أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الأخت آية خطيب.. هي نموذج المرأة التي نحتاجها

أمية سليمان جبارين (أم البراء)
هي آية أحمد خطيب من قرية عرعرة المثلث، مضى عليها ثلاثون عاما، وخلال هذه السنين التي عاشتها تخرّجت من جامعة حيفا ثم مارست عملها كمعالجة للنطق واللغة، وهي متزوجة ويُدعى زوجها علي عقل، وهي أم لطفلين، محمد مضى عليه عشرة أعوام وعبد الرحمن مضى عليه سبعة أعوام، وهي فخورة بانتمائها الإسلامي العروبي الفلسطيني، وملتزمة بهذا الانتماء مظهرا وجوهرا وعبادة وعطاء بلا حدود، وهكذا نجحت الأخت آية أن تجمع بين كل صفات المرأة الحرة الملتزمة المتعلمة المعطاءة لشعبها، ونجحت أن تجمع بين أبعاد شخصيتها في تكامل متألق فهي أم وعاملة، وهي عابدة ومتعلمة، وهي ملتزمة ومكافحة، وهكذا قدّمت من نفسها النموذج المشرق للمرأة التي يحتاجها البيت والمجتمع والأمة، وهكذا دحضت من خلال شخصيتها قول كل من ادعى أن الإيمان والعبادة والالتزام مظهرا وجوهرا يؤدي بالمرأة نحو التخلف والانغلاق والقعود في البيت!!
نعم هي الأخت آية التي قدّمت من نفسها النموذج السامق للمرأة القادرة أن تهز مهد طفلها بيمينها وإلى جانب ذلك أن تهز بهذه اليمين المتوضئة مجتمعها وأن تمسح على جراحه وتجفف دموع آلامه وتشحذ همّة آماله وترسم الابتسامات على شفاه أطفاله وتهدهد بقلبها الرحيم وترسم الابتسامات على شفاه أطفاله وتهدهد بقلبها الرحيم الكبير على الأرملة واليتيم فيه، وعلى الجائع والمريض والفقير فيه، وعلى المحروم والمعوز وطالب العلم فيه.
ولذلك لا نبالغ إذا قلنا إن آية صاحبة قلب حي ينبض بالإنسانية، وهل ربّاها التزامها الإسلامي العروبي الفلسطيني إلا على خالص حب الخير والهداية والحرية والكرامة والسعادة لكل الإنسانية ولأنها صاحبة هذا القلب الإنساني المشع كمشكاة فيها زجاجة، فقد رهنت نفسها وجادت بأيامها ولياليها وصحتها وشبابها وعلمها ومواهبها كي تكون سفيرة للعمل الخيري بلا حدود، وكأني بها فارسة عطاء امتطت صهوة جوادها ولما تترجل عنه، بل راحت تجري من على جواد عطائها، ولسان حالها يردد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنفق يا بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالا)، فراحت تجوب من على جوادها بين غزة المحاصرة والقدس الموجوعة والضفة الغربية المحتلة، وكلما سمعت نواح أرملة ركضت نحوها من على جواد عطائها تصيح بفرح كبير: أبشري يا أختاه جاءك الغوث!! وكلما سمعت صراخ طفل كسير نادته من بعيد جئناك يا صغيري بالحليب والألعاب والحقيبة المدرسية!! وكلما سمعت أنين مريض هرعت نحو مصدر أنينه تلهث مرددة: لا ندعك لآلام جراحك ونزيف دمائك وأوجاع مرضك!! وكلما سمعت حسرة طالب علم ضاقت به الدنيا وحالت دون مواصلته لمسيرة تعليمه ركضت نحوه تفرّج كربه وتجدد همته وتشق له طريق طلب العلم حتى لو كان في الصين؟! فأي إنسانية إمرأة أرفع من هذه الإنسانية؟! وأي تقدمية إمرأة أرقى من هذه التقدمية؟! وأي عطاء أثرى من هذا العطاء؟! وأي دور امرأة أسمى من هذا الدور؟! وأي منزلة امرأة أرقى من هذه المنزلة!! ولأنها كذلك، ولأنها جمعت بين القول والعمل وبين الشعار والسلوك، وبين الالتزام الإسلامي العروبي الفلسطيني واستحقاقات هذا الالتزام فقد كسبت بجدارة ثقة أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني الممتد بين الجليل والمثلث والنقب والساحل!! وما أثمن هذه الثقة التي كسبتها، لأنها لم تطلبها من أحد، ولم تلجأ إلى شركة تسويق وإعلام حتى تدفع شعبنا لمنحها هذه الثقة، ولم تحرص على هذه الثقة أصلا، بل جاءت هذه الثقة تسعى إليها دون غيرها من آلاف النساء العاملات في جمعيات نسوية شتى، وفي الأخت آية يصدق قول القائل: الثقة هي لمن قيل له أو لها هي لك، وليس لمن قال أو قالت هي لي!! ومما ضاعف من جودة هذه الثقة التي خلعها شعبنا عليها من رأسها حتى أخمص قدميها، ومما جعل من هذه الثقة نادرة كندرة الكبريت الأحمر، أن أختنا المرابطة آية في بيتها ومجتمعها وشعبها والصابرة المصابرة على أثقال تضحياتها، كانت ولا تزال تقوم بهذا الدور اللامع كلمع البرق في ليل التائهين لوحدها، متوكلة على الله تعالى وواثقة بنفسها لا يهمها الطريق وإن طال أو قلَّ فيه السالكون وكثرت فيه الأشواك وتزاحمت على جانبيه أصوات المثبطين والمثبطات!! وهل الأخت آية بهذا النهج والمنهج الذي زيّنت به سيرها وسريرتها وعلانيتها إلا المناضلة الجادة إذا تحدثنا عن النضال، وهل هي إلا الصامدة المبصرة إذا تحدثنا عن الصمود؟! وهل هي إلا المكافحة الراشدة إذا تحدثنا عن الكفاح؟! وهل هي إلا العنوان المطلوب لدور المرأة المنشود الذي كثر الحديث عنه عبر أبواق العشرات من الجمعيات النسوية في الداخل الفلسطيني؟! وما ضرّها ولن يضرّها إذا قامت الأذرع الأمنية الإسرائيلية باعتقالها لأنها كذلك فجر الأثنين الموافق 17/2/2020، ولن يوهن من عزيمتها إذا قامت هذه الأذرع الأمنية الإسرائيلية بمنع طفليها محمد وعبد الرحمن من رؤيتها في جلسة تمديد اعتقالها يوم الخميس الموافق 5/3/2020، ولن يفت من عضدها أن تتجرأ هذه الأذرع التي قست قلوبها كالحجارة أو أشد قسوة برجمها بتهمة الإرهاب أو التواصل مع مؤسسات محظورة، سيما وأن هذه التهم باتت هي الماركة المسجلة لهذه الأذرع التي لها يد وليس لها فؤاد، بل إن هذه الأذرع نالت براءة اختراع لهذه الماركة المسجلة التي نحتتها من وحي شياطين إنسها وجنها، فباتت ترجم بها عن سبق إصرار وترصد كل من صاح: أنا الحر أو صاحت أنا الحرة، في هذا الزمان الذي ما عاد فيه سهلا على المرأة فينا أن تعيش فلسطينية حرة أو عروبية حرة أو مسلمة حرة، فإذا كانت القيود في أيدي الأحرار زينة فإنها في معصمي الأخت آية أساور، ولا أساور كسرى وقيصر، وإذا كانت أيام السجون على أكتاف أسرى وأسيرات الحرية تيجانا فإنها على كتفي الأخت الأسيرة آية نياشين كرامة وشهامة واستقامة لا تزول ولا تغيب، وإذا قال الغرب عندنا الأم تريزا فأننا نقول: عندنا الأخت آية!! نعم هي الأخت آية ولا فخر!! وهي المسلمة العروبية الفلسطينية ولا فخر!! وهي القابضة على ثوابتها والتزامها ودورها بفخر وصبر حتى لو كان حالها كالقابضات على الجمر!! وهي التي قال فيها الشاعر: هي حرة كنسائم الفجر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى