أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

وين رايحين

توفيق محمد
شارك الحزب الشيوعي الإسرائيلي ولاحقا بعض المكونات الحزبية في المجتمع العربي في انتخابات الكنيست منذ تأسيسها، أما الحزب الشيوعي الإسرائيلي، فكان على قناعة تامة أنه جزء من المجتمع الإسرائيلي، وان على الدولة ان تعمل على دمج المجتمع العربي في المجتمع اليهودي، ولذلك فإن توفيق طوبي قد غضب الى درجة العتاب من على منصة الكنيست على عدم إحالة قانون الخدمة العسكرية على الشباب العرب أسوة بالشباب اليهود، كما وأعلن موقفه وموقف حزبه الواضح من الدفاع عن إسرائيل في حال تعرضها لاعتداء الرجعية العربية، وقد جاء في خطابه في الكنيست المنشور في صحيفة حزبه الناطقة بالعبرية “كول هعام” في تاريخ 22/11/1949 ما يلي: “وعلى غرار كلّ المواطنين المستقيمين في الدولة، سنحارب من أجل استقلال إسرائيل وسيادة دولة إسرائيل. إنّنا سنحارب، دون أيّة تحفّظات، جميع أعداء استقلال دولة إسرائيل، أكان هذا عبد الله، فاروق، أو أيّ حاكم آخر من بين أصدقائهم الرجعيين. لقد أثبتنا ذلك في الماضي وسنثبت ذلك مرّة أخرى في المستقبل، بأنّنا سنحارب بكلّ ما أوتينا من قوّة ومن إيمان لأجل استقلال، وأمن وسيادة دولة إسرائيل.”
ولذلك لن أستغرب من مواقف أحفاده السياسيين المتهالكين على “التأثير” على السياسة الإسرائيلية من خلال التوصية على بيني غانتس، رغم الإجماع الصهيوني على إخراجهم هم وكل مكونات القائمة المشتركة خارج الشرعية السياسية الإسرائيلية، وكما قال عضو الكنيست عن حزب الليكود ميكي زوهر عن القائمة المشتركة وأعضاء الكنيست العرب إن شرعيتهم تتوقف عند انتخابهم للكنيست فقط.
ورغم قناعتي التامة بعدم جدوى الكنيست وبخطورتها على المشروع الوطني الفلسطيني، وعلى صياغة الوعي الجماعي لمجتمعنا وتذويبه، بل وصهره في بوتقتها، وخلق العربي الإسرائيلي، والعربي الوطني الإسرائيلي والعربي القومي الإسرائيلي والعربي المسلم الإسرائيلي، مقابل ميزانيات وتمويل سواء من الكنيست ذاتها أو من الصناديق الأمريكية والصناديق الصهيونية الأمريكية، فإنني أعتقد أن بعض فتات إنجازات قد توضع بين أيدي أعضاء الكنيست على المستوى البلدي الذي هو في الأصل من اختصاص السلطات المحلية.
درجت الأحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست على عدم المشاركة في أي من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وعلى عدم التوصية على أي من المتنافسين على رئاسة الحكومة الإسرائيلية منطلقين من أن المشاركة في ذلك يعني المشاركة في المسؤولية عن كل الجرائم التي قد تقترفها تلك الحكومات بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وبحق قضايانا المختلفة، خلا حكومة رابين الثانية التي قامت بأصوات الحزب الشيوعي الإسرائيلي والحزب الديموقراطي العربي في العام 1993 حيث شكل الحزبان الجسم المانع لسقوطها دون ان يكونا شريكين فيها.
اليوم ورغم الإجماع الصهيوني على اعتبار أعضاء الكنيست العرب خارج الشرعية السياسية، إلا أن القائمة المشتركة تسعى لأن تكون بمثابة “المحلل” لحكومة محتملة لغانتس، فيما إذا نجح بإقناع “يوعاز هندل” و”تسفيكا هاوزر” القادمين من الليكود بقبول أصوات هذا “المحلل” ، وباتت أموال الصناديق التي عملت بالأمس لتشجيع التصويت في المجتمع العربي تنشئ عشرات صفحات التواصل الاجتماعي التي تدعو الى ضرورة أن يكون أعضاء الكنيست العرب مؤثرين في السياسة الإسرائيلية، بل إن بعض “المفتين” وتحت توقيع عضو هيئة العلماء والدعاة في فلسطين يكتب ما يلي: “المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل الفلسطيني أتم دوره بنجاح وأوصل الى الكنيست 15 عضوًا …. كل من صوّت للقائمة المشتركة كان له هدف التأثير وملامسة التغيير… عليكم أن تصنعوا التغيير، عليكم ان تملكوا زمام المبادرة بلا خوف ولا خجل ولا استحياء بل بإعلان ذائع مستفيض، أنتم في الكنيست ليس لإسماع شعارات أو الجلوس في المعارضة.. كل ناخب صوّت لكم يريد التغيير ويريد التأثير، انتهى عهد الشعارات وانتهى عهد المصالح الضيقة، فإما ان تكونوا مؤثرين او لا تكونوا في الكنيست أصلا، أنتم في مهمة فاجعلوها تحقق أهدافها…”
فاذا كانت المشاركة في الكنيست أصلا تجعلك مسؤولا وشريكا في كل القوانين التي تُسن هناك ولو صوتَّ ضدها فإنك في حال المشاركة والانتقال من صفوف المعارضة الى صفوف الحكومة ستكون مسؤولا وشريكا في كل جريمة سترتكبها هذه الحكومة بحق أبناء شعبك، وستكون مسؤولا وشريكا في هدم أي بيت عربي في مجتمعك، وستكون مسؤولا وشريكا في أي ظلم قد يقع على أهلك وشعبك، وستكون مسؤولا وشريكا في كل الملاحقات السياسية التي يتعرض لها أبناء شعبك، وستكون مسؤولا وشريكا في حملات تضييق الحريات وتكميم الافواه واعتقال القيادات والنشطاء التي يتعرض لها أبناء شعبك على خارطة الوطن التاريخية ولن يكون بإمكانك التأثير على أي منها أو منع أي منها، لان تلك سياسة دولة وليست سياسات أحزاب.
لقد انهارت الحدود عند بعض أبناء شعبنا، ولم تعد مسألة المشاركة في الحكومة الإسرائيلية بكل ما تحمله من تبعات تشكل خدشا في الإلتزام الوطني، إنما باتت لدى الوطنيين الجدد ضرورة وطنية وبطولة يقدم عليها أعضاء المشتركة، ويتحملون في سبيلها سيل العنصرية المنفلت والذي بالمناسبة يفصح عن مدى الكراهية والحقد الذي يكنه الآخر للمجتمع العربي عموما، وليس الأمر مقتصرا على حزب الليكود وكتلته، بل إن يئير لبيد، وهو رئيس حزب “يوجد مستقبل” والمرشح الثاني في “كحول لافان”، يعتبر أن دور أعضاء القائمة المشتركة ينتهي عند التوصية على غانتس والتصويت لتثبيت حكومته، فيما لو تمت، وبعد ذلك ينتقلون الى الشرعية الوحيدة المعترف لهم بها وهي ما أقرها عضو الكنيست الليكودي ميكي زوهر أعلاه بانها تنتهي عند دخول الكنيست.
من خلال استقراء لدستور لجنة المتابعة العليا ولعملها ولعملية الفصل بينها وبين اللجنة القطرية فانه يتبين ان عمل لجنة المتابعة يتركز على وضع نهج التصرف السياسي والوطني العام للجماهير العربية في بلادنا وأنها ليست في خانة التوصية او المشاركة في الحكومات الإسرائيلية وهذا هو موقف رئيس لجنة المتابعة السيد محمد بركة، فهو ما يزال من البقية الباقية ممن يسبق حسهم الوطني حاجتهم المطلبية، ولذلك أعتقد ان الموقف في هذا المفرق التاريخي من حياة شعبنا يجب أن يكون واضحا… للحديث بقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى