أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

مشاركة القائمة المشتركة في الحديث عن مذابح هتلر الملعون (2)

طه اغبارية
أكّدت في مقالتي السابقة التي كانت بعنوان (مشاركة القائمة المشتركة في الحديث عن مذابح هتلر الملعون) أن الحديث عن مذابح هتلر التي ارتكبها في حق شعوب الأرض بما في ذلك اليهود، وإدانة هذه المذابح وشجبها لا غبار عليه، وأن الحديث فقط عن مذابح هتلر التي ارتكبها في حق اليهود وإدانة هذه المذابح وشجبها لا غبار عليه، ولكن المرفوض بلا تأتأة هو الحديث عن هذه المذابح وفق المتوالية السياسية التي فرضتها الحركة الصهيونية بقوة السلاح، والتي إدّعت فيها أن أوروبا وأمريكا ملزمة بإقامة وطن لليهود على أثر تلك المذابح التي ارتكبها هتلر في حق اليهود، وأن هذا الوطن المطلوب إقامته لليهود يجب أن يقوم على قاعدة (نريد وطنا بلا شعب لشعب بلا وطن)، وأن الوطن الذي يجب أن يقوم فيه وطن لليهود هو فلسطين، وهكذا وقعت نكبة فلسطين، وهكذا تم تشريد الشعب الفلسطيني ما بين شهيد وجريح ولاجئ وطريد، وهكذا أصبح الحديث عن مذابح هتلر التي ارتكبها في حق اليهود وفق المتوالية السياسية التي فرضتها الحركة الصهيونية بقوة السلاح يعني التماهي مع هذه المتوالية السياسية التي أنتجت نكبة فلسطين التي لا تزال جرحا ناعبا حتى الآن. ولذلك فإن من المقطوع به أن عضو الكنيست منصور عباس عندما تحدث نيابة عن القائمة المشتركة عن مذابح هتلر في حق اليهود وفق الزمان والمكان والظرف والحال الذي تحدث فيه، فقد تحدث وفق المتوالية السياسية التي فرضتها الحركة الصهيونية بقوة السلاح، ولذلك فقد كان حديثه عن تلك المذابح وفق تلك المتوالية السياسية الصهيونية – سواء قصد ذلك أو لم يقصد- هو التماهي مع تلك المتوالية السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين، ولذلك فقد كان حديثه ذلك نيابة عن القائمة المشتركة مرفوضا ويدين القائمة المشتركة بكل أعضائها، كما وكان تبريره الذي حاول أن يضفي عليه مسحة دينية مرفوضا، لأنه حاول أن يقول: أنا تحدثت فقط عن مذابح هتلر في حق اليهود، وأدنت فقط هذه المذابح بدوافع (القيم والتأمل الذّاتي والرؤى التاريخية)!! وهذا الوصف بهذه السطحية غير صحيح، وتفصيلا لذلك فإنني أسجل هذه الملاحظات:
ليس صحيحا أن عضو الكنيست منصور عباس قد تحدث باسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح بدوافع (القيم والتأمل الذاتي والرؤى التاريخية) فقط!! لأنه لم يتحدث عنها في زمان عاديّ ومكان عاديّ وظرف عاديّ وحال عاديّ، حتى يكون تبريره لذاك الحديث عن تلك المذابح مقبولا شرعا وعرفا وعقلا وإنسانية، بل تحدث عنها في زمان خاص ومكان خاص وظرف خاص وحال خاص، جعل حديثه عن تلك المذابح محكوماً بتلك المتوالية السياسية التي فرضتها الحركة الصهيونية بقوة السلاح، مما جعل حديثه عن تلك المذابح –سواء قصد ذلك أو لم يقصد- يعني التماهي مع تلك المتوالية السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين!! كيف ذلك.
عضو الكنيست منصور عباس تحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح في زمان خاص، وهو الزمان الذي شهد الاتفاق بين نتنياهو وغانتس الذين يجسدان القيادة الرسمية اليوم للحركة الصهيونية التاريخية التي فرضت تلك المتوالية السياسية الصهيونية بقوة السلاح تلك المتوالية التي أنتجت نكبة فلسطين إلى جانب ذلك تحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح في مكان خاص وهي الكنيست، وما أدراك ما الكنيست، هي العنوان الرسمي لمشروع الحركة الصهيونية الذي أنتجته تلك المتوالية السياسية الصهيونية على حساب نكبة فلسطين، وتحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح في ظرف خاص، حيث بدأ حديثه بقول (سيدي الرئيس)، وسواء قصد بذلك رئيس الكنيست المؤقت غانتس أو رئيس الدولة ريفلن أو رئيس الحكومة نتنياهو، فمن الواضح أنه قصد بقوله (سيدي الرئيس) الرئاسة الرسمية للحركة الصهيونية، وهذا يعني أنه لم يتحدث لأهل الأرض بل تحدث بداية لهذه الرئاسة الرسمية للحركة الصهيونية، إلى جانب ذلك فقد تحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح في حال خاص، وهو الحال الذي يجري فيه الحديث عن تلك المذابح ولا تزال نكبة فلسطين التي أنتجتها تلك المتوالية السياسية الصهيونية لا تزال جرحا عميقا ناعبا لم يندمل منذ المائة عام. وكل ذلك يؤكد أن عضو الكنيست منصور عباس تحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح وفق المتوالية السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين، والتي تتجاهل حق الشعب الفلسطيني حتى الآن عن سبق اصرار ولذلك نحكم على حديث عضو الكنيست منصور عباس بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح في سياق ربطه مع ذاك الزمان الخاص والمكان الخاص والظرف الخاص والحال الخاص، لأنه من المستحيل فصل حديثه عن تلك المذابح عن ذاك السياق مكانا وزمانا وظرفا وحالا، ولذلك نرفض ذاك الحديث وندينه ونرى فيه تماهيا مع تلك المتوالية السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين وأبقت عليها جرحا داميا منذ مائة عام وحتى الآن.
توضيحاَ أكثر لما كتبته في السطور السابقة أقول: صلاة الظهر واحدة من الصلوات الخمسة المفروضات كل يوم، وهي طاعة كبرى، ولكن بشرط أن تُقام في مكانها الخاص وهو المكان الطاهر، وفي زمانها الخاص وهو ما بعد زوال الشمس حتى بداية صلاة العصر، وفي ظرف خاص يكون فيه المصلي طاهر الثياب والجسد، وفي حال خاص يكون فيه المصلي مسلما عاقلا ومتجها نحو القبلة، ولا يكفي أن يُقال إقامة صلاة الظهر بغض النظر عن المكان والزمان والظرف والحال، لأنها قد تنقلب من صلاة إلى معصية ومن طاعة إلى حرام، إذا ما قام بها المصلي وأسقط من حساباته كل ما هو مطلوب لهذه الصلاة من مكان خاص وزمان خاص وظرف خاص وحال خاص. فلو تعمّد المصلي أن يصلي صلاة الظهر قبل زوال الشمس أو لو تعمَّد أن يصليها في مقبرة أو لو تعمد أن يصليها بدون وضوء أو ثيابه نجسه أو لو تعمد أن يصليها وهو غير مسلم أو وهو غير متجه للقبلة، فإن صلاة الظهر في مثل هذه الحالات قد تبطل وقد تتحول إلى منكر وقد تُسجَل على صاحبها معصية، وهذا يعني أنه لا يمكن الفصل بين أي قول أو عمل وبين المكان والزمان والظرف والحال الذي قيل فيه هذا القول أو وقع فيه هذا العمل. ولذلك كان ولا يزال فقهاء المسلمين يقولون إنه يجب أن يُقدَّر عند الفتيا المكان والزمان والظرف والحال والشخص بمعنى أن تؤخذ بعين الاعتبار.
لذلك أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بجلد شاربي خمر كانوا يجاهرون بشرب الخمر وأمر بجلد جليس لهم كان معهم فقط، وشاركهم الجلوس في ذلك المجلس فقط، ولم يشرب الخمر كما هم قد شربوا، ومع ذلك أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بجلده رغم أنه كان ينهاهم عن شرب الخمر في ذاك المجلس كما ورد في بعض الروايات!! لماذا؟! لأن لكل قول أو عمل (وإن كان لأول وهلة هو طاعة) له سياقه الخاص به مكانا وزمانا وظرفا وحالا، ولا يكفي أن يُقال هذا القول طاعة أو هذا العمل طاعة بغض النظر عن سياقه الخاص به مكانا وزمانا وظرفا وحالا، ولذلك يوم أن خالط ذاك الرجل شاربي الخمر في مجلسهم أصبح جزءاً من مجلسهم وإن كان يقصد بذلك نهيهم: ولأنه أصبح جزءاً من مجلسهم فقد أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بجلده.
وهذا الأمام الشافعي أعلم أهل زمانه وأستاذ الامام أحمد بن حنبل، فإن له ما عُرف بالفقه القديم والفقه الجديد، لماذا؟! لأنه لما عاش في العراق في بداية حياته أفتى في المسائل التي عاشها في العراق آخذاً بعين الاعتبار سياق العراق مكانا وزمانا وظرفا وحالا وشخصا، ثم لما انتقل للسكنى في مصر بعد ذلك أفتى في المسائل التي عاشها في مصر آخذا بعين الاعتبار سياق مصر مكانا وزمانا وظرفا وحالا لا سياق العراق الذي كان قد ارتحل عنه، وهذا ما يؤكد أنه من أجل الحكم على حديث عضو الكنيست منصور عباس بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار سياق ذاك الحديث عن تلك المذابح مكانا وزمانا وظرفا وحالا!! ومن الواضح لكل عاقل إذا ما أخذ بعين الاعتبار سياق ذاك الحديث عن تلك المذابح مكانا وزمانا وظرفا وحالا، أن ذاك الحديث كان محكوماً بالدالة السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين تلك النكبة التي لا تزال جرحا غائرا في خاصرة الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني حتى الآن.
لذلك ليس مقبولا قول عضو الكنيست منصور عباس أنه تحدث بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح بدافع (القيم والتأمل الذاتي والرؤى التاريخية) بل كان حديثه عن تلك المذابح محكوماً بالدالة السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين، وواصلت إعادة إنتاجها من جديد حتى هذه اللحظات، وصفقة القرن نموذج على ذلك، ولا يكفي أن يقال: نرفض صفقة القرن إذا ما كنا في نفس اللحظة محكومين باختيارنا بالدالة السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين ثم أنتجت صفقة القرن.
وليس مقبولا استشهاد عضو الكنيست منصور عباس بالمفتي العام السابق للبوسنه مصطفى تسيرتش في سياق حديثه بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح، فنحن لا نعلم بالضبط ماذا قال ذاك المفتي، وعلى فرض أن ذاك المفتي أدان مبدأ قتل أي شعب في العالم فقد قال ذلك وهو غير محكوم بالدالة السياسية الصهيونية التي أنتجت نكبة فلسطين، ولذلك يبقى قوله مقبولا في سياقه ولا يصلح أن يكون تبريرا لحديث عضو الكنيست منصور عباس بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح، لان سياق حديث المفتي لم يكن محكوما بالدالة السياسية الصهيونية كما كان سياق حديث عضو الكنيست منصور عباس.
وليس مقبولا قول عضو الكنسيت منصور عباس في سياق حديثه بإسم القائمة المشتركة عن تلك المذابح (… بصفتي عربي فلسطيني ومسلم متدين، الذي ترعرع على إرث الشيخ عبد الله نمر درويش رحمة الله عليه مؤسس الحركة الإسلامية)، وأنّى للعروبة أن توافق عضو الكنسيت منصور عباس فيما تعثر فيه وهي التي تعاني من ويلات الحركة الصهيونية، وأنّى للحس الفلسطيني أن يوافق عضو الكنيست منصور عباس فيما تعثر فيه وها هي نكبة فلسطين لا تزال جرحا داميا كأنما وقعت البارحة، وأَنَّى للحس الديني الحيّ الراشد أن يوافق عضو الكنيست منصور عباس فيما تعثر فيه وهذا الحس الديني الراشد جاء حربا على كل ظلم واحتلال وإمبريالية، وأجزم بلا تردد أن الشيخ عبد الله نمر درويش رحمة الله عليه لو كان حيّا لما وافق عضو الكنيست منصور عباس فيما تعثر فيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى