أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

حق المرأة في الميراث

أمية سليمان جبارين (أم البراء)
كثيرون من الذين يثيرون الشبهات حول أهلية المرأة في الإسلام يتخذون من التمايز في الميراث سبيلا إلى ذلك، ويوردون قول الله سبحانه تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين) -النساء:١١) وحول هذه الشبهة فأني أسجل هذه الملاحظات:
١- القرآن الكريم لم يقل: يوصيكم الله في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين … إنما قال (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)، فجعل هذا الحكم في حالة بعينها هي حالة الأولاد وليس في مطلق كل الوارثين والوارثات، أي أن توريث المرأة على النصف من الرجل ليس موقفا عاما في توريث كل الذكور وكل الإناث.
٢- الآية القرآنية التي تحدثت عن القاعدة العامة للميراث استخدمت لفظا عاما هو لفظ (النصيب) على حد سواء للرجال والنساء، وذلك في قول الله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) -النساء ٧- وهذا يعني أن معايير التفاوت في أنصبة الميراث لا علاقة لها بالجنس ذكورة أو أنوثة.
٣- معايير التفاوت في الميراث ثلاثة:
أ-درجة القرابة: فكلما كان الوارث أقرب إلى المورّث زاد نصيبه في الميراث.
ب- موقع الجيل الوارث في تسلسل الأجيال: فكلما كان الوارث صغيرا من جيل يستقبل الحياة وأعباءها وأمامه المسؤوليات المتنامية كان نصيبه من الميراث أكبر. ولذلك فإن ابن المتوفي المنفرد يرث أكثر من أب المتوفي وكلاهما ذكر. وبنت المتوفي المنفردة ترث أكثر من أمه وكلتاهما أنثى، وبنت المتوفى المنفردة ترث أكثر من أبيه علما أنها أنثى وهو ذكر.
ت- العبء المالي الذي يتحمله ويُكلف به الوارث طبقا للشريعة الإسلامية: فإذا تساوت درجة القرابة وموقع الجيل الوارث في تسلسل، ولكن تفاوت العبء المالي بين الذكر- المكلف شرعا بإعالة زوجة وأولاد- وبين البنت- التي سيعولها شرعا هي وأولادها زوج ذكر – هنا يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
٤- بناء على معايير التفاوت في أنصبة الميراث الواردة أعلاه فإن المرأة في أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث الإسلامي ترث مثل الرجل، أو أكثر من الرجل، أو ترث المرأة نصف ما يرث الرجل، مما يؤكد ما قلته سالفا وهو أن معايير التفاوت في أنصبة الميراث لا علاقة لها بالجنس ذكورة أو أنوثة – بل معيار التفاوت هو كما شرحته في السطور السابقة.
٥- لذلك فإن المرأة والرجل يتساويان في الميراث في جملة حالات، منها على سبيل المثال:
أ- ميراث الأب والأم فإن لكل واحد منهما السدس، إذا كان للميت ابنهما فرع وإرث، ونجد ذلك في قول الله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) – النساء-١١-
ب- ميراث الأخوة لأم، ذكرهم وأنثاهم سواء في الميراث، ونجد ذلك في قول الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) -النساء-١٢
٦- هناك حالات من الميراث الإسلامي تأخذ فيها المرأة أضعاف الرجل، كما في قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) النساء-١١-
٧- قد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا كانت في درجة متقدمة كالبنت مع الأخوة الأشقاء أو كالبنت مع الأب والأعمام، ومثال على ذلك: مات شخص عن بنته وأخويه الشقيقين، فيكون نصيب البنت النصف فرضا، ويكون الباقي تعصيبا للأخوين الشقيقين بالتساوي بينهما، فيكون نصيب المرأة في هذه الحالة النصف ويكون نصيب الرجل الربع أي أقل من المرأة.
٨- قد ترث الأنثى ولا يرث الذكر في بعض الحالات منها:
ا: مات شخص عن ابن وبنت وأخوين شقيقين، فيكون نصيب كل منهما على هذا النحو: الابن والبنت لهما التركة كلها للذكر متل حظ الأنثيين، والأخوين الشقيقين لا شيء لهما لحجبهما بالفرع الوارث المذكر وهنا نجد أن الأنثى (البنت) ترث، والذكر (الاخ الشقيق) لا يرث، مما يؤكد مرة بعد مرة أن معايير التفاوت في أنصبة الميراث لا علاقة لها بالجنس ذكورة أو أنوثة.
٩- بقي أن أذكر أن هذه الأحكام القرآنية التي جاءت لتحفظ للمرأة حقها في الميراث قد نزلت قبل ألف وأربعمائة عام في الوقت الذي كان بعض الجهلاء يتجادلون: هل المرأة مخلوق بشري أو شيطان، وفي الوقت الذي كانت توَرَث فيه امرأة الميت كما يورث متاعه، أو توضع وهي حية قرب زوجها الميت ويُحرقان سويا!! في ذاك الوقت قال رسول الله صلى الله علبه وسلم: (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى