أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لجنة المتابعة أمام معضلة وطنية

صحيفة المدينة
حتى لا يقول كل مراقب موضوعي عاقل إن لجنة المتابعة لم تعد بعد القائمة المشتركة كما كانت قبلها وذلك لسبب جوهري جعل لجنة المتابعة اليوم أمام قرار مصيري، ولأنه مصيري فإنه يحدد بلا مجاملة هل ستبقى لجنة المتابعة أم ستنهي دورها، وإذا اختارت أن تبقى فهل ستبقى هي لجنة المتابعة ذات النفس المنضبط مع ثوابتنا الدينية والوطنية أم ستصاب بأعراض صناديق الدعم الصهيونية الأمريكية وتبعات هذه الصناديق وتأثيرها على خطاب وقرارات ومواقف لجنة المتابعة، ومفاد هذا السبب الجوهري أن لجنة المتابعة قامت يوم أن قامت ثم واصلت سيرها حتى الآن وهي متمسكة بشرط واضح لعضوية كل عضو فيها، وهي مصيبة وصادقة في هذا الشرط ومحتوى هذا الشرط أن لجنة المتابعة لا تقبل بعضويتها كل من هو منخرط في حزب صهيوني بغض النظر عن اسم هذا الحزب وعن اسم هذا العضو وعلى هذا الأساس حدثت مشادات حامية الوطيس بين أعضاء من لجنة المتابعة الشرعيين وفق هذا الشرط الأساس في عضوية لجنة المتابعة وبين شخصيات عربية من الداخل الفلسطيني كانت تنتمي لأحزاب صهيونية ورغم ذلك حاولت أن تنضم كأعضاء إلى لجنة المتابعة، وكان أكثر أعضاء لجنة المتابعة تمسكا بهذا الشرط ثم إصرارا على التقيد به هم الرفيق عوض عبد الفتاح عن التجمع والرفيق رجا اغبارية عن أبناء البلد والرفيق محمد ميعاري عن الحركة التقدمية ثم عن التجمع، ولذلك فقد شهدت بعض جلسات لجنة المتابعة السابقة مشادات ساخنة كادت أن ترفع فيها الأيدي بين أحد هؤلاء الرفاق وبين أحد أعضاء الأحزاب الصهيونية الذين حاولوا طوال الوقت الانضمام كأعضاء إلى لجنة المتابعة، وهكذا ساهمت تلك المشادات الساخنة بالحفاظ على لجنة المتابعة الواضحة والصادقة مع نفسها قبل أن تكون واضحة وصادقة مع جماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني، وهكذا ظلت لجنة المتابعة هي لجنة المتابعة الواقفة عند شروط عضويتها والمتمسكة بثوابتنا الدينية والوطنية، ولا تزال لجنة المتابعة كما هي حتى الآن، ولكنها أمام قرار مصيري بعد مرحلة القائمة المشتركة وما جاءت به هذه القائمة من علاقات جديدة مستهجنة ومرفوضة إلى جانب خطابها ومواقفها المرفوضة التي باتت تصب في الأسرلة والأمركة وهي أخطر من انخراط شخصية عربية في حزب صهيوني ثم محاولته الانضمام كعضو إلى لجنة المتابعة، وتوضيحا وتفصيلا لما ورد سابقا هاكم هذه الملاحظات:
تتكون لجنة المتابعة في الأساس من سكرتارية اللجنة القطرية وممثلين عن الأحزاب والحركات العربية في الداخل الفلسطيني ومن أعضاء الكنيست العرب غير المنتمين إلى أحزاب صهيونية.
على هذا الأساس وفي ظاهر الأمر ولأول وهلة فإن أعضاء الكنيست الخمسة عشر عن القائمة المشتركة يعتبرون تلقائيا أعضاء في لجنة المتابعة لأنهم يمثلون قائمة عربية غير منتمية إلى أحزاب صهيونية.
وأما كل من أعضاء الكنيست حمد عمار عن (إسرائيل بيتنا) وفطين ملا عن (الليكود) وغدير مريح عن (كاحول لفان) فإنهم تلقائيا لا يعتبرون أعضاء في لجنة المتابعة لأنهم كما نلاحظ ينتمون إلى أحزاب صهيونية.
ولكن الأمور لا تقف عند هذا التسطيح والتبسيط الشكلي، لأننا لو عدنا إلى خطاب ومواقف القائمة المشتركة السابقة لوجدنا أنها لم تختلف عن مواقف عضو الكنيست غدير مريح عن (كاحول لفان) فكلاهما قد أوصى بالجنرال غانتس رئيسا للحكومة الإسرائيلية، وكلاهما أبدى الاستعداد للانخراط في ائتلاف حكومي إسرائيلي برئاسة غانتس، وهذا يعني أن مآل عضوية القائمة المشتركة وغدير مريح في الكنيست قد صبّ في نتيجة واحدة، تعني قبول الانتماء إلى حكومة صهيونية برئاسة رئيس عن حزب صهيوني، وهذا الانتماء بهذه الكيفية هو أشد من الانتماء إلى مجرد حزب صهيوني كما حال حمد عمار وفطين ملا وغدير مريح.
فإذا كان الانتماء إلى حزب صهيوني يحرم صاحبه من الانتماء كعضو إلى لجنة المتابعة أليس من باب أولى أن الانتماء إلى حكومة صهيونية برئاسة رئيس عن حزب صهيوني يجب ان يحرم صاحبه من الانتماء كعضو إلى لجنة المتابعة بناء على شرط لجنة المتابعة الذي يقول إنها لا تقبل في عضويتها كل من هو منخرط في حزب صهيوني، حيث ان الانخراط في حكومة صهيونية هو أشد من الانخراط في حزب صهيوني.
ومما زاد الطين بلة في خطاب ومواقف القائمة المشتركة أنها قدّمت القضايا المطلبية على القضايا الوطنية، وهي الأسرلة بعينها، فإذا كانت القائمة المشتركة قد اختارت لنفسها هذا الطريق الموصل إلى الأسرلة، فقد أصبحت هي في حال لا يختلف كثيرا عن حال كل من حمد عمار عن (إسرائيل بيتنا)، وفطين ملا عن (الليكود)، وغدير مريح عن (كاحول لافان) حيث أن كلا من هؤلاء الثلاثة قد قدّم القضايا المطلبية على القضايا الوطنية، ولم يجد حرجا أن ينتمي إلى حزب صهيوني، وهكذا كان مآل القائمة المشتركة عندما قدّمت القضايا المطلبية على الوطنية. وهو منهج عمل غير مسبوق لا يتفق مع منهج عمل لجنة المتابعة ولا يمكن الجمع بينهما لأنهما ضدان لا يلتقيان فكيف يمكن الانسجام بعد الآن في لجنة المتابعة بين القائمة المشتركة التي اختارت طريق الأسرلة وقدّمت المطلبي على الوطني وبين الكثير من أعضاء المتابعة الذين لا يعترفون أصلا بلعبة الكنيست ويرفضون رفضا قاطعا واضحا التعاطي مع طريق الأسرلة وأصحاب هذه الطريق وتبعاتها.
ثم ممّا زاد الطين بلة أن القائمة المشتركة رضيت لنفسها أن تتلقى دعما ماليا بملايين الدولارات من صناديق دعم صهيونية أمريكية رغم أنها تعلم أن لهذه الصناديق أجندتها التي تسعى إلى تمريرها عبر القائمة المشتركة، فإذا كان مجرد الانتماء إلى حزب صهيوني يحرم صاحبه من الانتماء كعضو إلى لجنة المتابعة أليس من باب أولى أن تنطبق هذه القاعدة على كل من يقبل بدعم مالي بملايين الدولارات من صناديق دعم صهيونية أمريكية، لأن الانتماء إلى حزب صهيوني يدفع صاحبه إلى تطبيق أجندة هذه الحزب من حيث يقصد أو لا يقصد، وكذلك القبول بهذا الدعم المالي من هذه الصناديق يدفع المدعوم إلى تطبيق اجندة هذه الصناديق من حيث يقصد أو لا يقصد.
بناء على كل ما ورد أعلاه فإن الخلاف لم يعد مجرد خلاف (شخصي شكلي) أو (حزبي شكلي) في لجنة المتابعة بين معسكر يرفض أصلا لعبة الكنيست ومعسكر آخر يصرّ على الانخراط في لعبة الكنيست، لم يعد الخلاف بهذه السطحية بين هذين المعسكرين، بل إن المعسكر الذي يصر على الانخراط في لعبة الكنيست قد اختار طريق الأسرلة والأمركة علانية، وفي المقابل فإن المعسكر الذي يرفض لعبة الكنيست فإنه يرفض بداهة الأسرلة والأمركة ويتمسك بالثوابت التي قامت عليها لجنة المتابعة، فكيف لهذين المعسكرين أن يلتقيا بعد اليوم في لجنة المتابعة، إذا أصبح منهج كل من هذين المعسكرين ضدين لا يلتقيان.
ولذلك راح البعض يردد بعد انتهاء انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة رقم (23) راح البعض يردد بطيب نية مبينا أن انتخابات لعبة الكنيست رقم (23) قد انتهت، وانتهى الخلاف بين من يؤيد لعبة الكنيست ويرفضها، وأصبحت من وراء ظهورنا، وبات المطلوب التمسك بالوحدة والتعاون على حمل هموم كل قضايا جماهيرنا الكادحة!!
وليست القضية بهذا التبسيط والتسطيح، إذ كيف لوحدة أن تتحقق بين منهجين ضدين أحدهما يرفض الأسرلة والأمركة والثاني يسير في طريقها، وكيف لتعاون أن يتم بين منهجين ضدين أحدهما يقدم الوطني على المطلبي والثاني يقدم المطلبي على الوطني!!
لكل ما ورد أعلاه فإن لجنة المتابعة تمر الآن في حالة مصيرية، تكاد أن تكون معضلة وطنية والمطلوب من لجنة المتابعة ألا تتحول هذه المعضلة الوطنية إلى كارثة وطنية، ودفعا لأي سوء ظن نؤكد أننا لا نتحدث عن أشخاص في هذا المعسكر أو ذاك في لجنة المتابعة، ولا نتحدث عن مصير رئيس لجنة المتابعة وأعضائها، بل نتحدث عن مصير رئاسة لجنة المتابعة وعضويتها وشخصيتها الاعتبارية، وعن نظام عملها ودورها ورمزيتها وماذا تعني لنا في الداخل الفلسطيني.
وهنا قد ترتفع أصوات مدّعية أن جماهيرنا قالت كلمتها في انتخابات لعبة الكنيست رقم (23)، ونحن بدورنا نقول قد قالت كلمتها في لعبة الكنيست، ولم تقل كلمتها في لجنة المتابعة، ثم إذا قالت كلمتها بالتصويت المباشر في لعبة الكنيست فلماذا لا تقول كلمتها بالتصويت المباشر في لجنة المتابعة، ولماذا لا تجري انتخابات مباشرة للجنة المتابعة رئاسة وعضوية، إذا بات الكل يدّعي أنه أبو هذه الجماهير، وعندها ألف مبروك لمن ستختاره هذه الجماهير رئاسة وعضوية في انتخابات مباشرة للجنة المتابعة لا أثر فيها لصناديق دعم صهيونية أمريكية.
وقد ترتفع أصوات وتقول: إن الاستطلاعات تؤكد أن أكثر من 70% من جماهيرنا الكادحة تؤيد تقديم المطلبي على الوطني، وتؤيد التوصية بغانتس رئيسا للحكومة، ونحن بدورنا نقول: لماذا هذا التخفي خلف استطلاعات ظنية وقد تكون محد دة النتائج سلفا؟! لماذا لا نعتمد على قاعدة واضحة وهل هناك أوضح من انتخاب مباشر للجنة المتابعة؟!
نحن على يقين أننا لو تجردنا من هوانا الشخصي أو الحزبي، ولو وضعنا مصلحة جماهيرنا قبل مصلحة الأنا فينا، وقبل مصلحة نحن في أحزابنا، وقبل الهرولة نحو صناديق الدعم الصهيونية الأمريكية، وقبل استباحة الأسرلة والأمركة، وقبل الإصرار على خوض لعبة الكنيست بكل ثمن، لو تجردنا من كل هذه الحجب التي تمنعنا من رؤية الحقيقة لوجدنا أننا نعيش الآن في معضلة وطنية، وقد رمتنا بها لعبة الكنيست، ولو لم تكن للعبة الكنيست إلا هذه السلبية المصيرية لوجب علينا نبذها فورا، لو تجردنا من كل هذه الحجب لوجدنا أن الخطوة الأولى للخروج من هذه المعضلة الوطنية قبل أن تنقلب إلى كارثة وطنية هي انتخاب مباشر للجنة المتابعة عضوية ورئاسة. مع التأكيد أن هذا الانتخاب المباشر ليس كل شيء ولكنه منطلق لا بد منه، قبل أن تضيع طريقنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى