كسرت هذه الحركة الصليبية وحررت القدس والمسجد الأقصى، وهذا يعني أن حركة المقاومة لم تتوج جهودها بتحرير القدس والمسجد الأقصى إلا بعد معاناة وصبر وتضحيات وعمل بلا كلل على مدار ثلاثمائة وثمانين عاما، وهذا يعني أنه لا عذر لأحدنا اليوم أن يقول: تعبتُ، أو قدمتُ كل ما عندي، أو ما في اليد حيلة، أو يئست، لا لسبب إلا لأنه حاول التغيير مدة عشرة أعوام أو عشرين عاماً أو مائة عام ولم ير ثمار النجاح، فلا بد من السير التصحيحي مهما طال، ولا بد من إتمام هذا السير لو استغرق ملايين الأميال وأكثر من جيل، ولنعلم أن ( .. النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى