أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

دوافع عدوانية الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى

د. أنس سليمان أحمد
ورد في سفر حزقيال الذي هو من ملحقات توراة اليوم ما يلي: (ورجع بي إلى باب المقدس الخارجي المتجه نحو الشرق وكان مغلقاً، فقال لي الرب: إن هذا الباب يكون مغلقاً، لا يُفتح ولا يدخل منه إنسان، لأن الرب إله إسرائيل قد دخل منه فيكون مغلقاً) 2-1/44. وسلفا أقول إن سفر حزقيال من ملحقات توراة اليوم لأن توراة اليوم خمسة أسفار وهي: (التكوين، الخروج، الأحبار، العدد، تثنية الاشتراع)، ومع أنه ليس من توراة اليوم إلا أن الاحتلال الإسرائيلي اليوم يتعامل مع هذا السفر ومع كل نصوصه كأمر مقدس كأنه من توراة اليوم التي هي أصلاً قد فقدت قدسيتها لأنه دخلها التحريف، وعلى هذا الأساس فإن الاحتلال الإسرائيلي يسعى اليوم إلى إسقاط دلالات النص الوارد أعلاه من سفر حزقيال على المسجد الأقصى ظلماً وتحريفاً.
حيث يدّعي هذا الاحتلال بواسطة أبواقه الدينية والسياسية والعسكرية أن المقصود بكلمة (المقدس) في هذا النص هو المسجد الأقصى الذي يطلق عليه الاحتلال اسم (جبل الهيكل)، وعلى هذا الأساس الأول الباطل فإنه يدّعي أن المقصود بـ (باب المقدس الخارجي المتجه نحو الشرق) هو باب الرحمة، فهو الباب الوحيد القائم في حائط المسجد الأقصى الشرقي والمتجه نحو الشرق، وعلى هذا الأساس الثاني الباطل فإن الاحتلال الإسرائيلي يصرّ اليوم على إغلاق باب الرحمة بادعاء أن هذا النص في سفر حزقيال يأمر بذلك!! وهذا يقول لكل مراقب عاقل أن سلوك الاحتلال الإسرائيلي اليوم في المسجد الأقصى منطلق من إصراره على إسقاط دلالات نصوص توراة اليوم وملحقاتها – المحرفة أصلا-على المسجد الأقصى بادعاء أن المسجد الأقصى ما هو إلا (جبل الهيكل) في حسابات هذا الاحتلال المفسد!! وهذا ما يساعدنا أن ندرك ما هو الدافع الأساس الذي بات يدفع الاحتلال الإسرائيلي اليوم لتجريم (الرباط) في المسجد الأقصى، رغم أن (الرباط) عبادة أمر بها القرآن الكريم والسنة النبوية، وما هو الدافع الأساس الذي بات يدفع الاحتلال اليوم لمطاردة المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى والإدعاء أنهم تنظيم محظور، رغم أن كل من يشد الرحال إلى المسجد الأقصى على صعيد الرجال والنساء والشباب والأطفال ويصلي فيه فهو مرابط أو مرابطة في المسجد الأقصى وفق دلالات نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، كما ويمكننا أن ندرك ما هو الدافع الأساس الذي بات يدفع الاحتلال إلى مواصلة إبعاد الآلاف من أهلنا – سواء كانوا رجالا أو نساء- عن المسجد الأقصى أو عن القدس والمسجد الأقصى لأيام أو لأسابيع أو لأشهر أو لسنوات، ولن ينطلي علينا التضليل الإعلامي الذي يمارسه الاحتلال اليوم بإمتياز ويدّعي فيه أنه يقوم بكل هذه السلوكيات الهوجاء للحفاظ على إستقرار الأجواء في القدس والمسجد الأقصى!! بل إن دافع الاحتلال الإسرائيلي لكل هذه السلوكيات الهوجاء هو إصراره التدريجي على تطبيق تدريجي للأمر الديني الذي ورد في سفر حزقيال والذي يقول: (هكذا قال السيد الرب: لا يدخل مقدسي إبن غريب أقلف القلب، أقلف الجسد، من جميع بني الغرباء الذين بين بني إسرائيل)44/9. فالاحتلال الإسرائيلي يدّعي كما في النص السابق أن المقصود بكلمة (مقدسي) هو المسجد الأقصى الذي يطلق عليه تزويراً إسم (جبل الهيكل) والمقصود بـ (لا يدخل مقدسي إبن غريب) في حسابات هذا الاحتلال المفسد أنه لا يجوز دخول كل من هو (غريب) أي (جوي) أي (غير يهودي) إلى المسجد الأقصى أو كما يسميه هذا الاحتلال المفسد (جبل الهيكل)، وعلى هذا الأساس الباطل بات هذا الاحتلال المفسد يصرّ تدريجياً على تفريغ المسجد الأقصى ممن هو غير يهودي، بإدعاء أن هذا الاحتلال الإسرائيلي يطبق بذلك نصاً دينياً ورد في سفر حزقيال أحد ملحقات توراة اليوم المحرّفة أصلا. ولذلك فإن الاحتلال الإسرائيلي المفسد يطمع في أحلامه السوداء إلى أن يصل إلى مرحلة – وفق أوهامه- يحظر فيها على كل من هو غير يهودي دخول المسجد الأقصى!! مما يقول لكل مراقب عاقل أن فصول عدوانية الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى لم تكتمل بعد، ومما يقول لكل مراقب عاقل أن كل سلوكيات الاحتلال الإسرائيلي السياسية أو العسكرية في القدس والمسجد الأقصى نابعة من دلالات نصوص مدّعاة وردت في توراة اليوم وملحقاتها المحرّفة أصلا!! والمطلوب بالضرورة أن يدرك كل مراقب عاقل أن الأحزاب الصهيونية المكونة للإحتلال الإسرائيلي سواء كانت يميناً أو يساراً أو مركزا أو دينية أو لا دينية، كلها تستقي رؤياها السياسية والعسكرية من دلالات النصوص المدّعاة الواردة في توراة اليوم وملحقاتها المحرفة أصلا، وقد كتب الدكتور مهند مصطفى وأصدر أكثر من كتاب وأكثر من بحث تؤكد ذلك!! وهذا يقول لكل عاقل أن حزبا صهيونيا من مكونات الاحتلال الإسرائيلي قد يكون لا دينيا وإباحيا ويدعو إلى الشذوذ الجنسي كحزب ميرتس، ولكن ذلك لا يمنعه من استقاء رؤياه السياسية والعسكرية من توراة اليوم وملحقاتها المحرفة أصلا، وإلا لَما كان هناك مبرر لوجوده في أي شبر من أرض من فلسطين التاريخية، وحتى لو إدّعى أنه موجود حيثما هو الآن بناء على (حق تاريخي) فإن هذا الحق التاريخي مربوط تلقائيا بتوراة اليوم وملحقاتها المحرفة أصلا!! ولذلك فقد يتنكر حزب ميرتس لمنظومة الشرائع والأحوال الشخصية التي وردت في توراة اليوم وملحقاتها المحرفة أطلا، ولكن لا يمكن له إطلاقاً أن يتنكر للدلالات السياسية والعسكرية الواردة فيها وإلا فقد مبرر وجوده كما أوضحت!! وكم هو ضروري أن يعلم كل مراقب عاقل أن يوسي سريد الذي كان رئيس حزب ميرتس ذات يوم هو الذي حاول – عبثاً- في أيام حكم رابين إقناع بعض القيادات الفلسطينية أن توافق على إقتطاع جزء من مساحة المسجد الأقصى التي تبلغ مائة وأربعة وأربعين دونما لبناء هيكل عليها!! وهذا يقول لكل مراقب عاقل أن ملف القدس والمسجد الأقصى هو محل إجماع مطلق لدى كل الأحزاب الصهيونية المكونة للإحتلال الإسرائيلي سواء كان حزب الليكود أو كاحول لافان أو ميرتس أو العمل أو شاس أو يهدوت هاتورة أو يسرائيل بيتنا أو اليمين.. إلخ، وأن هذا الملف ليس مربوطاً بشخص نتنياهو أو غانتس ولا حتى بشخص ترامب!! وواهم ثم واهم ثم واهم من يظن غير ذلك. ولذلك كم كان واهماً خطاب القائمة المشتركة الذي إدّعت فيه أنها قررت التوصية برئيس أركان الجيش الإسرائيلي سابقا غانتس رئيساً للحكومة كي توقف إعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وكم كان واهماً كل من صدّق من جماهيرنا هذا الخطاب الواهم!! ويبقى السؤال ما هو المطلوب؟ الجواب واضح: رغم الحال الرديء الذي تمر به الأمة الإسلامية والعالم العربي، ورغم الحصار الخانق المفروض حالياً على القضية الفلسطينية – مساراً ومصيرا- ورغم عربدة الاحتلال الإسرائيلي وإفساده وغروره، رغم كل ذلك المطلوب من الأمة الإسلامية والعالم العربي أن يواصلان الحديث عن قضية القدس والمسجد الأقصى على إعتبار أنها قضيتهما الأساس التي لا تقبل التنازل، وليس من باب التضامن مع هذه القضية إنسانياً، وكأنها ليست قضية كل مسلم وكل عربي، ثم المطلوب من شعبنا الفلسطيني بعامة أن يعتبر نفسه خط الدفاع الأول عن هذه القضية وأنها خط أحمر لا يجوز العبث فيه، ولا عذر لأحد كائنا من كان أن يعبث فيه سواء كان مسلماً أو عربياً أو فلسطينياً، ثم المطلوب بخاصة من الأهل المقدسيين وأهلنا في الداخل الممتد ما بين الجليل والمثلث والنقب والساحل مواصلة شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى، ومواصلة الصلاة فيه، والاعتكاف فيه، والرباط فيه، لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم، مهما تجرعوا بسبب ذلك اللأواء والأذى والمطاردة حتى يأتي أمر الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى